" التَّـواب "
" التَّـواب "
تَوَّابٌ على مَنْ تاب من عباده المذنبين؛ وصيغة المبالغة بمعنى كلما تكررت التوبة تكرر القبول، يقابل الخطايا الكبيرة بالتَّوبة الواسعة.
التوبة: تركُ المعصية والرُّجوعُ للطَّاعة.
اقترانُ التَّوَّاب بالحكيم والرَّحيم جاء لأنَّه:
تَوَّابٌ على مَنْ يَعود عن المعاصي، حكيم فيما فرض من الحدود ما يُكَفِّرُ به عن عباده من الذُّنوب، وعذابُ الدُّنْيا أهونُ من عذاب الآخرة، مع منحهم الفرصة بإمهالهم للتَّوبة.
رحيم بهم؛ فلا يَخْذل من جاء تائبًا ولو بلغت ذنوبُه عنانَ السَّماء، ولا يعاقبهم بعد العقوبة؛ فقبوله – تعالى - للتَّوبة على سبيل التَّرَحُّم والتَّفَضُّل لا على سبيل الوجوب.
وتوبةُ الله على عبده نوعان:
1- توفيقُه للتوبة.
2- قبولها وإجابتها؛ فإنَّ التوبةَ النَّصوح تَجُبُّ ما قبلها.
أثر الإيمان بالاسم:
-الله تعالى لا يفضح الذنوب ابتداءًا؛ ليكون ذلك عونًا على التوبة.
-من فضل الله العظيم أن توبةَ الله على العبد ليست بمحو السَّيِّئة فقط؛ بل إبدالُها بحسنة؛ فلو كسب من ذنب ما 100 سيئة ثم تاب إلى الله توبة نصوحة لا تتحول إلى صفر كما يعتقد البعض؛ بل تصبح 100 حسنة " يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ".
- بَيَّنَ اللهُ ذلك في أناس بلغت ذنوبُهم حَدَّ الكبائر: " وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا " [الفرقان: 68، 69]، ثم جاء الاستثناء الإلهيُّ الرَّحيم مشروطًا بثلاثة شروط: أَوَّلُها بالتَّوبة: " إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا " [الفرقان: 70].
- قَسَّمَ اللهُ العبادَ إلى تائب وظالم لا ثالث لهم، وسُمي ظالمًا لجهله بحقِّ ربِّه وبحقِّه وبعيب نفسه وآفات عمله؛ ومن هنا جاء حَثُّ الرَّسول صلى الله عليه وسلم لأُمَّته: «يا أيهَا الناسُ تُوبُوا إلى الله فَإني أَتوبُ في اليوم إليه مائَةَ مرة»(مسلم).
- التوبةُ واجبةٌ على كُلِّ عبد لا يَصحُّ أن يَنْفَكَّ منها بأيِّ حال من الأحوال، وأفضلُ الناس هم مَنْ قام بها وبحَقِّها؛ " وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " [النور: 31]، و(لعلكم) مشعرةٌ بالتَّرَجِّي؛ أي إذا تبتم كنتم على رجاء الفلاح؛ فلا يرجو الفلاحَ إلا التَّائبون.
- إذا تَخَلَّى العبدُ عن التَّوبة صار ظالمًا لنفسه؛ " وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ " [الحجرات: 11].
- التوبةُ من أنفع الأمور للعبد؛ فقد يبتلي الله عبدَه المؤمنَ دفعًا له للتَّوبة لتكمل عبوديَّتُه بتضرُّعه وتقرُّبه لله وشكر نعمه عليه؛ فلا يزول عن العبد ما يكره إلا بالتَّوبة.
شروط التَّوبة:
1- ترك الذنب. 2- العزيمة على ترك المعاودة.
3- الندم عليه. 4- استبداله بعمل صالح.
- كلُّ مَنْ تاب توبةً نصوحة لله تاب الله عليه، وكلما ازداد العبدُ توبةً واستغفارًا لله ازداد قربًا لله ورفعة.
- التوبةُ ليست نقصًا؛ بل هي الكمال الذي يحبه الله ويأمر به؛ " إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ " [البقرة: 222] وهي الخير الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم: «كُلٌُّ ابن آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائينَ التَّوَّابُونَ» (الترمذي).
- حرص الأنبياء على التوبة مع عصمتهم؛ كما دعا إبراهيم وإسماعيل: " وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ " [البقرة: 128]، وقد ورد في القرآن توبة كثير من الأنبياء ممن لا يتسع المجال لحصره هنا.
مختارات