التحالف مع الباطنية سياسة كافرة ( المسترشد بالله )
التحالف مع الباطنية سياسة كافرة (المسترشد بالله):
أمير المؤمنين أبو منصور الفضل بن المستظهر بالله أحمد بن المقتدي بأمر الله عبد الله بن محمد بن القائم بن عبد الله بن عبد القادر القرشي الهاشمي العباسي ـ البغدادي.
مولده سنة ست وثمانين وأربع مئة في أيام جده المقتدي وخطب له بولاية العهد وهو يرضع وضربت السكة باسمه.
وله خط بديع، ونثر صنيع، ونظم جيد، مع دين ورأي، وشهامة وشجاعة، وكان خليقا للإمامة، قليل النظر.
قال ابن النجار: كان ذا شهامة وهيبة، وشجاعة وإقدام، ولم تزل أيامه مكدرة بتشويش المخالفين، وكان يخرج بنفسه لدفع ذلك ومباشرته إلى أن خرج، فكسر، وأسر، ثم استشهد على يد الملاحدة وكان قد سمع الحديث قال ابن النجار: أخبرنا زين الأمناء عن محمد بن محمد الإسكافي إمام الوزير قال: لما كنا مع المسترشد بباب همذان، كان معنا إنسان يعرف بفارس الإسلام، وكان يقرب من خدمة الخليفة، فدخل على الوزير ابن طراد، فقال: رأيت الساعة النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله ما تقول في هذا الجيش؟ قال: مكسور مقهور، فأريد أن تطالع الخليفة بهذا، فقال: يا فارس الإسلام، أنا أشرت على الخليفة أن لا يخرج من بغداد، فقال: يا علي، أنت عاجز عد إلى بيتك، فلا أبلغه هذا، لكن قل لابن طلحة صاحب المخزن، فذهب إلى ابن طلحة، فأخبره، فقال: لا أنهي إليه ما يتطير به، فاكتب هذا إليه واعرضها، وأخل موضع مقهور فكتبتها، وجئت إلى السرادق، فوجدت نجا في الدهليز، وقد صلى الخليفة الفجر، وبين يديه مصحف، ومقابله ابن سكينة إمامه فدخل نجا الخادم، فسلم الرقعة إليه، وأنا أنظره، فقرأها غير مرة وقال: من كتب هذه؟ فقال: فارس الإسلام، قال: أحضره، فجاء فقبض على يدي، فأرعدت، وقبلت الأرض، فقال: وعليكم السلام ثم قرأ الرقعة مرات، ثم قال: من كتب هذه؟ قلت: أنا، قال: ويلك، لم أخليت موضع الكلمة الأخرى؟ قلت: هو ما رأيت يا أمير المؤمنين، قال: ويلك، هذا المنام أريته أنا في هذه الساعة، فقلت: يا مولانا، لا يكون أصدق من رؤياك، ترجع من حيث جئت، قال: ويلك أو يكذب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ لا والله ما بقي لنا رجعة ويقضي الله ما يشاء، فلما كان اليوم الثاني، أو الثالث، وقع المصاف وتم ما تم، وكسر وأسر، وقتل رحمه الله.
قال ابن ناصر: خرج المسترشد بالله سنة تسع وعشرين وخمس مئة إلى همذان للإصلاح بين السلاطين، واختلاف الجند، وكان معه جمع كثير من الأتراك، فغدر به أكثرهم، ولحقوا بمسعود بن محمد بن ملكشاه، ثم التقى الجمعان، فانهزم جمع المسترشد بالله وقبض عليه، وعلى خواصه، وحملوا إلى قلعة هناك، فحبسوا بها وبقي الخليفة مع السلطان مسعود، وحمل معهم إلى مراغة، ثم إن الباطنية ألفوا عليه جماعة من الملاحدة، وكان قد أنزل ناحية من المعسكر، فدخلوا عليه، ففتكوا به، وبجماعة كانوا على باب خركاهه (الخركاه بالفارسية، الخيمة الكبيرة) وقتلوا.
وجاء الخبر إلى بغداد، فكثر النوح والبكاء بها، وعمل العزاء.
قلت: بويع عند موت أبيه سنة اثنتي عشرة وخمس مئة فكانت دولته سبع عشرة سنة وسبعة أشهر، وعاش ستا وأربعين سنة فقيل: إن الذين فتكوا به جهزهم مسعود، وكانوا سبعة عشر نفسا فأمسكوا، وقتلهم السلطان، وأظهر الحزن والجزع.
وقيل: بعث السلطان سنجر بن ملكشاه إلى ابن أخيه مسعود يوبخه على انتهاك حرمة المسترشد، ويأمره برده إلى مقر عزه. وأن يمشي بين يديه بالغاشية ويخضع، ففعل ذلك ظاهرا، وعمل على قتله.
مختارات