محاولة اغتيال صلاح الدين الأيوبي
محاولة اغتيال صلاح الدين الأيوبي:
السلطان الكبير الملك الناصر، صلاح الدين، أبو المظفر، يوسف ابن الأمير نجم الدين أيوب بن شاذي الدويني، التكريتي المولد ولد في سنة اثنتين وخمس مئة.
قال الموفق عبد اللطيف: أتيت، وصلاح الدين بالقدس، فرأيت ملكا يملأ العيون روعة، والقلوب محبة، قريبا وبعيدا، سهلا، محببا، وأصحابه يتشبهون به، يتسابقون إلى المعروف كما قال تعالى: [وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا] [الحجر: 47] وأول ليلة حضرته وجدت مجلسه حافلا بأهل العلم يتذاكرون، وهو يحسن الاستماع والمشاركة، ويأخذ في كيفية بناء الأسوار، وحفر الخنادق، ويأتي بكل معنى بديع، وكان مهتما في بناء سور بيت المقدس وحفر خندقه، ويتولى ذلك بنفسه، وينقل الحجارة على عاتقه، ويتأسى به الخلق حتى القاضي الفاضل، والعماد إلى وقت الظهر، فيمد السماط، ويستريح، ويركب العصر، ثم يرجع في ضوء المشاعل، قال له صانع: هذه الحجارة التي تقطع من أسفل الخندق رخوة، قال: كذا تكون الحجارة التي تلي القرار والنداوة، فإذا ضربتها الشمس، صلبت. وكان يحفظ " الحماسة " ويظن أن كل فقيه يحفظها، فإذا أنشد، وتوقف، استطعم فلا يطعم، وجرى له ذلك مع القاضي الفاضل، ولم يكن يحفظها، وخرج، فما زال حتى حفظها.
وكانت له همة في إقامة الجهاد، وإبادة الأضداد، ما سمع بمثلها في دهر.
قال ابن واصل في حصار عزاز: كانت خيمة السلطان يحضر فيها، ويحض الرجال، فحضر باطنية في زي الأجناد، فقفز عليه واحد ضربه بسكين لولا المغفر الزرد الذي تحت القلنسوة لقتل فأمسك السلطان يد الباطني بيديه، فبقي يضرب في عنق السلطان ضربا ضعيفا، والزرد تمنع، وبادر الأمير بازكوج، فأمسك السكين، فجرحته، وما سيبها الباطني حتى بضعوه، ووثب آخر، فوثب عليه ابن منكلان، فجرحه الباطني في جنبه، فمات وقتل الباطني، وقفز ثالث، فأمسكه الأمير علي بن أبي الفوارس، فضمه تحت إبطه، فطعنه صاحب حمص، فقتله، وركب السلطان إلى مخيمه، ودمه يسيل على خده، واحتجب في بيت خشب، وعرض جنده، فمن أنكره، أبعده.
" قول ابن واصل: (لولا المغفر لقتله) غير حسن لأن عناية الله ـ عز وجل ـ هي التي أدركته وليس المغفر ".
مختارات