يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحبونه
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
عدم نجاح الدعوة إلى الله إلا إذا اتجهت إلى القلب والعقل معاً:
أيها الأخوة الكرام، مع درس جديد من دروس يا أيها الذين آمنوا آية اليوم:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ(54) ﴾
(سورة النساء)
أيها الأخوة، الإنسان عقل يدرك، وقلب يحب، وجسم يتحرك، وغذاء العقل العلم، وغذاء القلب الحب، وأية دعوة تتجه إلى العقل وحده لا تنجح، وأية دعوة تتجه إلى القلب وحده لا تنجح، لا تنجح الدعوة إلا إذا اتجهت إلى القلب والعقل معاً.
الدين شطره علم وشطره حب:
آية اليوم تتجه إلى القلب، إلى الحب، فالله سبحانه وتعالى شاءت حكمته أن يجعل العلاقة بينه وبين المؤمنين علاقة حب:
﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ (38) ﴾
(سورة المائدة)
لذلك لم يرضَ أن يأتيه الإنسان مكرهاً، قال تعالى:
﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾
(سورة البقرة الآية: 256)
أراد الله عز وجل أن تأتيه طائعاً، أن تأتيه عن حب، أن تأتيه بمبادرة منك، أن تأتيه وبإمكانك ألا تأتيه، أن تصلي وبإمكانك ألا تصلي، أن تضبط حركتك في الحياة وبإمكانك أن تتفلت، لأنك مخير وآثرت طاعته ومحبته والإقبال عليه إذاً أنت تحبه، هذا الدين شطره علم وشطره حب.
من لا يحب الله عز وجل ينبطح أمام القوي ويستعلي على المؤمن:
لكن يقول بعض العلماء: من أعجب العجب أن تعرفه ثم لا تحبه، ومن أعجب العجب أن تحبه ثم لا تطيعه، فهذه الآية:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ (54) ﴾
(سورة النساء)
لذلك الذي يرتد عن دينه لا يحب الله، والدليل فسوف يأتي الله بقوم لا يرتدون عن الدين:
﴿ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ (54) ﴾
(سورة النساء)
أما الذي لا يحب الله ينبطح أمام القوي ويستعلي على المؤمن، أمام الأقوياء أذلة، أمام المؤمنين يقهرونهم، يستعلون عليهم، انظر إلى هذه الصفة:
﴿ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ (54) ﴾
(سورة المائدة)
بأموالهم، بوقتهم، بخبرتهم، بعلمهم، بلسانهم، بدعوتهم، بعملهم
﴿ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ (54) ﴾
(سورة المائدة)
لا تأخذهم في الله لومة لائم:
﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ (39) ﴾
(سورة الأحزاب)
من عرف الله عز وجل وأحبه حقق الهدف من وجوده:
ألا لا إيمان لمن لا محبة له، شطر هذا الدين أن تعرفه، وشطره الآخر أن تحبه، فإذا عرفته وأحببته حققت الهدف من وجودك، لذلك العبادة: طاعة طوعية، ليست قسرية ليس فيها إكراه، أنت مخير فيما كلفت، بإمكانك أن تأتي المسجد وبإمكانك أن تذهب إلى الملهى، بإمكانك أن تتزوج وهناك من يزني، بإمكانك أن تأكل المال الحلال وهناك من يأكل المال الحرام، بإمكانك أن تكون محسناً وبإمكانك أن تكون مسيئاً، أنت مخير لذلك يثمن عملك بأنك مخير أتيته طائعاً، لكن أهل الدنيا الإنسان يحب، الحب جزء، حتى إن هناك عيداً للحب إلا أن البطولة أن تعرف من تحب، قد تحب مخلوقاً فانياً تتركه أو يتركك، لو أحب إنسان امرأة ولتكن زوجته لابد أن تفارقه أو لابد أن يفارقها:
(عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به)
[أخرجه الشيرازي عن سهل بن سعد و البيهقي عن جابر]
الحب في الله عين التوحيد والحب مع الله عين الشرك:
إذاً الله عز وجل أراد أن تكون العلاقة بيننا وبينه علاقة حب والدليل هذه الآية:
﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ (38) ﴾
(سورة المائدة)
علامة إيمانك أنك تحب الله، وأن قلبك يضطرب إذا ذكرت الله، أيها الأخوة، أما عامة الناس:
﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ﴾
