قاعدة تتضمن مسائل كلها مفطرة للصائم وفوائد أخرى
قاعدة تتضمن مسائل كلها مفطرة للصائم
الأولى: إذا اكتحل بالنهار وهو صائم ونزل إلى حلقه، أو قطر ونزلت القطرة إلى حلقه، عامدًا أفطر وعلى هذا جماهير فقهاء الإسلام اتباع الأئمة الأربعة، وحيث لا دليل على قصد الفطر على المغذي من كتاب ولا سنة ينص على التغذية أو على إناطة الحكم بالتغذية فالإجماع أولى بالاتباع.
الثانية: الإبر التي تسمى الآن السرنجة سواء كانت بالوريدي أو الشرياني فإنها إذا دخلت في الجوف ودارت مع الدم تفطر الصائم وهذا يشمل جميع أنواعها وأشكالها وعلى هذا أجمع فقهاء الإسلام المتأخرون من اتباع الأئمة الأربعة فأناطوا الحكم بدخول الجوف لا بالتغذية وحيث لا دليل من كتاب ولا سنة ينص على التغذية أو يقصر الحكم على التغذية فإن الإجماع أولى بالاتباع.
الثالثة: إذا سافر المسلم لطلب العلم أو للعلاج إلى ديار مسلمة أو كافرة، وأتاه رمضان ولم يصم فإنه يقض بعد ذلك وهذا بإجماع فقهاء الإسلام اتباع الأئمة الأربعة والإجماع أولى بالاتباع.
32- فوائد:
الأولى: إذا قال الفقهاء من أصحابنا في دعوى شخص يقبل قوله فمرادهم مع يمينه قال ابن القيم رحمه الله تعالى وهذا إذا لم يكذبه شاهد الحال وهكذا سائر من قلنا يقبل قوله فإن الأصل قبول قول الأمناء إلا حيث يكذبهم الظاهر.
الثانية: مناسبة ترتيب كتب الفقه ووجه ذلك أن مصلحة البدن مقدمه على مصلحة المال وإنما قدمت حرمة المال لأنه مادة البدن ومصلحة القلب مقدمة على مصلحة البدن فقدموا ربع العبادات على ربع المعاملات وبهما تتم مصلحة القلب والبدن ثم ذكروا ربع المناكحات لأن ذلك مصلحة الشخص وهذا مصلحة النوع الذي يبقى بالنكاح، ثم لما ذكروا المصالح ذكروا ما به حفظ أموالنا في ربع الجنايات ذكر معناه الشيخ تقي الدين.
الثالثة: أبدى العلامة الشيخ محمد الخلوتي رحمه الله مناسبة تقديم باب إزالة النجاسة على باب الحيض والنفاس مع أنهم من موجبات الغسل فهما متعلقان بما قبلهما من طهارة الحدث وهم لا يقطعون النظير عن نظيره. قال وهي أن إزالة النجاسة واجبة على الذكر والأنثى والطهارة من الحيض والنفاس خاصة بالأنثى وما كان مشتركًا بينهما فالاعتناء به أشد مما هو مختص بالأنثى وهذا أولى من تعليل شيخه الشيخ منصور البهوتي في قوله أفرده هو والنفاس من بين موجبات الغسل لما يختص بهما من الأحكام وآخر الكلام عليها لطوله اهـ.
33- فائدة في عدد آي وحروف القرآن الكريم: يقول الشيخ الفقيه الإمام العالم العامل المحدث أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الأندلسي ثم القرطبي رحمه الله في معرض عدد حروف القرآن وأجزائه قال: أما عدد حروف القرآن وأجزائه فروى سلام أبو محمد الجماني أن الحجاج بن يوسف جمع القراء والحفاظ والكتَّاب فقال: أخبروني عن القرآن كله كم حرف هو؟ قال: وكنت فيهم فحسبنا فأجمعنا على أن القرآن ثلثمائة ألف حرف وأربعون ألف حرف وسبعمائة حرف وأربعون حرف قال فأخبروني إلى أي حرف ينتهي نصف القرآن؟ فإذا هو في الكهف " وليتلطف " في الفاء قال فأخبروني بأثلاثه فإذا الثلث الأول رأس مائة من براءة إلى آخره.
وقال القرطبي رحمه الله في معرض عدد آي القرآن الكريم فقال: إن عدد آي القرآن في المدني الأول، فقال محمد بن عيسى جميع آي القرآن في المدني الأول ستة آلاف آية، قال أبو عمرو: وهو العدد الذي رواه أهل الكوفة عن أهل المدينة، ولم يسموا في ذلك أحد بعينه يسندونه إليه وأما المدني الآخر فهو في قول إسماعيل بن جعفر: ستة آلاف آية ومائتا آية وأربع عشرة آية. وقال الفضل عدد آي القرآن في قول المكيين ستة آلاف آية ومائتا آية وتسع عشرة آية، قال محمد بن عيسى وجميع آي القرآن في قول الكوفيين ستة آلاف آية ومائتا آية وثلاثون وست آيات، وهو العدد الذي رواه سليم والكسائي عن حمزة، وأسنده الكسائي إلى علي رضي الله عنه، قال محمد: وجميع عدد آي القرآن في قول البصريين ستة آلاف ومائتان وأربع آيات، وهو العدد الذي رضي عليه سلفهم حتى الآن. وأما عدد أهل الشام فقال يحيى بن الحارث الذماري: ستة آلاف ومائتان وست وعشرون، وفي رواية ستة آلاف ومائتان وخمس وعشرون نقص آية قال ابن ذكوان: فظننت أن يحيى لم يعد " بسم الله الرحمن الرحيم " قال أبو عمر: فهذه الأعداد التي يتداولها الناس تأليفًا، ويعدون بها في سائر الآفاق قديمًا وحديثًا. وأما كلماته فقال الفضل بن شاذن جميع كلمات القرآن في قول عطاء بن يسار سبعة وسبعون ألفًا وأربعمائة وتسع وثلاثون كلمة وحروفه ثلثمائة ألف وثلاثة وعشرون ألفا وخمسة عشر حرفًا قلت هذا يخالف ما تقدم عن الجماني قبل هذا، وقال عبد الله بن كثير عن مجاهد قال: هذا ما أحصينا عن القرآن وهو ثلثمائة ألف حرف وأحد وعشرون ألف حرف ومائة وثمانون حرفًا وهذا يخالف ما ذكره قبل عن الجماني من عد حروفه، هذا كل ما في الجامع لأحكام القرآن لأبي عبد الله بن محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي.
مختارات