" أحداث يوم القيامة "
" أحداث يوم القيامة "
فيمكث على الأرض شرار خلق الله، بعد أن يقبض الله أرواح المؤمنين، وعلى هؤلاء – أعاذنا الله وإياكم – يأمر الله سبحانه وتعالى ملكًا يقال له، إسرافيل أن ينفخ في الصور، فينفخ، فإذا نفخ إسرافيل " فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللهُ " [الزمر: 68]، ثم يمكثون أربعين يومًا أو شهرًا، أو سنة.
ثم بعد ذلك يأمر الله إسرافيل أن ينفخ كرة أخرى فينفخ فإذا نفخ ما من روح أودعت في مكان ما، كانت في عليين أو كانت في سجين إلا وخرجت من مكانها وعادت إلى الجسد الذي خرجت منه، فيخرج الناس كما يستيقظ النائم اليوم من نومه، قال الله سبحانه وتعالى: " وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ " [يس: 51، 52] فيخرجون حفاةً عراةً غرلاً بُهمًا إلى أرض بيضاء نقية.
جاء حبر من أحبار يهود فقال: يا أبا القاسم: أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات؟ قال: «هم في الظلمة دون الجسر» قال فمن أول الناس إجازة؟ قال: «فقراء المهاجرين» قال: فما تحفتهم يوم يدخلون الجنة؟ قال: «ينحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها» قال: فما شرابهم عليها بعد إذٍ؟ قال: «عينا فيها تسمى سلسبيلاً»(أخرجه مسلم).
يوم العرض أيها المؤمنون ! تتقطع فيه الصداقات والقرابات وسائر العلاقات، من نسب أو رحم، قال الله سبحانه وتعالى: " وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ " [الروم: 14] وقال سبحانه وتعالى: " فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ " [المؤمنون: 101].
يوم العرض أيها المؤمنون ! تهتك فيه الأستار، وتظهر فيه الأسرار، قال الله سبحانه وتعالى: " رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ * يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ للهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ[ [غافر: 15، 16].
فيكون خليل الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام أول من يكسى من الخلائق، لأن الخلائق يحشرون عراة، ثم بعد ذلك الصالحون الأمثل فالأمثل، حتى يكون الناس على استعداد للعرض والحساب.
ثم تدنو الشمس، يلجمهم العرق، وتكون أمور عظام؛ منها الحوض والصراط والميزان، قال الله سبحانه وتعالى: " وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ " [الأنبياء: 47].
ثم ينصب الصراط على ظهراني جهنم، فيمر عليه الناس كلُّ على قدر عمله منهم من يمشي مشيئًا، ومنهم كأجاويد الخيل، ومنهم من يمر كالبرق، ومنهم كالريح، ومنهم من يحبو حبوًا، ومنهم – والعياذ بالله – من تختطفه كلاليب جهنم.
قال الله سبحانه وتعالى: " فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا * ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا * ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا * وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا " [مريم: 68-72].
وتأمل قول الله تعالى إنه لم يقل: ونرمي الظالمين فيها جثيًا، بل قال سبحانه وتعالى: " وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ " مجرد أن يخذلهم ويتركهم يكفي أن يكون سببًا أن يلقوا في جهنم – نعوذ بالله من الحرمان والخذلان.
بعد ذلك أيها المؤمنون يأتي بيت القصيد من المحاضرة، يأتي المؤمنون الأتقياء الذين جاوزوا جسر جهنم، كما قيل للإمام أحمد: متى يستريح المؤمن؟ قال: إذا خلف جسر جهنم وراء ظهره.
مختارات