" العلاج من فضول الجوارح "
" العلاج من فضول الجوارح "
اعلم أخي المسلم أن العلاج من تلك الآفات المهلكة من فضول النظر والسمع والكلام والفكر يكون بتوفيق الله تعالى أولا ثم بقوة إيمان المسلم، وفي نفس الوقت على المسلم الإخلاص لله تعالى في كل أفعاله، وأن يتيقن بالجزاء والحساب فلا يغفل عن ذلك.
وهناك أمور تساعدك أخي المسلم وتعينك على أن تقلع عن تلك العادات من فضول الجوارح، منها:
1- استحضار عظمة الله تعالى، وأنه رقيب على الناس شهيد عليهم حسيب لهم، فلا تتغافل أخي ولا تتمادى حتى لا يمقتك الله تعالى في موضع منها، حتى وإن زلّت قدمك في يوم من الأيام وتجرأت على أمر منها فأقلع سريعا ولا تتمادى، ففي ذلك خطر كبير، وهلاك للنفس ومرض للقلب والعياذ بالله تعالى.
2- تذكر الموت دوما، فهادم اللذات ومفرق الجماعات يجعل الإنسان يزدري كل مفاتن الدنيا وزينتها.
3- ازهد في الدنيا واقنع بما كتب الله تعالى لك، ولا تتطلع إلى ما لا تملك وليس في مقدورك الحصول عليه أو الوصول إليه.
4- أعلم أن ترك ما لا يعني من أهم ما يريح النفس ويجعلها تسمو في عالم الصفاء، وأن التدخل فيما لا يعني يجر على النفس القلق والحسرات، ويجعلها تتعلق بأمور وأوهام لا حقيقة لها إلا في نسج خيال الشخص، فقد يعيش أوقاتا كثيرة مع وهم يحسبه حقيقة، وما أن يصحو منه حتى يكون قد فاته الكثير، وكل ذلك سببه فضول نظر أو فضول سمع أو فضول كلام أو فضول فكر، واعلم أن القلب إذا تعلق بشيء أصابه الوهن وفقد الصفاء والحيوية.
5- تذكر أن لكل إنسان خصوصية لا يحب من أحد التطلع عليها ولا كشفها، لا بنظر ولا بسمع ولا بكلام ولا بفكر، فكما تحب ذلك لنفسك يا أخي فأحبه لغيرك.
6- تذكر أخي أن جوارحك التي تسعى لراحتك في الدنيا ستشهد عليك في الآخرة، وستكون سبب إهلاكك، وستتبرأ منك، تذكر ذلك دوما ولا تنساه أبدا، عن أنس بن مالك قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك فقال: «هل تدرون مم أضحك؟» قال: قلنا الله ورسوله أعلم ! قال: «من مخاطبة العبد ربه؛ يقول: يا رب، ألم تجرني من الظلم؟ قال: يقول: بلى، قال: فيقول: فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهدا مني، قال: فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيداً، وبالكرام الكاتبين شهودا، قال: فيُختم على فيه، فيقال لأركانه: انطقي، قال: فتنطق بأعماله، قال: ثم يُخلّى بينه وبين الكلام، قال: فيقول: بُعدا لكنَّ وسحقا، فعنكن كنت أناضل» [مسلم].
7- تذكر أن الله تعالى قد وهبك هذه الجوارح لتستعملها فيما يرضيه لا فيما يسخطه عز وجل، وهو قادر سبحانه وتعالى في أي وقت وأنت في أوج فرحك وسرورك أن يسلبك أحدها، فيجعلك تندم وتتحسر وتنقلب حياتك ترح بعد فرح وحزن بعد سرور، وتتمنى حينها لو أن صحتك تعود كما كانت، ولكن هيهات ذلك بعد فوات الأوان وضياع الفرص.
مختارات