" الوصية بالوالدين والنهي عن عقوقهما "
" الوصية بالوالدين والنهي عن عقوقهما "
الآيات التي جاء الأمر فيها بطاعة الوالدين والإحسان إليهما:
أحد هذه الآيات وصية الله لعباده في آية سورة الأنعام قال تعالى: " وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ " (الأنعام، الآية: 151)، قال القرطبي رحمه الله: الإحسان إلى الوالدين برهما وحفظهما وصيانتهما وامتثال أمرهما وإزالة الرق عنهما وترك السلطنة عليهما (كما في تفسير الجامع).
قلت: وقَرن الله تعالى الإحسان إلى الوالدين بعبادته فقال: " وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا " (الإسراء: 23، 24)، وأمر الله ببر الوالدين وإن كانا كافرين، فقال تعالى: " وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ " (لقمان، الآيتان: 14، 15)، قال ابن كثير رحمه الله: ولهذا قَرَنَ بعبادته بر الوالدين فقال: " وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا " أي وأمر بالوالدين إحسانًا لقوله في الآية الأخرى: " أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِي " وقوله: " إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ " أي: لا تسمعهما قولاً سيئًا حتى ولا التأفف الذي هو أدنى مراتب القول السيء " وَلَا تَنْهَرْهُمَا " أي: ولا يصدر منك إليهما فعل قبيح كما قال عطاء بن أبي رباح في قوله " وَلَا تَنْهَرْهُمَا " أي: لا تنفض يدك عليهما (كما في تفسير القرآن العظيم ).
جملة أحاديث في بر الوالدين وتحريم عقوقهما:
وهاك جملة من الأحاديث الشريفة التي تبين فضل بر الوالدين وتحريم عقوقهما:
الأول: عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله ! مَنْ أحق الناس بحُسن الصحبة؟ قال صلى الله عليه وسلم: «أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أباك، ثم أدناك فأدناك» (أخرجه البخاري ومسلم).
الثاني: عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد فقال: «أحي والداك؟» قال: نعم، قال: «ففيهما فجاهد» (أخرجه البخاري ومسلم).
الثالث: عن أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف»، فقيل: مَنْ يا رسول الله؟ قال: «مَنْ أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كلاهما فلم يدخلاه الجنة» (أخرجه مسلم ) قوله: «رغم أنف»: أي لصق على التراب (انظر: تعليق محمد فؤاد عبد الباقي على صحيح مسلم على الحديث).
الرابع: عن عبد الله بن عمرو رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رضا الرب برضا الوالد، وسخط الرب بسخط الوالد» (أخرجه الترمذي وابن حبان والحاكم وصححه ووافقه الذهبي ووافقهما الألباني في الصحيحة )، وعند الطبراني بلفظ: «الوالدين» (أخرجه الطبراني كما في فيض القدير ).
الخامس: عن ابن عمرو رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس» (أخرجه البخاري ).
قال الذهبي رحمه الله: «موعظة: أيها المضيع ! تذكر الحقوق من بر الوالدين، العقوق الناسي لما يجب عليه الغافل عما بين يديه ببر الوالدين عليك دين وأنت تتعاطاه باتباع السنن تطلب الجنة بزعمك وهي تحت أقدام أمك.
.
الخ» (كما في كتابه الكبائر).
مختارات

