" نور السماوات والأرض "
" نور السماوات والأرض "
هادي الخلق، نَوَّرَ قلوبَ المؤمنين بهدايته ومعرفته والإيمان به؛ وقد أضاف تعالى النُّورَ إلى نفسه إضافةَ الصِّفة إلى موصوفها في قوله تعالى: " وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا " [الزمر: 69] وفي قوله: " مَثَلُ نُورِهِ " وأَخْبَرَ أيضًا أنَّه يَحْتَجبُ بالنُّور.
أَثَرُ الإيمان بالاسم:
وَرَدَ الاسمُ مَرَّةً واحدةً في القرآن متبوعًا بشرحه بمثال ضُرب لهداية الله تعالى لقلوب المؤمنين؛ " اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " [النور: 35] فضرب سبحانه مثلاً لنوره الذي قَذَفَه في قلب عبده المؤمن؛ وهو نورُ القرآن والإيمان الذي أعطاه إيَّاه؛ كما قال في آخر الآية: (نورٌ عَلَى نُورٍ)؛ يعني نورَ الإيمان على نور القرآن.
- وقد جمعَ اللهُ – سبحانه - بينَ ذكر هذين النُّورين - وهما الكتاب والإيمان - في غير موضع من كتابه؛ كقوله: " مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا " [الشورى: 52] وكَرَّرَ تعالى ضربَ الأمثال على الهداية بالنُّور: " أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " [الأنعام: 122]، " أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ " [الزمر: 22].
- وسَمَّى اللهُ تعالى به رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم؛ " قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ " [المائدة: 15].
- كان من دعائه صلى الله عليه وسلم بعد قيام اللَّيل: «اللهُمَّ اجْعَلْ في قَلْبي نُورًا وفي بَصري نُورًا وَفي سمعي نُورًا وَعنْ يميني نُورًا وَعنْ يَسَاري نُورًا وَفوقي نُورًا وَتحتي نُورًا وأمامي نُورًا وَخلفي نُورًا اجعل لي نُورًا» حيث هذه الأنوارُ تَسُدُّ منافذَ الشَّيْطان.
ذكر الله - تعالى اسمه - عقب آية أمر فيها المؤمنين بغَضِّ أبصارهم وحفظ فروجهم " اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ " [النور: 35] وسرُّ هذا الخبر أنَّ الجزاءَ من جنس العمل؛ فمَنْ غَضَّ بصرَه عن المحرَّمات أطلقَ اللهُ نورَ بصيرته، وقال الله – سبحانه - بعد ذكر قصة قوم لوط وما ابْتُلوا به: " إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ " [الحجر: 75] وهم المتفرِّسون الذين سلموا من النَّظَر المحرَّم والفاحشة.
- مَنْ غَضَّ بصرَه أَوْرَثَ اللهُ قلبَه نورًا وإشراقًا يتجلَّى في العين وفي الوجه وفي الجوارح؛ كما أنَّ إطلاقَ البصر يورثه ظلمةً تَظْهَرُ في وَجْهه وجوارحه.
مختارات