" من أسباب دفع العقوبات : الاستغفار "
" من أسباب دفع العقوبات: الاستغفار "
هو طلب المغفرة، وهي الستر والتغطية، ومحو آثار المعاصي، مأخوذ من الغفر، ومنه المغفر الذي يلبس تحت البيضة والاستغفار هو طلب ستر الذنوب، ومحو آثارها، وعدم العقوبة عليها.
وقد ورد ذكر الاستغفار في القرآن الكريم في أكثر من خمسين موضعًا، وسمى الله لنفسه بأسماء تدل على ذلك، مثل الغفور، والرحيم، والتواب، ترغيبًا لعباده، وطلبًا منهم أن يكثروا من الاستغفار ويذللوا ألسنتهم بهذه العبادة العظيمة التي تشعر العبد بأن له ربًّا يأخذ بالذنب ويعاقب عليه.
والاستغفار سبب عظيم من أسباب تحصيل الخير، ودفع الشر في الدنيا والآخرة، قال تعالى: " وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى " [هود:3].
ففي هذا تنبيه إلى جميل عواقب الاستغفار، وأنه من أسباب المتاع الحسن، والفسح في الأجل، وزيادة الفضل.
والاستغفار سبب للمدد والعطاء في المال والولد والثمرات، ونزول البركات من السماء على الأرض، قال تعالى: " فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا " [نوح:10- 12].
فمن ثمرات الاستغفار تحصيل المغفرة، ونزول الغيث، وزيادة في الأموال والأولاد، والبركات في الثمار والأقوات، وكذلك سبب للقوة وزيادتها، قال تعالى في قصة هود مع قومه: " وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ " [هود:52].
فكما أنه يزيد في أمور الدنيا فهو معونة في الآخرة على الشدائد، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «طوبى لمن وَجَدَ في صحيفته استغفارًا كثيرًا» [صحيح الجامع، رقم:3825].
فالاستغفار يزيد العبد قوة في جسده، فيتمتع بجوارحه وحواسه وعقله، وكذلك هو قوة له على طاعة ربه، فهو قوة على كل خير في العاجلة والآجلة.
وكذلك تركه والتهاون به سبب في نزول العذاب من الله على البلاد والعباد، قال الله تعالى: " وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ " فالاستغفار أمان لأهل الأرض من نزول العذاب، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم، أمان لهم، فالله أعطى هذه الأمة أمانين؛ أعطاها أمانًا مضى، وهو وجود النبي صلى الله عليه وسلم، بين ظهرانيهم، وأمانًا باقيًا إلى آخر الدهر، وهو الاستغفار.
قال تعالى: " لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ " [النمل:46] فالاستغفار سبب للرحمة، ومن رحمه الله لم يهلكه.
وقد ورد الحث على الاستغفار بعد كل عبادة من صلاة، وصيام، وحج، وجميع العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، لجبر ما يحصل بها من النقصان، قال تعالى حكاية عن إبراهيم وابنه إسماعيل، عليهما السلام: " وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ " [البقرة: 127، 128].
مختارات