" السيناتور...ذو الوجه الطويل النحيل "
" السيناتور...ذو الوجه الطويل النحيل "
عندما كنت في الخامسة عشرة، كنت دائم المعاناة من القلق والمخاوف، فقد كنت طويلاً جدًا بالنسبة لسني، ونحيفا جدا، وكنت ضعيف الصحة، وكان الأولاد الآخرون يسخرون مني ويسمونني (ذو الوجه الطويل النحيل) وقد تضخمت حساسيتي لذاتي لدرجة أنني أخشى لقاء الناس، وقد ساعدني على العزلة أن أسرتي تمتلك بيتا ريفيا منعزلا.
كنت أتأمل جسمي الطويل الهزيل.. وأكاد لا أفكر إلا فيه، وفي يوم قالت لي أمي: (يا بني يجب أن تحصل على درجة تعليمية.. يجب أن تكسب رزقك بعقلك).
وحيث إن والدي لم يكونا قادرين على إرسالي للكلية لضعف ذات اليد، فقد أدركت أن مسؤولية تدبير مصاريف تعليمي تقع على عاتقي وحدي؛ فعملت على توفير مبلغ من المال من خلال بيع بعض الحيوانات التي كنت أربيها، وفي الكلية ارتديت ملابس صنعتها لي أمي من ملابس كانت سابقًا لأبي، لكنها لم تكن على مقاسي.
انزعجت من العيش على مقربة من الطلاب الآخرين، الذين كانوا يسخرون مني ومن ملابسي الرثة وجسمي الطويل النحيل؛ لذلك كنت أنعزل عنهم وأدرس بكتبي وقد كانت أمنيتي أن أستطيع شراء ملابس على مقاسي، لا أخجل من ارتدائها.
وبعد ذلك بفترة قصيرة ساعدتني أحداث أربع حدثت لي على قهر ما كنت أكابده من قلق وشعور بالنقص، ومنحتني شعورًا بالشجاعة والثقة بالنفس وهذه الأحداث هي:
أولاً: حصلت على شهادة تقدير من الدرجة الثالثة؛ من أجل التدريس في المدارس الريفية العمومية بعد أن تقدمت إلى اختبار، وقد كانت تلك الشهادة مؤشرًا خاطفًا إلى أن هناك من يثق بي.
ثانيًا: عرض عليَّ مجلس إدارة مدرسة ريفية أن أعمل لديهم بمرتب أربعين دولارًا شهريا، وهذا أيضا مؤشر آخر لوجود من يثق بي باستثناء أمي.
ثالثًا: بمجرد أن حصلت على المال اشتريت بعض الملابس المستعملة.. ملابس لا أخجل من ارتدائها ولو أن أحدًا اليوم أعطاني مليون دولارًا، فإنها لا تسعدني بقدر سعادتي عندما اشتريت أول بذلة مستعملة.
رابعًا: أما نقطة التحول الرئيسة في حياتي فهي عندما حققت أول انتصار لي في نضالي ضد الإحباط والشعور بالنقص؛ عندما اشتركت في مسابقة للكلام العام ولم أكن أملك من الشجاعة ما يمكنني من التحدث مع شخص واحد، فما بالك بالتحدث أمام الجمهور، اخترت التحدث عن آخر شيء في العالم... الأمر الذي كان له أبلغ الأثر في أن أتحدث عن موضوع: (الفنون الجميلة والفنون الليبرالية في أمريكا) ولا أخفي سرًا إذ أقول أني عندما بدأت الإعداد للكلمة لم أكن أعرف عنها شيئًا، حفظت الكلام عن ظهر قلب، وجربت إلقاءه مئات المرات أمام الأشجار وكأنها الجمهور الذي سأتحدث أمامه.
وقد فزت بالجائزة الأولى.. دهشت لما حدث، وصدر عن الجمهور تصفيق كبير وجاءني نفس الأولاد الذين كانوا يسخرون مني ويسمونني (ذو الوجه الطويل النحيل) وهم يقولون: كنا نعرف أنك تستطيع أدائها يا إلمر).. ولقد خدمت في مجلس الشيوخ بولاية أوكلاهوما لمدة ثلاثة عشر عاما وكذلك في بيت الكونجرس لمدة أربعة أعوام، وعندما بلغت الخمسين حققت أمل حياتي: حيث انتخبت عضوًا في مجلس الشيوخ بولاية أوكلاهوما.
وإنني إذ أروي قصتي هذه فإنني لا أتباهى بما حققت من إنجازات ربما لا تهم أحدًا غيري، ولكني رويتها كلها على أمل أن تقدم شيئًا من الأمل وعدم اليأس و الشجاعة والثقة بالنفس لدى ولد فقير يعاني من القلق، والخجل، والشعور بالنقص، والتي طالما عذبتني عندما كنت أرتدي ملابس والدي البالية وحذاءه الذي كان ينخلع من قدمي دائما كلما مشيت به.
ولك أن تعرف أيها القارئ أن إلمر توماس – الذي كان يخجل من الملابس الواسعة وهو شاب، أصبح فيما بعد حاصلاً على لقب أفضل أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي أناقة.
*فهل منحتك هذه القصة الواقعية شيئًا من الأمل.. أتمنى ذلك !.
مختارات