" من أسباب الفوز بالجنة وبعض أسباب الحرمان منها "
" من أسباب الفوز بالجنة وبعض أسباب الحرمان منها "
جملة: الإيمان، والعمل الصالح، قال الله سبحانه وتعالى: " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً * خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلا " [الكهف: 107، 108].
وأهل الجنة – كما قلنا – درجات، فأول من يدخلها من عامة الناس فقراء المهاجرين؛ لأن الفقر من أعظم أنواع الابتلاء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - كما روى الحاكم في المستدرك من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال -: «يأتي فقراء المهاجرين يستفتحون باب الجنة، فيقول لهم خزنتها: أو قد حوسبتم؟ فيقول هؤلاء الفقراء: وعلى أي شيء نحاسب؟ وإنما كانت أسيافنا على عواتقنا نجاهد في سبيل الله، فيدخلون الجنة، قال عليه الصلاة والسلام: فيقيلون فيها أربعين عامًا قبل أن يدخلها الناس» (أخرجه الحاكم في المستدرك).
* وممن يدخل الجنة مؤمنون كتب الله لهم الجنة بلا حساب، ولا عذاب – جعلنا الله وإياكم منهم -.
* ومنهم من يرزقون شفاعة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام.
* ومنهم ممن يرزقون شفاعة أهليهم من العلماء والشهداء والصديقين، أو من الملائكة المقربين.
* ومنهم من يمن الله سبحانه وتعالى عليه برحمته أي بشفاعة الله سبحانه وتعالى ذاته.
* ومنهم من يمنع دخول الجنة ابتداء:
1- المتكبرون: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر» (أخرجه مسلم) فهؤلاء وإن كانوا موحدين إلا أن ما في قلوبهم من الكبر يمنعهم من دخول الجنة ابتداءاً.
وقد صح في الحديث أن عبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما، التقيا عند المروة في مكة، فتحدثا قليلاً ثم مضى عبد الله بن عمرو، فلما مضى بكى عبد الله بن عمر، فقيل له: ما يبكيك يا أبا عبد الرحمن قال: إن هذا – وأشار إلى عبد الله بن عمرو رضى الله عنه - أخبرني أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر كبه الله على وجهه في النار» (أخرجه البيهقي في شعب الإيمان).
فالكبر الذي في الصدور – والعياذ بالله – أعظم ما يحول ما بين العبد، وبين دخول جنات النعيم؛ والمؤمن إذا عرف أن الله سبحانه وتعالى ذم الكبر، وأهله، وأنه – تبارك وتعالى – أمر سيد الخلق، وصفوة الرسل قائلاً: " وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً " [الإسراء: 37]، تواضع كما أمره الله سبحانه وتعالى أن يتواضع، لأن الكبر والعياذ بالله – يسوق العبد إلى كثير من المعاصي، والإفساد في الأرض.
2- الظالمون: وإن كانوا من الموحدين، الظَّلمة من العباد، قال صلى الله عليه وسلم: «صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس» (أخرجه مسلم) قال بعض العلماء القدامى: وإنهم في زماننا هذا.
قال صديق حسن خان رحمه الله: «بل هم في كل الأمصار والأعصار، وغالبًا ما يكونون من ذوي الجاه والقدرة، والأعيان الذين يكون لديهم أعوان، وقدرة على الظلم ومعهم ما معهم، يضربون به الخلق».
إن الظلم أيها المؤمنون، حرمه الله على نفسه، وجعله بين عباده محرمًا، ولأن تلقى الله تعالى بكل ذنب، دون الشرك، أهون من أن تلقاه بظلمك لعباد الله – تبارك وتعالى -: قال سبحانه وتعالى: " وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ " [هود: 113].
جاء رجل إلى الإمام مالك رحمه الله فقال: يا أبا عبد الله: إنني أعمل عند أناس ظالمين، يظلمون الناس، ويجلدونهم بغير وجه حق، وأنا أعمل عندهم خياطًا، أحيك لهم الثياب، أفأنا من الذين ركنوا إلى الذين ظلموا؟ فقال مالك رحمه الله: بل أنت منهم فقال: يا مالك: ومن إذن الذين ركنوا إلى الذين ظلموا؟ قال: يا أخا العرب، الذين ركنوا إلى الذين ظلموا من باعك الخيط الذي تخيط به لهؤلاء.
