" التشميرة الثانية عشرة "
" التشميرة الثانية عشرة "
أسرعت بي الأيام، فإذا بي أقف على عتبة الزواج.. واستأجرت شقة في إحدى العمارات الشاهقة التي لا يعرف الجار فيها جاره..
وبدأت معاناتي عندما ارتفع صوت المؤذن للمرة الأولى بعد استقراري في منزلي.. ألتفت يمنة ويسرة، وكررت النظر وجاهدت الفكر.. أين أصلي؟!
ولكن الزوجة الصالحة سألتني.. من أين تأتي بالخبز؟! قلت من المخبز على بعد نصف ميل من هنا؟ قالت: معنى ذلك أنك تذهب بالسيارة؟!
قلت: نعم.. قالت: الصلاة أولى..
لم تدع -رحمها الله- فرصة للكسل.. ولا لحظة للتواني.. لا بد أن تذهب للمسجد.. وأعانني الله على ذلك..
أما هي فقد دعتها إحدى الجارات.. وقررن بعد زيارتين أنهن سيقترحن جميعًا على أزواجهن شراء «دش» للعمارة ويكون مشتركًا للسكان.. فتكون التكلفة يسيرة على الفرد.
قالت زوجتي.. هذه «المجورة» التي تباع ولا تشترى..
قلت لها.. لماذا لا تحاولين وتأكدي أن صلاح أزواجهن من صلاحهن.
قالت.. ولكني أخاف على ديني.. أحتاج إلى من يعينني.
قلت لها.. جربي لمدة شهر.. إن كانت هناك بوادر خير وعلامات تغير وإلا فاتركيهم.
وسأحضر لك في الزيارة القادمة كتبًا وأشرطة من كل كتاب نسخة واحدة.
وكان كذلك.. فإذا بحديثهن عن الكتب والأشرطة.. وسؤال كل واحدة الأخرى ما اسم الكتاب الذي أهدي إليك.. والشريط.
وفي زيارة تالية.. فإذا بغالبهن قد استعرن كتب وأشرطة بعضهن، بل وسمعنها كلها.. فكان المجلس حديثًا عن الكتاب الفلاني وماذا قال؟! والشريط وبماذا تحدث الشيخ؟!
شهور.. فإذا بأغلب نساء العمارة بدأن حلقة لحفظ القرآن..
استرجعت الذاكرة.. قبل شهور.. اجتماع لشراء «دش» مشترك للعمارة.
واليوم يحفظن القرآن!!
هل من مشمر؟!
مختارات