" التشميرة الثالثة والعشرون "
" التشميرة الثالثة والعشرون "
يعتبر المسجد في الإسلام مهد الانطلاقة الأولى.. فقد كان صلى الله عليه وسلم يؤم المسلمين جماعة في المسجد ويعلم ويدرس ويربي ويعقد الألوية ويسير الجيوش ويقابل الوفود.. أعمال لا حصر لها.. وأمور لا حد لها كل ذلك في المسجد..
الآن لم يبق من ذلك شيء نراه سوى صلاة الجمعة والجماعة وصلاة التراويح والقيام.
اختفى دور المسجد أو كاد.. ولكن بقي بعض من في قلبه حياة ممن لم تأخذهم الدنيا ولم تلههم المشاغل.. يعقد حلق حفظ القرآن للأطفال بعد صلاة العصر وهناك من يعقد بعد مغرب كل يوم درسًا لحفظ القرآن للناشئة.
أما من جمع الله له من الخير أكثره فقد عقد درسًا للتوحيد وآخر للفقه وحرص على أن يزور العلماء والدعاة مسجده لإلقاء الدروس والمحاضرات.. فكان المسجد بحق منارة يهتدى بها، ومعلمًا يقصده المسلمون، ومكانًا يتقاطر عليه المجدون.
وفي الذهن أسماء مساجد لم تتميز بسعة في أروقتها ولا في ساحاتها الخارجية.. بل تميزت بهمة ونشاط الإمام والمؤذن ومن حولهم من أهل العزم والحركة وحب الخير.
فمسجدهم مثل خلية النحل.. حلق لتحفيظ القرآن ودروس للعلماء وزيارات للدعاة.. محاضرات ودروس ولقاءات.. هذا في داخل المسجد وما يدور في أروقته.
أما عند الأبواب فهناك مجموعة من الرفوف الخشبية أحدها وضع عليه أشرطة، وآخر بعض الكتيبات بعضها باللغة العربية والبعض باللغات الأخرى، وهناك بجوار الباب مباشرة رف صغير كتب عليه: «خذ هديتك» ويوضع فيه بصفة مستمرة النشرات الموسمية والأسبوعية.
وفي أقصى الزاوية الأخرى صندوق لجمع التبرعات.. وبجوارها لوحة إعلانات كبيرة عليها بعض أقوال أهل العلم وفتاواهم.. تجدد كل أسبوع أو حسب الحاجة.
ونحن لا نزال في داخل المسجد كل هذا الخير في جنباته، أما في الخارج فالنشاط متوال ومستمر.. فمن زيارات للجيران، وتوزيع للكتب والأشرطة على المنازل، إلى تفقد لأبنائهم وشبابهم.. ومناصحتهم وحثهم على الخير. ويتوج ذلك باجتماع شهري لجماعة المسجد في أحد المنازل يتم فيه التعارف والألفة والاتفاق على زيارة جار جديد لتهنئته والتعرف عليه أو جار مقصر ومتهاون في الصلاة لحثه والتنبيه عليه..
وهناك مسابقة شهرية للأطفال وأخرى لربات المنازل من الفتيات.
إنه مسجد يذكرك بقطرات من بحر ما كانت تقوم به المساجد في السابق.. إنها همة الإمام واجتماع الشباب حوله والاستعانة بالله قبل ذلك.
بعض المساجد لا يرى فيها أي نشاط ولا حلقات لتحفيظ القرآن ولم تقم فيه محاضرة منذ أن أنشيء، ولو سألت الإمام لأجاب: الأمر صعب، ولا أعرف طلبة علم ولا دعاة ولا..!!
وأهل العلم -جزاهم الله خيرًا- بذلوا أنفسهم للناس فما ردوا سائلاً ولا صدوا طالبًا، فهل طلبت وسعيت وحاولت؟!
هل من مشمر؟!
مختارات