فالمؤمن يتحرر من كل ما فيه ظلم للعباد، وقد يظن إنسان أن الظلم إنما يكون مقصورًا في فئة من الناس، كل من كان تحت يديك، وجعل الله تبارك وتعالى – لك سلطة عليه فظلمته وبخسته حقه من زوجة، أو ولد أو طالب في المدرسة، أو موظف تحت إدارتك، أو أجير، أو عامل، أو خادم، أو سائر ذلك، ظلمته، ونهرته، وضربته بغير وجه حق، دخلت فيمن قال فيهم صلى الله عليه وسلم: «صنفان من أهل النار لم أرهما».
3- أم الصنف الآخر، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ونساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، عليهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها» قال العلماء: للجنة ريح عبقة ذكية، يتلقاها المؤمنون.
فإذا كان هؤلاء النساء على هذا الوضع مما هو مشاهد في زماننا هذا، مشاهد في القنوات والفضائيات، في الأفلام والأغاني، مشاهد في كثير من الأسواق، مشاهد في كثير من صالات الأفراح، مشاهد في كثير من الطرقات، نساء – والعياذ بالله – تحررن من عبودية الخالق إلى عبودية المخلوق، وأصبحن – أردن أم أبين – أداةً لأعداء الدين يلعبون بهن كيفما شاءوا.
والمؤمنة التي تعلم أنها ستلقى الله سبحانه وتعالى، تعلم أن الله سبحانه وتعالى فرض عليها حجابًا شرعيًا، وخير للمرأة ألا ترى الرجال ولا يراها الرجال.
ولقد بذل كثير من علماء المسلمين المعاصرين والسابقين، كثيرًا من علمهم، ووقتهم في تبيين الحجج للناس، ودفع حجج الظالمين ممن يزينون للنساء ترك الحجاب، ويدعون – عياذًا بالله – إلى التبرج والسفور مما حرمه الله سبحانه وتعالى ونهى عنه.
فالمؤمنة التقية التي تبصر ملاقاة الله، وتعلم يقينا أنها داخلة في عموم قول الله تعالى: " يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ " [الانشقاق: 6] تخشى الله سبحانه وتعالى فيما تلبسه، وتتقي الله تبارك وتعالى فيما ترتديه، ولا تكون فتنة لشباب المسلمين أينما كانوا وحيثما نزلوا. هذه الطائفة محرومة من دخول الجنة.
4- قاتل نفسه: كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه سبحانه وتعالى: «عبد بادرني بنفسه حرمت عليه الجنة» (أخرجه البخاري) أي: من يموت انتحارًا، فمن مات انتحارًا، حرم الله سبحانه وتعالى عليه الجنة ابتداءً، ولا يعني هذا أنه لن يدخلها أبدًا، فقد يغفر الله سبحانه وتعالى له، لأن الانتحار رغم أنه أمر من كبائر الذنوب، وعظائم المعاصي، ونهى الله سبحانه وتعالى عنه فقال: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا " [النساء: 29] لكنه ذنب لا يخرج صاحبه من الملة، ولا يخرج العبد من حظيرة الإسلام.
فمن ابتلي أحد قرابته بشيء من هذا فليصبر، ولله الأمر من قبل ومن بعد، ويصلي عليه، إلا أنه لا يصلي عليه الإمام الأكبر أو نائبه، ويدفن في مقابر المسلمين كما بين أهل العلم رحمهم الله.
هذه الأمور تحول بين العبد وبين دخول الجنة.
أما التي تجعل العبد أهلا أن يدخل الجنة: فينبغي أن نعلم ابتداءً أن الجنة ليست ثمنًا للعمل الذي صنعته، وإنما هي فضل من الله وجزاء منه، وفرق أن يكون الشيء عوضًا وثمنًا، وبين أن يكون الشيء سببًا في رحمة الله سبحانه وتعالى.
وأعظم ما يكون سببا في دخول الجنة:
1- الخوف من مقام الله سبحانه وتعالى وتقواه قال الله – تبارك وتعالى – " وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ " [الرحمن: 46].
وقال سبحانه وتعالى: " وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى[ [النازعات: 40، 41] وذكر الله الجنة فقال: ]ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ " [إبراهيم: 14].