(سورة البقرة الآية: 165)
إن لم تحب الله لابدّ من أن تحب شيئاً آخر، لأن الإنسان الذي لا يحب ليس من بني البشر، أي إنسان يحب، المؤمن يحب الله ومحبة الله أصل، ويحب رسوله فرع، يحب صحابته جميعاً فرع، يحب المؤمنين فرع، يحب المساجد فرع، يحب القرآن الكريم فرع، يحب العمل الصالح فرع، لذلك هناك حب في الله وهناك حب مع الله، الحب في الله عين التوحيد والحب مع الله عين الشرك، قال تعالى:
﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ ﴾
(سورة البقرة الآية: 165)
الشهوات التي أودعها الله بالإنسان لها جانبان: جانب مسموح و جانب محرم:
صيامك محبة لله، ما الذي يمنعك وأنت في بيتك وحدك أن تأكل ما تشتهي في نهار رمضان أو أن تشرب الماء العذب الفرات؟ ما الذي يمنعك؟ محبة الله، فهذا الشهر يؤكد فيه الإنسان أنه يحب الله عز وجل، إلا أن الله عز وجل من أجل أن نصل إليه وأن نرتقي إليه أودع فينا الشهوات، أعطانا مجالاً مسموحاً به من هذه الشهوات وحرم علينا مجالاً آخر، أودع فيك حب المال، سمح لك بالزواج الشرعي وإنجاب الأولاد وحرم عليك الزنا، أودع فيك حب المال سمح لك بالكسب المشروع وحرم عليك الكسب غير المشروع، أودع فيك حب العلو في الأرض، سمح لك أن تعلو في الأرض بطاعة الله، وبطلب العلم، وبخدمة الخلق، وحرم عليك أن تعلو في الأرض بسبب قوتك وقهرك للناس، فجميع الشهوات التي أودعها الله فينا فيها جانب مسموح به هو ما قاله الله عز وجل:
﴿ بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (86) ﴾
(سورة هود)
وفيها جانب محرم لذلك قال تعالى:
﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾
(سورة آل عمران الآية: 14)
هذه الشهوات ما أودعها الله فينا إلا لنرقى بها إلى رب الأرض والسماوات.
الإنسان بالشهوات يرقى مرتين مرة صابراً ومرة شاكراً:
كيف نتقرب إلى الله؟ تمشي امرأة في الطريق بأبهى زينة، كل مفاتنها ظاهرة، وليس في الأرض كلها قانون يمنعك أن تنظر، فإذا أنت تغض الطرف محبة لله، طاعة لله، تقرباً إلى الله، ثم تزوجت امرأة صالحة تنظر إليها بملء عينيك تشكر الله عليها، فأنت بالشهوات ترقى مرتين مرة صابراً ومرة شاكراً، إذا غضضت بصرك عن امرأة لا تحل لك ترقى إلى الله صابراً، وإذا نظرت إلى من تحل لك ترقى إلى الله شاكراً، إذا ترفعت عن صفقة مشبوهة البضاعة فيها محرمة أو طريقة الكسب محرمة ترقى إلى الله صابراً، فإذا كسبت مالاً حلالاً، واشتريت به طعاماً وشراباً أطعمت أهلك وأكرمتهم ترقى إلى الله شاكراً، كالمنشار وأنت تغض البصر ترقى وأنت تنظر إلى زوجتك ترقى، وأنت تكف عن المال الحرام ترقى وأنت تأكل المال الحلال ترقى، لولا الشهوات التي أودعها الله فينا ما ارتقينا إلى رب الأرض والسماوات.
الدنيا تنتهي بالموت لكن عطاء الله أبدي سرمدي لا ينتهي:
لكن خطأ الإنسان أنه يحب العاجلة ولا يلتفت إلى الآجلة، قال تعالى:
﴿ كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ(20)وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ(21) ﴾
(سورة القيامة)
الموت ينهي كل شيء، ينهي قوة القوي، وضعف الضعيف، وغنى الغني، وفقر الفقير، ووسامة الوسيم، ودمامة الدميم، ينهي كل شيء، فالدنيا تنتهي بالموت ولا يليق بعطاء الله أن ينتهي بالموت عطاء الله أبدي سرمدي:
﴿ كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ(20)وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ(21) ﴾
(سورة القيامة)
﴿ وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا(20) ﴾
(سورة الفجر)
والمال محبته خطأ وبغضه خطأ، إنك إن أحببته وجعلته وسيلة إلى الآخرة كان المال أعظم نعمة بين يديك، وإنك إن أحببته من أجل أن تستمتع به في الدنيا يأتي الموت وينهي هذه المتعة.
