" هل يلزم من إنكار المنكر ألا يكون المنكر مرتكبا لذلك المنكر ؟ "
" هل يلزم من إنكار المنكر ألا يكون المنكر مرتكبا لذلك المنكر؟ "
رجل يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر فهل يلزم أن يكون في أمره بالمعروف قد امتثل وفي نهيه عن المنكر قد انتهى.
الصحيح أنه لا يلزمه ذلك.
فارتكابه للزنى مثلاً معصية كبرى، ونهيه عنها بجد وصدق طاعة يدخل في ميزان حسناته.
* فارتكابه السوء معدود عليه في حساب السيئات.
* ونهيه الغير عن فعل هذه المعصية، محسوب له عند ربنا في ميزان الحسنات.
قال الله تعالى في حق بني إسرائيل: " كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ " [المائدة: 79] قال القرطبي في تفسيره: «وقال حذاق من أهل العلم: وليس من شرط الناهي أن يكون سليمًا عن معصية، بل ينهى العصاة بعضهم بعضًا» وقال بعض الأصوليين: «فرض على الذين يتعاطون الكؤوس أن ينهى بعضهم بعضًا»، واستدلوا بهذه الآية، قالوا: لأن قوله: " كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ " يقتضي اشتراكهم في الفعل وذمهم على ترك التناهي»(تفسير القرطبي).
إلا أنه قد يتأكد الأمر عليه أكثر، لأنه عرف أن هذا منكر وارتكبه، ويقول للناس لا ترتكبوه، وعرف أن هذا معروف وتركه، ويقول للناس افعلوه، فليس ثمة شك في أن هذا نقص، وأنه عيب، وليس خافيًا أن من وسائل الاستجابة امتثال الآمر بما يأمر، وانتهاؤه عما ينكر.
وفي مثله جاء قوله تعالى: " يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ " [الصف: 2، 3].
والحاصل: أنه يلزمه الأمر بالمعروف حتى وإن لم يمتثله، ويلزمه النهي عن المنكر وإن ارتكبه، ومن العار والعيب أن يبقى قوله مخالفًا لفعله.
مختارات