والخوف من مقام الله كل يدعيه، وكل ينتسب إليه، لكن الأعمال غالبًا ما تكون شواهد على ما في القلوب.
فمن أعظم ما يدل عل الخوف من مقام الله: الائتمار بأمره والانتهاء عما نهى الله سبحانه وتعالى عنه والبعد عن محارمه، والكف عن معاصيه، والقيام بالليل بالأسحار؛ فإن قيام الليل من أعظم الشواهد على أن العبد يخاف مقام ربه تبارك وتعالى.
إذ قلما يترك إنسان فراشًا وثيرا، وزوجة محببة إليه، أو رفقة من الإمكان أن يأوي إليها، فيترك ذلك كله، وينزوي في بيته في وضع مظلم، أو نور خافت، يقف بين يدي ربه، يتلو كتاب الله وآياته، يتوسل إلى الله – تبارك وتعالى – بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى أن يجيره من النار، ويدخله الجنة، إلا وهو عبد قد خاف مقام الله – تبارك وتعالى -، قال الله – تبارك وتعالى -: " أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ " [الزمر: 9].
2- كفالة الأيتام: إن الله سبحانه وتعالى يبتلي بالموت فيبقى هذا ما شاء الله له أن يبقى، ويتوفى هذا ويترك وراءه ذرية، فنقول لمن يخشى أن يموت عن ذريته، إنه لا ذخر لأبنائك من بعدك أعظم من عمل صالح تتقرب به إلى الله، فإن الله أخرج موسى والخضر يطويان البحار والقفار حتى وصلا إلى جدار ليتيمين، فلما بنياه قال الله سبحانه وتعالى على لسان الخضر: " وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا " [الكهف: 82].
قد يكون العبد الصالح في قبره، لا يستطيع أن يخرج فينفع أبناءه، ومع ذلك لأن صلاحه الذي سبق، وذكره الذي فات، يجعله الله سبحانه وتعالى ذخرًا لبنيه من بعده، فيسخر الله سبحانه وتعالى لأولئك اليتامى خلقًا، ويسوق الله سبحانه وتعالى إليهم عبادًا ليحنن الله سبحانه وتعالى عليهم أولياءه، فيخدمون أكثر مما يخدمون لو كان أبوهم حيًا.
وكفالة اليتيم من أعظم الذخر الذي يدخره العبد عند لقاء الله سبحانه وتعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين» وجمع صلى الله عليه وسلم بين أصبعيه السبابة والوسطى (أخرجه البخاري) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم - كما في سنن بسند صحيح -: «خير بيوت المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه، وشر بيوت المسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه» (أخرجه ابن ماجه).
3- طاعة الوالدين – ألزمهما فثم الجنة (أخرجه ابن ماجه) – وطاعة الوالدة على وجه الخصوص، قيل: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمك ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك» (أخرجه مسلم) فبر الوالدين، والصبر على ما يناله الإنسان منهما من أذى خاصة إذا كبرا، وأن يوقف الإنسان وقته عليهما يخدمهما في المنشط والمكره ويقوم بشؤوونهما ويرعاهما، ويغض الطرف عما يسيئاه إليه، كل ذلك من أعظم أسباب دخول الجنة، والقرب من رب العالمين.
وقد روي أن موسى عليه السلام سأل ربه أن يريه عبدًا كتب الله له أن يكون رفيقًا لموسى في الجنة، فأوحى الله - سبحانه وتعالى - إليه: إن عبدي فلانًا كتب له أن يكون لك رفيقًا في الجنة، فتبع موسى ذلك العبد ليرى ما الذي يصنعه، فوجد ذلك الرجل من بني إسرائيل يعمد إلى كهف فيه أم له، عجوزٌ قد بلغت من الكبر عتيا، وهو يطعمها، ويسقيها، ويقوم على خدمتها، فلما خرج من عندها سأله موسى: من هذه؟ قال: هذه أمي، قال: وما تصنع لها؟ قال: أطعمها وأسقيها، وأقوم على خدمتها، قال: فهل تجزيك أمك على ما تصنعه لها شيئًا؟ قال: لا، إلا أنني كثيرًا ما أسمعها تقول: اللهم اجعل ابني هذا رفيق موسى بن عمران في الجنة، فقال موسى عليه الصلاة والسلام: «أنا موسى بن عمران، وقد أوحى الله سبحانه وتعالى إلى أنه استجاب دعوة أمك، فأنت رفيقي في الجنة» فبدعاء الوالدين، وبرهما، وغض الطرف عما يكون منهما، ينال الإنسان جنات النعيم.
