" ما جاء في طاعة الأمراء وإن منعوا الحقوق "
" ما جاء في طاعة الأمراء وإن منعوا الحقوق "
عن وائل الحضرمي قال: سأل سلمةُ بن يزيد الجُعفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبيَّ الله، أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقَّهم ويمنعونا حقنا، فما تأمرنا؟ فأعرض عنه، ثم سأله فأعرض عنه، ثم سأله في الثانية – أو في الثالثة – فجذبه الأشعثُ بنُ قيس، وقال: «اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حملوا، وعليكم ما حُمِّلتم» [رواه مسلم (1846)].
" الأمر بالصبر عند ظلم الولاة واستئثارهم "
عن أُسيد بن خُضير، أن رجلاً من الأنصار خلا برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ألا تستعملني كما استعملت فلانًا؟ فقال: «إنكم ستلقون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض» [رواه مسلم: (1845)].
وعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنها ستكون بعدي أَثَرَة وأمور تنكرونها»(المراد بالأثرة هنا استئثار الأمراء بأموال بيت المال وفيه الحث على السمع ولطاعة وإن كان المتولي ظالمًا عسوفًا، فيعطى حقه من الطاعة ولا يخرج عليه ولا يخلع، بل يتضرع إلى الله تعالى في كشف أذاه ودفع شره وإصلاحه قاله النووي) قالوا: يا رسول الله، كيف تأمر من أدرك منَّا ذلك؟ قال: «تؤدون الحقَّ الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم» [رواه البخاري: (7052) ومسلم: (2843)].
وعن الزبير بن عدي قال: أتينا أنس بن مالك فشكونا إليه ما يَلْقَوْن من الحجاج، فقال: اصبروا، فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده أشرُّ منه حتى تلقوا ربكم. سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم [رواه البخاري: (17068)].
قال ابن بطال: هذا الخبر من أعلام النبوة؛ لإخباره صلى الله عليه وسلم بفساد الأحوال، وذلك من الغيب الذي لا يعلم بالرأي؛ وإنما يعلم بالوحي. اهـ.
وقد استشكل هذا الإطلاق مع أن بعض الأزمنة تكون في الشر دون التي قبلها، ولو لم يكن في ذلك إلا زمن عمر بن عبد العزيز، وهو بعد زمن الحجاج بيسير.. وقد حمله الحسن البصري على الأكثر الأغلب، فسئل عن وجود عمر بن عبد العزيز بعد الحجاج، فقال: لابد للناس من تنفيس، وأجاب بعضهم أن المراد بالتفضيل تفضيل مجموع العصر على مجموع العصر؛ فإن عصر الحجاج كان فيه كثير من الصحابة في الأحياء، وفي عصر عمر بن عبد العزيز انقرضوا، والزمان الذي فيه الصحابة خير من الزمان الذي بعده، لقوله صلى الله عليه وسلم: «خير الناس قرني» وهو في الصحيحين، ثم وجدت عن عبد الله بن مسعود التصريح بالمراد، وهو أولى بالاتباع، فأخرج يعقوب بن شيبة من طريق الحارث بن حصيرة، عن زيد بن وهب، قال: سمعت عبد الله بن مسعود، يقول: «لا يأتي عليكم يوم إلا وهو شر من اليوم الذي قبله حتى تقوم الساعة، لست أعني رخاء من العيش يصيبه، ولا مالا يفيده؛ ولكن لا يأتي عليكم يوم إلا وهو أقل علمًا من اليوم الذي مضى قبله، فإذا ذهب العلماء استوى الناس، فلا يأمرون بالمعروف، ولا ينهون عن المنكر، فعند ذلك يهلكون» (فتح الباري).
مختارات