تابع " مسؤولية الإمام "
تابع " مسؤولية الإمام "
ثامنًا: الجهر بالتأمين:
يشرع للإمام التأمين بعد قراءة الفاتحة جهرًا ويمد صوته به (ابن قيم الجوزية، زاد المعاد، والصنعاني، سبل السلام) كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل؛ فعن أبي هريرة رضى الله عنه قال: «إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه» قال ابن شهاب: وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «آمين»(رواه البخاري ومسلم).
وعن أبي هريرة رضى الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تلا: " غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ " قال: «آمين» حتى يسمع من يليه من الصف الأول (رواه أبو داود).
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر المأمومين بالتأمين كما سبق في الحديث الأول، ويحثهم على التأمين في قوله: «فقولوا: آمين. يحيكم الله» (رواه الإمام أحمد وابن خزيمة في صحيحه).
وكان يقول صلى الله عليه وسلم: «ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين خلف الإمام» (رواه ابن ماجه).
وتأمين المصلين خلف الإمام يكون جهرًا ومقرونًا مع تأمين الإمام ولا يسبقونه كما يفعل كثير من المصلين اليوم ولا يتأخرون عنه (انظر: الألباني، صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم).
تاسعًا: ملاحظة أحوال المأمومين وتعليمهم:
يُستحبُّ للإمام أن يحث المأمومين على الخشوع في الصلاة والمحافظة على إتمام أركانها، وأن ينبِّه المصلين إلى ما يتعلق بأحوال الصلاة، ولا سيما إن رأى منهم ما يخالف الأولى (انظر: ابن حجر، فتح الباري).
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى أحد المصلين أخطأ في إقامة الصلاة أو في مسابقته نبَّهه وعلَّمه بعد انقضاء الصلاة، ويكون عن طريق الموعظة العامة لجميع المصلين؛ فعن أنس رضى الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فلما قضى الصلاة أقبل علينا بوجهه فقال: «أيها الناس إني إمامكم فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام ولا بالانصراف فإني أراكم أمامي ومن خلفي» ثم قال: «والذي نفس محمد بيده لو رأيتم ما رأيت لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا» قالوا: وما رأيت يا رسول الله؟ قال: «رأيت الجنة والنار»(رواه مسلم).
قال ابن حجر: قيل: الحكمة في استقبال المأمومين أن يعلمهم ما يحتاجون إليه، فعلى هذا يختص بمن مثل حاله صلى الله عليه وسلم من قصد التعليم والموعظة (فتح البار ي).
وكذلك الإمام؛ فإنه إذا رأى من المصلين مخالفة أو جهل بأمور الصلاة وأحكامها فإنه يعلمهم ويعظهم بالقول الحسن والأسلوب اللين بدون زجر أو تعنيف تأسيًا بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ فعن علي بن شيبان رضى الله عنه قال: خرجنا حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه وصلينا خلفه، فلمح بمؤخرة عينه رجلاً لا يقيم صلاته - يعني: صلبه - في الركوع والسجود، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة قال: «يا معشر المسلمين: لا صلاة لمن لم يقم صلبه في الركوع والسجود» (رواه ابن ماجه).
وعن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه قال: صلَّى رجل خلف النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يركع قبل أن يركع، ويرفع قبل أن يرفع، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة قال: «من فعل هذا؟» قال: أنا يا رسول الله، أحببت أن أعلم تعلم ذلك أم لا قال: «اتقوا خداج الصلاة، إذا ركع الإمام فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا» (رواه الإمام أحمد).
ووجَّه النبيُّ الصحابيَّ الذي ركع قبل أن يصل إلى الصف بقوله: «زادك الله حرصًا ولا تعد» (رواه البخاري).
عاشرًا: المكث في المسجد بعد السلام:
ينبغي للإمام إذا سلَّم من الصلاة أن يستقبل المأمومين ويمكث في مكانه يسيرًا؛ سواء لأداء الأذكار أو ليصلي النافلة أو ليعظ الناس ويعلمهم أو لينتظر أن يخرج النساء؛ وذلك حتى لا يختلط الرجال بهن.
فعن أم سلمة - رضي الله عنها - أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سَلَّم يمكث في مكانه يسيرًا.
قال ابن شهاب: فنرى والله أعلم؛ لكي ينفذ من ينصرف من النساء (رواه البخاري).
قال ابن حجر: المكث لا يتقيد بحال من ذكر أو دعاء أو تعليم أو صلاة نافلة (فتح الباري).
مختارات