4- الإكثار من ذكر الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سبق المفردون» قالوا: ومن المفردون يا رسول الله؟ قال: «الذاكرون الله كثيرًا والذاكرات» (أخرجه مسلم).
وفي الخبر الصحيح أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام أخبر نبينا صلى الله عليه وسلم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأن غراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر (أخرجه الترمذي) وقد جاء في حديث صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قال العبد: لا إله إلا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، قال الله سبحانه وتعالى: صدق عبدي، لا إله إلا أنا، ولا حول ولا قوة إلا بي» (أخرجه ابن ماجه).
كما أنه من أعظم كنوز الجنة، كما في حديث أبي موسى الأشعري – أن يكثر العبد من قول: «لا حول ولا قوة إلا بالله» (أخرجه البخاري ومسلم).
فبذكر الله – تبارك وتعالى – والانصراف عن معاصيه، ينبت للمؤمن غراس في الجنة.
5- ومما يكتب الله سبحانه وتعالى به الجنة ركعتا الوضوء: فإن النبي عليه الصلاة والسلام دخل الجنة، وكلما دخلها في منام أو يقظة كما في المعراج ورآها سمع صوت نعلي بلال بن رباح رضى الله عنه، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم بلالاً عن أرجى عمل عمله في الإسلام، قال: يا رسول الل ه: لا أعلم شيئًا أكثر من أنني ما توضأت وضوءًا إلا صليت بعده ما شاء الله لي أن أصلي، فقال عليه الصلاة والسلام في رواية صحيحة: «فهذه بهذي»(أخرجه البخاري) أي: هذا الجزاء حصلت عليه بهذا العمل.
أما بيوت الجنة، وقصورها، فإنما تبنى بعظيم الأعمال، ومن أعظمها:
1- أن يبني الإنسان لله سبحانه وتعالى بيتا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من بنى لله بيتًا في الدنيا ولو كمفحص قطاة – أي: ولو صغير – بني الله له بيتًا في الجنة» (أخرجه أحمد (2158)؛ وابن ماجه).
2- ومن كان له ولد أثير صالح ثم قبضت روحه قبل أبيه فصبر ذلك الوالد، واحتسب ذلك الولد عند الله سبحانه وتعالى بني الله سبحانه وتعالى للوالد بيتا في الجنة يسمى بيت الحمد، لأن ذلك العبد حمد الله سبحانه وتعالى على ما ابتلاه به.
وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قابل رجلاً من الأنصار ومع الأنصاري ابن له فقال عليه الصلاة والسلام للأنصاري: «أتحبه» ؟ قال: يا رسول الله، أحبك الله كما أحبه ثم إن رسول الله عليه الصلاة والسلام فقد الرجل دهرًا، فقال: «ما فعل صاحبكم» ؟ قالوا: يا رسول الله مات ابنه، فلما لقيه عليه الصلاة والسلام قال: «أما يسرك أنك لا تأتي غدًا بابًا من أبواب الجنة إلا وجدته أمامك يأخذ بثوبك حتى يدخلك إياها» ؟ قالوا: يا رسول الله، من حرص الصحابة على الخير – قالوا: يا رسول الله: أله خاصة، أم لنا كلنا؟ قال: «بل هي لكم كلكم» (أخرجه أحمد والنسائي) وهذا من رحمة الله بأمة محمد صلى الله عليه وسلم.
3- أن يحافظ المؤمن على السنن الرواتب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى لله في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة، بني الله سبحانه وتعالى له بيتًا في الجنة» (أخرجه مسلم).
فهذه يا أيها المؤمنون جمع من الأعمال تعددت مشاربها، وكثرت مناهلها، لأن الله تعالى لم يخلق العباد على نسق واحد، قال سبحانه وتعالى: " قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ " [البقرة: 60] وقال الله تعالى: " لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا " [المائدة: 48].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ: «ألا أدلك على أبواب الخير: الصوم جُنة، والصدقة تطفئ الخطيئة، وصلاة الرجل في جوف الليل الآخر» ثم تلا: " تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " [السجدة: 16، 17] (أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه).
مختارات