" إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن الغيوب المستقبلة "
" إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن الغيوب المستقبلة "
لقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما يكون إلى قيام السَّاعة، وذلك مما أطلعه الله عليه من الغيوب المستقبلة، والأحاديث في هذا الباب كثيرة جدًا، حتى بلغت حد التواتر المعنوي (الشفا بتعريف أحوال المصطفى للقاضي عياض، تحقيق محمد أمين قره علي وزملائه).
فمنها ما رواه حذيفة رضى الله عنه قال: " لقد خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم خطبة ما ترك فيها شيئًا إلى قيام السَّاعة إلا ذكره؛ علمه من علمه، وجهله من جهله، إن كنت لأرى الشيء قد نسيتته، فأعرفه كما يعرف الرجل الرجل إذا غاب عنه فرآه فعرفه " (صحيح البخاري).
وقال رضى اله عنه: " أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هو كائن إلى أن تقوم السَّاعة، فما منه شيء إلا قد سألته؛ إلا أني لم أسأله: ما يخرج أهل المدينة من المدينة؟ " (صحيح مسلم).
ولم يكن ذلك خاصًا بحذيفة رضى الله عنه، بل لقد خطب النبي صلى الله عليه وسلم يومًا كاملًا؛ ليبين للصحابة رضى الله عنهم ما كان وما سيكون إلى قيام السَّاعة.
فقد روى أبو زيد عمرو بن أخطب الأنصاري رضى الله عنه قال: " صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر، وصعد المنبر، فخطبنا حتى حضرت الظهر، فنزل، فصلى، ثم صعد المنبر، فخطبنا حتى حضرت العصر، ثم نزل، فصلى، ثم صعد، فخطبنا حتى غربت الشمس، فأخبرنا بما كان وبما هو كائن، فأعلمنا أحفظنا " (صحيح مسلم).
وقال حذيفة بن اليمان رضى الله عنه: " والله إنني لأعلم الناس بكل فتنة هي كائنة فيما بيني وبين السَّاعة، وما بي إلا أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أسر إلي في ذلك شيئًا لم يحدثه غيري، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يحدث مجلسًا أنا فيه عن الفتن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعد الفتن: " منهن ثلاث لا يكدن يذرن شيئًا، ومنهن فت كرياح الصيف؛ منها صغار، ومنها كبار ".
قال حذيفة: " فذهب أولئك الرهط كلهم غيري " (صحيح مسلم).
فهذه أدلة صحيحة على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر أمته بكل ما هو كائن إلى قيام السَّاعة مما يخصهم.
ولا شك أن أشراط السَّاعة قد نالت من الإخبار بالغيب النصيب الأوفر، ولهذا جاءت أحاديث أشراط السَّاعة كثيرة جدًا، ورويت بألفاظ مختلفة؛ لكثرة من نقلها من الصحابة رضى الله عنهم.
مختارات