من ارتقى إلى الله عز وجل يغلب عنده الحب العقلي على الحب الحسي:
الآن هناك محبة عقلية ومحبة حسية، الإنسان كلما ارتقى تغلب عليه المحبة العقلية ويبتعد عن المحبة الحسية، يعني طالب يحب أن يستمتع مع أصدقائه، يحب أن يسهر، أن يذهب إلى النزهات، يدع النزهات واللقاءات وكل أنواع المتع ويعكف على الدرس، يحب أن يكون عالماً، محبته للعلم ليست حسية لكنها عقلية، ومحبته للنزهات حسية، فيؤثر المحبة العقلية على المحبة الحسية حتى في صحتنا الطعام الطيب جداً يؤذينا، فالإنسان يغلب عليه حرصه على صحته يأكل طعاماً خفيفاً أما الطعام الذي ترغبه النفوس لا يناسب الأجسام، فلذلك كلما ارتقينا تغلب علينا الحب العقلي، أن تأتي من بيتك إلى المسجد أنت ماذا تحب؟ تحب في الحقيقة أن تبقى في السرير لكنك تدافع رغبتك في السرير وتأتي إلى المسجد هذا حب عقلي، فكلما ارتقيت إلى الله يغلب عليك الحب العقلي لذلك قال تعالى:
﴿ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾
(سورة البقرة الآية: 216)
وعسى أن تكرهوا شيئاً هذه كراهة عقلية وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون.
من ادعى حب الله عز وجل و لم يستقم على أمره فدعواه كاذبة:
الآن الله عز وجل ما قبل دعوى محبته إلا بالدليل قال تعالى:
﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ (31) ﴾
(سورة آل عمران)
أما أن تقول أنا أحب الله ولا تستقيم على أمره هذه دعوى كاذبة، فالله عز وجل ما قبل دعوى محبته إلا بالدليل وشيء آخر:
﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾
(سورة آل عمران الآية: 92)
هنا جاءت الشهوات لنرقى بها إلى رب الأرض والسماوات، أنت تحب المال ولن ترقى إلى الله إلا إذا أنفقت المال، تحب الراحة لن ترقى إلى الله إلا إذا تجافت جنوبك عن المضاجع:
﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا (16)﴾
(سورة السجدة)
نحن في علاقتنا مع الطرف الآخر، مع الأقوياء في العالم الغربي خطأنا كبير أننا أحببناهم فاكتشفنا أنهم لا يحبوننا، لكن الله أخبرنا بهذا قال تعالى:
﴿ هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ (119) ﴾
(سورة آل عمران)
فإذا كرهت من أمرك الله أن تكرهه، وأحببت من أمرك الله أن تحبه كنت على منهج الله:
﴿ هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ (119) ﴾
(سورة آل عمران)
لذلك حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات، الإنسان يحب المكاره محبة عقلية ويبتعد عن الشهوات مع أنه يحبها محبة حسية، حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات.
الله عز وجل لا يعذب أحبابه:
مرة ثانية أيها الأخوة الإنسان عندما يدعي أنه يحب الله فالله عز وجل لا يعذبه أبداً، حينما يحب الإنسان ربه فالله لا يعذبه، أما عندما يدعي محبته فالله يعذبه الدليل:
﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ (18) ﴾
(سورة المائدة)
بماذا ردّ الله عليهم؟
﴿ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ (18) ﴾
(سورة المائدة)
إذاً الله عز وجل يؤكد لنا أن دعوى محبته لا تقدم ولا تؤخر، وأن الله لا يعذب أحبابه وهذه بشارة كبيرة جداً إن الله لا يعذب أحبابه، إذا كنت تحبه حقيقة فالله لا يعذبك، أما إذا كان الله يبتلي المسلمين بما لا يحتملونه فمعنى ذلك أنهم يدعون محبته.
