" التـوبـة "
" التـوبـة "
قال تعالى: " وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " [النور: 31].
وقال تعالى: " فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ " [القصص: 67].
قال ابن القيم رحمه الله: ومنزل التوبة أول المنازل وأوسطها وآخرها، فلا يفارقه العبد السالك، ولا يزال فيه إلى الممات، وإن ارتحل إلى منزل آخر ارتحل به، واستصحبه معه ونزل به، فالتوبة هي بداية العبد ونهايته، وحاجته إليها في النهاية ضرورية، كما أن حاجته إليها في البداية كذلك، وقد قال الله تعالى: " وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " [النور: 31] وهذه الآية في سورة مدنية خاطب الله بها أهل الإيمان وخيار خلقه أن يتوبوا إليه بعد إيمانهم، وصبرهم وهجرتهم وجهادهم، ثم علق الفلاح بالتوبة تعليق المسبب بسببه، وأتى بأداة " لعل " المشعرة بالترجي، إيذانا بأنكم إذا تبتم كنتم على رجاء الفلاح، فلا يرجو الفلاح إلا التائبون جعلنا الله منهم (مدارج السالكين).
من فضائل التوبة
1- التوبة سبب للفلاح والفوز بسعادة الدارين.
2- بالتوبة تكفر السيئات.
3- إذا حسنت التوبة بدل الله سيئات صاحبها حسنات.
4- التوبة سبب للمتاع الحسن، وزيادة القوة، ونزول الأمطار، والإمداد بالأموال والبنين.
5- التوبة من أحب العبوديات إلى الله، والتائبون من أحب العباد إلى الله.
6- الله يفرح بتوبة التائبين.
7- التوبة توجب للتائب آثارًا عجيبة من المقامات العالية فتوجب له الرضا والمحبة والرقة واللطف والذل لله، والخضوع له، والانكسار بين يديه (كلمات متنوعة).
8- والتوبة تخلص العبد من صفة الظلم لقوله تعالى: " وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ " [الحجرات: 11].
علامات التوبة المقبولة
1- أن يكون بعد التوبة خيرًا مما كان قبلها.
2- ألا يزال الخوف مصاحبًا له، لا يأمن مكر الله طرفة عين.
3- أن يستحدث أعمالاً صالحة بعد التوبة لم يكن يعملها قبلها.
4- أن يكون سريع التأثر قريب الدمعة قوي الفكرة.
5- أن يكون قوي العزيمة والإصرار على ترك الذنوب أبدًا.
6- أن يكون منكسر القلب بين يدي الرب جل وعلا.
شروط التوبة
1- الإسلام، فلا تصح من كافر قال تعالى: " وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا " [النساء: 18].
2- الإخلاص لله، فالله تعالى أغنى الشركاء عن الشرك قال تعالى: " وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " فقوله: " إِلَى اللهِ " يدل على وجوب الإخلاص.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى»[متفق عليه].
3- الإقلاع عن المعصية، فلا تتصور صحة التوبة مع الإقامة على المعاصي حال التوبة.
4- الاعتراف بالذنب، إذ لا يمكن أن يتوب المرء من شيء لا يعده ذنبًا.
5- الندم على ما سلف من الذنوب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الندم توبة»[رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني].
6- رد المظالم إلى أهلها، إن كانت المعصية متعلقة بحقوق الآدميين.
7- وقوع التوبة قبل الغرغرة، أي قبل وصول الروح إلى الحلقوم وهي علامة الموت، والآية التي ذكرناها عند شرط الإسلام تدل على ذلك.
8- أن تكون قبل طلوع الشمس من مغربها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها» [رواه مسلم].
مختارات