" البسملة لدى القراء والفقهاء والمحدثين وعلماء عد الآي "
" البسملة لدى القراء والفقهاء والمحدثين وعلماء عد الآي "
وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: البسملة عند القراء
أولًا: أول السورة: أجمع القراء العشرة على الإتيان بالبسملة عند الابتداء بأول كل سورة عدا براءة، بأن كان القارئ قد تنفس في نهاية السورة التي قبلها، وابتدأ بالسورة التي بعدها، أو كان مبتدئًا للقراءة أصلًا، وهذا حكم عام في جميع السور ولاسيما الفاتحة.
ثانيًا: في وسط السورة: وأما الابتداء بأواسط السور فيجوز لكل القراء الإتيان بالبسملة أو تركها، لا فرق بين براءة وغيرها.
ثالثًا: بين السورتين: وأما حكم ما بين كل سورتين، فاختلف القراء فيه على النحو التالي:
1- قرأ قالون وابن كثير وعاصم والكسائي وأبو جعفر بالفصل بالبسملة بين كل سورتين.
2- وقرأ حمزة وخلف بوصل السورتين من غير البسملة.
3- وورد عن ورش وأبي عمرو وابن عامر ويعقوب ثلاثة أوجه وهي:
(أ) البسملة (ب) السكت من غير تنفس ولا بسملة (ج) وصل السورتين بدون بسملة.
ولا خلاف في أن البسملة جزء آية في سورة النمل، ولا خلاف في تركها من أول براءة لجميع القراء.
رابعًا: أوجه ما بين السورتين:
إذا وصل القارئ آخر السورة بالتي بعدها أو غيرها سوى براءة فله ثلاثة أوجه:
1- قطع الجميع: أي قطع السورة عن البسملة عن أول السورة التالية.
2- قطع آخر السورة، ووصل البسملة بأول السورة الأخرى، سواء التي تليها أم لا.
3- وصل الجميع: أي وصل آخر السورة بالبسملة بأول السورة التي تليها.
ويمتنع وصل آخر السورة بالبسملة والوقف عليها، ثم الابتداء بأول السورة؛ لأن البسملة لأول السور لا لأواخرها.
خامسًا: أوجه ما بين الأنفاق وبراءة: إذا وصل القارئ آخر الأنفال بأول براءة فله ثلاثة أوجه:
1- وصل آخر الأنفال بأول التوبة بدون بسملة.
2- الوقف مع التنفس على آخر الأنفال ثم بدء براءة بدون بسملة.
3- قطع الصوت بدون تنفس على آخر الأنفال لمدة يسيرة، ثم الإتيان بأول براءة بدون بسملة.
أما إذا وصل القارئ أول سورة براءة بآخر سورة مما بعدها على غير ترتيب المصحف (كآخر الكهف مع أول براءة) فليس له إلا القطع، ويمتنع الوصل والسكت؛ لعكس ترتيب المصحف، وكذلك لو كرر السورة نفسها (الشيخ عبد الفتاح المرصفي، «هداية القارئ» والتجويد الواضح للمؤلف).
وهذه الأوجه جائزة بين آخر آية سورة قبل براءة وبينها.
وترك البسملة في أول سورة براءة، لعدم تواتر الرواية بها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولترك كتابتها في المصحف، فقد حذفت لحذفها منه، وتقرأ في سائر السور لثبوتها فيها.
أما علة الحذف؛ فقيل: لأن البسملة آية أمان، وبراءة نزلت لنقض عهد المشركين، وإعلان الحرب عليهم، وهذا لا يتناسب مع الأمان، فالبسملة رحمة وبراءة عذاب (ورد هذا عن ابن عباس وأنه سأل علياً فأجابه بذلك، انظر: الشيخ عبد الفتاح القاضي «الوافي بشرح الشاطبية» وانظر: «الكشف عن وجوه القراءات السبع»).
وعدم وجود البسملة في أولها أمر توقيفي بتعليم الله لرسوله، وترتيبها بعد سورة الأنفال ثابت من العرضتين الأخيرتين للقرآن بين جبريل والرسول صلى الله عليه وسلم، إذ عارضه القرآن كله في شهر رمضان الذي كان قبل موته صلى الله عليه وسلم وفق ترتيب آيات سور المصحف كما هي عليه الآن، والأثر الوارد عن عثمان في ذلك وهو أن الرسول صلى الله عليه وسلم مات دون أن يبين موضع سور براءة من القرآن أثر غير صحيح.
مختارات