من آثر شيئاً على محبة الله فالطريق إلى الله عز وجل مسدود:
الآن هناك آية أيها الأخوة والله الذي لا إله إلا هو تقصم الظهر:
﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ(24) ﴾
(سورة التوبة)
معنى ذلك إذا آثرت بيتاً ليس لك اغتصبته على طاعة الله الطريق إلى الله مسدود، إذا آثرت تجارة لا ترضي الله فالطريق إلى الله مسدود، إذا آثرت امرأة هي زوجتك لا ترضي الله تحبها على معصية فالطريق إلى الله مسدود، إذا آثرت تجارة، بيتاً، زوجة، إذا آثرت أن تكون مع عشيرتك على باطل فالطريق إلى الله مسدود، آية تقصم الظهر:
﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ(24) ﴾
(سورة التوبة)
المحبة العقلية والحسية:
الآن المحبة العقلية والحسية:
﴿ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ﴾
(سورة يوسف)
هل هناك شاب في الأرض في القارات الخمس لا يستمتع بامرأة، امرأة العزيز بارعة الجمال هي سيدته، ماذا قال؟
﴿ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ﴾
(سورة يوسف)
فلذلك أيها الأخوة قضية المحبة العقلية والحسية مهمة جداً، السجن وما فيه من متاعب مع طاعة الله أحب إلى هذا النبي الكريم من أن يمتع نفسه بامرأة لا تحل له.
من أحبه الله ألقى محبته في قلوب الخلق:
الآن ما معنى أن يحبك الله؟ هنا معنى أن يحبك الله أي يلقي محبتك في قلوب الخلق:
﴿ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي (39) ﴾
(سورة طه)
إذا أحبك الله ألقى محبتك في قلوب الخلق وليس في الأرض شيء أثمن من أن يحبك الخلق وأن يثقوا بك وهذا من فضل الله عز وجل.
حلاوة الإيمان و حقائق الإيمان:
لذلك أيها الأخوة، الآن دخلنا في موضوع آخر هناك ما يسمى بحقائق الإيمان وهناك ما يسمى بحلاوة الإيمان، حلاوة الإيمان شيء يصعب تصوره، حلاوة الإيمان تجعلك بطلاً، تجعلك متميزاً، تجعلك تؤثر ما عند الله على الدنيا بأكملها، حلاوة الإيمان تجعلك كالمرجل، حلاوة الإيمان تهبك رؤية صحيحة، ومنطقاً سليماً، ولساناً صادقاً، ومحبة لله، وأمناً، وطمأنينة، وسكينة، وسعادة، لذلك:
(ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، الله في قرآنه ورسوله في سنته، أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا)
[متفق عليه عن أنس بن مالك]
بمعنى حينما تتعارض مصلحتك مع النص الشرعي تؤثر طاعة الله وتركل مصلحتك بقدمك عندئذ تذوق حلاوة الإيمان، حينما تركل صفقة رابحة جداً لكنها لا ترضي الله تذوق حلاوة الإيمان:
(ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ)
[متفق عليه عن أنس بن مالك]
الحب جوهر الدين:
أيها الأخوة، الحب جوهر الدين، أنت تسعد بالحب، تسلم بطاعة الله وتسعد بالحب، والذي يحب الله عز وجل الله يحبه، ما معنى أن يحبك الله؟ يلقي في قلبك السكينة، تسعد بها ولو فقدت كل شيء، وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء، إذا أحبك الله يلقي في قلبك الرضا، إذا أحبك الله يعطيك الحكمة:
﴿ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ﴾
(سورة البقرة الآية: 269)
إذا أحبك الله يعطيك الرضا والسكينة ويعطيك الأمن:
﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾
(سورة الأنعام)
يعني ألا تفرق بين جوهرة ثمينة يوجد باستانبول جوهرة (ألماسة) بحجم البيضة سمعت القصة من عشرين سنة أن ثمنها 150 مليون دولار، وبحجمها في فحمة والألماس أصله فحم ثمنها قرش، وازن بين ألماسة ثمنها 150 مليون دولار، وبين قطعة فحم والألماس فحم أصله، هناك إنسان فحمة، هناك إنسان ألماسة، الفرق بين المؤمن وغير المؤمن فرق كبير جداً، كبير إلى درجة مذهلة، أحياناً ترى خاتم ألماس ثمنه أربع ملايين، وهناك خاتم ثمنه خمس ليرات، يمكن خاتم الخمس ليرات حجره أكبر، بين خمس ملايين وخمس ليرات هذا الفرق بين المؤمن وغير المؤمن، لذلك أيها الأخوة الإنسان إذا أحب الله وصل إلى كل شيء، والحب له ثمن والثمن باهظ، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله غالية.
والحمد لله رب العالمين
مختارات