" المحروم من الحوض "
" المحروم من الحوض "
ومما يجدر التنبيه إليه إضافة إلى ما سبق ذكره أن الابتداع في الدين والإحداث فيه من أعظم الأمور المخالفة للاستقامة؛ سواء البدعة في العقيدة – وهي أخطرها وأعظمها – أو العبادة؛ سواء في أصلها أو وصفها؛ فكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، «ومن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» (متفق عليه).
والبدعة هي: الطريقة المخترعة في الدين تضاهي الشريعة يقصد بها التقرب إلى الله ولم يقم على صحتها دليل شرعي صحيح أصلاً أو وصفًا (انظر: رسالة البدعة وأثرها السيئ على الأمة، للهلالي، فقد نقل هذا التعريف عن الشاطبي في «الاعتصام»).
ويكفي في عظم وخطورة هذا الأمر: أن المبتدع في حقيقة أمره ولسان حاله متهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالخيانة كما قال مالك إمام دار الهجرة: من ابتدع في الإسلام بدعة يرى أنها حسنة، فقد زعم أن محمدًا قد خان الرسالة، ثم قال بعد أن ذكر آية المائدة: فما لم يكن يومئذ دينًا فلا يكون اليوم دينًا. اهـ؛ لأن الدين قد كمل، والشرع قد تم؛ فمن ابتدع وزاد في الدين فقد اتهم الرسول بعدم التبليغ؛ لأن الله يقول: " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ " [المائدة: 3].
ويقول: " يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ " [المائدة: 67].
ولو علم المبتدعة هذا وفهموه لكفوا عن بدعهم، والله المستعان، والمبتدع محروم من حوض المصطفى صلى الله عليه وسلم كما في أحاديث الحوض والشرب منه، عندما يُرَدُّ أقوام عن الحوض، ويسأل المصطفى ربه – عز وجل -: «يا رب أمتي أمتي» وفي رواية: «أصحابي» فيقال: لا تدري ما أحدثوا بعدك فيقول: سحقًا سحقًا لمن بدل بعدي (رواه مسلم).
فالبدعة خطرها عظيم وأثرها على الأمة جسيم، عافانا الله منها أجمعين، وقد كتب علماؤنا – رحمهم الله – الكثير الكثير عن البدعة ومعناها، وأدلة تحريمها، وخطورة أمر المبتدع، وعاقبته السيئة، ويكفي أن عمله مردود عليه، وأنه يحمل إثم كل من تبعه، وحرمانه من الحوض، وعدم قبول توبته ما لم يرجع، وأنه ملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم وغير ذلك، وكتبوا عن المبتدعة وأحكامهم وعن البدع القديمة والمعاصرة، فنكتفي بما ذكروه – رحمهم الله – ونرشد المسلم المبتدئ إلى قراءة ما كتبه الأخ الشيخ/ سليم الهلالي في رسالته الميسرة لكل قارئ: «البدعة وأثرها السيئ في الأمة» فقد ذكر تعريفها، وحكمها، ورد على بعض الشبهات، وأجاب عنها، وبيَّن وجوب معرفة البدع، وأسباب الابتداع، وخطورتها، وكيف نتعامل مع أهلها، فجزاه الله خيرًا.
مختارات