" الـصـــلاة "
" الـصـــلاة "
الصلاة عمود الدين:
الصلاة هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين.. فهي صلة بين العبد وربه افترضها الله وعظم شأنها، ومدح أهلها في أكثر من ثمانين موضعًا في القرآن العظيم، وجاء في الحديث: الإخبار بأنها أول ما ينظر الله فيه من عمل العبد، فإن قبلها نظر في سائر عمله، وإن ردها رد سائر عمله.. فلا يقبل للعبد زكاة ولا صوم ولا حج ولا بر ولا صدقة ما دام تاركًا لصلاته مضَيِّعًا لها لأنها عمود الدين من حفظها فقد حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع.
* تارك الصلاة كافر بإجماع المسلمين:
وتارك الصلاة – رجلاً أم أمرأة – كافرٌ بإجماع المسلمين حلال الدم والمال يستتاب فإن تاب وصلى وإلا قتل مرتدًا، لا يغسَّل ولا يُكفَّن ولا يُصلَّى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، ولا يرث أقاربه المسلمين، ولا يرثونه.
قال الله تعالى: " مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ " [سورة المدثر، الآية: 43] وقال تعالى: " فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا " [سورة مريم، الآية: 59] وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذيب رواه الإمام أحمد وأهل السنن قال النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «أن من حفظها وحافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاة يوم القيامة ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورًا ولا برهانًا ولا نجاة وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف» نعوذ بالله من سخطه وأليم عقابه.
وفي الحديث الذي رواه الأمام مسلم وغيره: «بين الرَّجل وبين الكفر ترك الصلاة».
والصلاة واجبة على كل مسلم مكلف ذكرًا أو أنثى لا تسقط عنه بأي حال حتى لو كان خائفًا أو مريضًا فإنه يؤديها بقدر استطاعته، ولا يعذر بتركها إلا الحائض والنفساء أيام الحيض والنفاس فقط.
والتهاون بالصلاة وتأخيرها عن أوقاتها من أعظم المحرمات التي توعد الله فاعلها بويل وهو: واد في جهنم تستعيذ جهنم من حره كما قال تعالى: " فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ " [سورة الماعون، الآية: 5].
* وجوب الصلاة مع الجماعة:
أيها المسلم اعلم أن الصلاة مع الجماعة واجبة على الرجال، ولا يعذر في التخلف عنها مع الجماعة إلا المريض أو الخائف على نفسه أو أهله أو ماله أو ما هو مستحفظ عليه أو فوات رفقته.
ومن أدلة وجوبها مع الجماعة:
أولا: آية صلاة الخوف: حيث أمر الله بها جماعة في حال الخوف ومواجهة العدو، وحيث اغتفرت أفعال كثيرة تجب في الصلاة في غير الخوف لأجل الجماعة.
ثانيًا: إباحة جمع صلاة العشاء مع المغرب: في حالة البرد الشديد أو المطر أو الوحل، فأبيح تقديم العشاء على وقتها من أجل الجماعة الذين يشق عليهم الرجوع إلى المسجد في تلك الحالة.
ثالثًا: ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوًا، ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم انطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار».
فلو لم تكن الصلاة مع الجماعة واجبة على الرجال لما هم النبي صلى الله عليه وسلم بإحراق المتخلف عنها منهم، لأن العقوبة لا تكون إلا على ترك واجب.
رابعًا: ومن أبلغ الأدلة على وجوبها: ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخص له فلما ولى، دعاه فقال: «هل تسمع النداء؟» قال: نعم قال: «فأجب» فإذا كانت إجابة النداء للصلاة، والصلاة في المسجد واجبة على الأعمى فهي على المبصر أوجب.
خامسًا: وقال أبو بكر بن المنذر: روينا عن غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر منهم: ابن مسعود وأبا موسى الأشعري أنهم قالوا: من سمع النداء ثم لم يجب من غير عذر فلا صلاة له، وقد روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
واعلموا يا من تصلون الجمعة وتتركون ما سواها أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ في الحديث بالصلوات الخمس فقال: «الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر» فبهذا وغيره يعلم أن الله افترض الصلوات الخمس كل يوم وليلة، وهذا الحديث صريح في أن تأدية الصلوات الخمس والجمعة وصوم رمضان لا تكفر كبائر الذنوب وإنما تكفر الصغائر.
أما الكبائر التي توعد الله فاعلها بالعذاب فلا يكفرها إلا التوبة منها كما دلت على ذلك الآيات والأحاديث.
ترك الصلاة كبيرة من الكبائر:
ومعلوم أن ترك صلاة واحدة من الصلوات الخمس من أكبر الكبائر.
فاتقوا الله أيها المتهاونون بالصلاة وارجعوا إلى ربكم، وتوبوا إليه قبل أن يخترمكم الموت فتقول نفس: " يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ " [الزمر، الآية: 56].
اتقوا الله وأدوا فرائضه وتجنبوا محرماته واعلموا أن الصلاة هي عمود الدين، وهي آخر ما يفقده المرء من دينه إذ ليس بعد فقدها دين وهي التي ما زال النبي صلى الله عليه وسلم يوصي بها وهو يجود بنفسه الشريفة حيث كان يقول: «الله الله في الصلاة وفيما ملكت إيمانكم» فتعلم أيها المسلم أحكام الصلاة وأدِّها حيث أمرك الله بخشوع ورغبة إلى الله، عسى الله أن يقبل منك ويتوب عليك ويغفر لك.
مختارات