شرح دعاء من خشي أن يصيب شيئا بعينه
دُعَاءُ مَنْ خَشِيَ أنْ يُصِيبَ شَيئاً بِعَيْنِهِ
(إذَا رَأى أحَدُكُمْ مِنْ أخِيِهِ، أوْ مِنْ نَفْسِهِ، أوْ مِنْ مَالِهِ مَا يُعْجِبُهُ [فَلْيَدْعُ لَهُ بالبَرَكَةِ] فَإنَّ العَيْنَ حَقٌّ
صحابي الحديث هو عامر بن ربيعة، وسهل بن حنيف رضى الله عنهما.
قوله: (فَلْيَدعُ له بالبر) أي: يقول له: بارك الله عليك أو اللهم بارك فيك.
وجاء عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، قال: رأى عامرُ بنُ ربيعة سهلَ بن حنيف يغتسل، فقال: والله ما رأيت كاليوم، ولا جلد مخبأة، فَلُبط بسهل، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل: يا رسول الله هل لك في سهل بن حنيف؟ والله ما يرفع رأسه؛ فقال: (اتهموا له أحدا)، قالوا: نتهم له عامر بن ربيعة، قال: فدعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عامراً، فتغيظ عليه، وقال: (علام يقتل أحدكم أخاه؟! أَلَا بَرَّكْتَ؟! اغتسل له)؛ فغسل له عامر وجهه، ويديه، ومرفقيه، وركبتيه، وأطراف رجله، وداخل إزاره في قدح، ثم صب عليه، فراح مع الناس ليس به بأس.
وقوله: (ولا جلد مخبأة) المخبأة: الجارية التي لم تتزوج بعد؛ لأن صيانتها أبلغ من صيانة المتزوجة، وهو جلد سهل بن حنيف؛ لأن جلده كان لطيفاً.
قوله: (فلُبِط بسهل) أي: صُرع وسقط إلى الأرض من تأثير إصابة عين عامر.
قوله: (هل لك) أي: من خير أو مداواة.
قوله: (فتغيظ عليه) أي: بالكلام.
قوله: (أَلَا بَرَّكْتَ) أي:هلَّا دعوت له بالبركة؛ بأن تقول: بارك الله عليه، أو اللهم بارك فيه؛ حتى لا تؤثر العين فيه؟!
قوله: (وداخل إزاره) قيل: المذاكير، وقيل: الأفخاذ والورك، وقيل: طرف الإزار الذي يلي الجسد مما يلي الجانب الأيمن.
قوله: (فإن العين حق)؛ فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (العين حق، ولو كان شيء سابق القدر، لسبقته العين).
و(العين حق) أي: الإصابة بالعين من جملة ما تحقق كونه، وقيل: أثرها.
قوله: (ولو كان شيء سابق القدر) كالمؤكد للقول الأول؛ أي: لو كان شيء مهلكاً أو مضراً بغير قضاء الله تعالى، لكان العين؛ أي: أصابته لشدة ضررها.
وفيه تنبيه على سرعة نفوذها وتأثيرها في الذوات؛ ولذلك تلفظ به النبي صلى الله عليه وسلم بهذا تعظيماً لشأن تأثير العين، وللمبالغة في أن يحفظ الناس أعينهم من أن يصيبوا أحداً بها، وإذا اتفق لأحد أن أعجبه شيء، وخشي أن يصيب بعينه أحداً؛ فليقل: بارك الله عليك، أو اللهم بارك فيه.
مختارات