" تدبر القرآن "
" تدبر القرآن "
أخي المسلم:
لقد أنزل الله تعالى القرآن لتدبُّره والعمل به، قال الله تعالى: " كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ".
فتدبرك لكتاب الله تعالى هو سرُّ انتفاعك به.
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «لا تنثروه نثر الدقل- التمر اليابس- ولا تهذوه هذَّ الشعر، قفوا عند عجائبه، وحرِّكوا به القلوب، ولا يكن هم أحدكم آخر السورة».
فإذا مررت بآية وعد، فيها ذِكر الجنان وما أعدَّه الله من الثواب العظيم لأهل طاعته فسل الله تعالى من فضله.
وإذا مررت بآية وعيد، وذكر النار وأهلها، فلتستعذ بالله تعالى من شرورها.
فإنَّ الله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بتدبُّر كتابه، وأن يقرأه بمهل، فقال تعالى: " وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ".
قال القرطبي رحمه الله: أي لا تعجِّل بقراءة القرآن، بل اقرأه في مهلٍ و بيانٍ مع تدبر المعاني.
وقراءة القليل من كتاب الله مع التدبر خير من قراءة الكثير بغير تدبر، وقد ضرب العلماء لذلك مثلاً فقالوا: إنَّ ثواب الترتيل أرفع قدرًا وثواب كثرة القراءة أكثر عددًا، فالأول كمن تصدَّق بجوهرة عظيمة، والثاني: كمن تصدق بعدد من الدنانير.
وعن أبي حمزة قال: قلت لابن عباس: إني رجل سريع القراءة، إني لأقرأ القرآن في ليلة فقال ابن عباس: لئن أقرأ سورة أحبُّ إليَّ، إن كنت لا بدَّ فاعلاً فاقرأ قراءة تسمعها أذنيك ويعيها قلبك.
ولقد كان من هدي نبينا صلى الله عليه وسلم القراءة بتأنٍّ وتدبُّر.
عن أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عله وسلم في سبحته قاعدًا حتى كان قبل وفاته بعام، فكان يصلي في سبحته قاعدًا، و كان يقرأ بالسورة فيرتلها حتى تكون أطول من أطول منها (رواه مسلم).
وقال مجاهد رحمه الله: أحبُّ الناس في القراءة إلى الله أعقلهم عنه.
مختارات