وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ
قوله تعالى: {.. وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [الأنفال: 24]
المشهور في الآية: أنه يحول بين المؤمن وبين الكفر، وبين الكافر وبين الإيمان، ويحول بين أهل طاعته وبين معصيته، وبين أهل معصيته وبين طاعته.. وهذا قول ابن عباس وجمهور المفسرين.
وفي الآية قول آخر:: أنه سبحانه قريب من قلبه لا تخفى عليه خافية، فهو بينه وبين قلبه..
ذكره الواحدي عن قتادة، وكان هذا أنسب بالسياق؛ لأن الاستجابة أصلها بالقلب، فلا تنفع الاستجابة بالبدن دون القلب، فإن الله سبحانه بين العبد وبين قلبه، فيعلم هل استجاب له قلبه وهل أضمر ذلك أو أضمر خلافه.
وعلى القول الأول: فوجه المناسبة أنكم إن تثاقلتم عن الاستجابة لله وللرسول وأبطأتم عنها، فلا تأمنوا أن الله يحول بينكم وبين قلوبكم، فلا يمكنكم بعد ذلك الاستجابة عقوبةً لكم على تركها بعد وضوح الحق واستبانته؛ فيكون كقوله: { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ..} [الأنعام: 110]، وقوله: {.. فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ..} [الصف: 5]، وقوله: {.. فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ} [الأعراف: 101]
ففي الآية تحذير عن ترك الاستجابة بالقلب وإن استجاب بالجوارح.
ومنها: أن الرجلَ إذا حضرت له فُرصةُ القُربة والطاعة، فالحزمُ كُلُّ الحزم فى انتهازها، والمبادرة إليها، والعجزُ فى تأخيرها، والتسويف بها.. ولا سيما إذا لم يثق بقدرته وتمكنه من أسباب تحصيلها، فإن العزائم والهمم سريعةُ الانتقاض قلَّما ثبتت، والله سُبحانه يُعاقب مَنْ فتح له بابًا من الخير فلم ينتهزه، بأن يحول بين قلبه وإرادته، فلا يُمكنه بعد من إرادته عقوبةً له..
فمن لم يَستَجِبْ للهِ ورسوله إذا دعاه، حالَ بينه وبين قلبه وإرادته، فلا يمكنه الاستجابةُ بعد ذلك.
وفي الآية سر آخر، وهو: أنه جمع لهم بين الشرع والأمر به وهو الاستجابة، وبين القدر والإيمان به.. فهي كقوله تعالى: { لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (*) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير: 28،29]، وقوله: {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (*) وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ..} [المدثر: 55،56]، والله أعلم.
المصادر:
كتاب الفوائد (1:88،92) زاد المعاد في هدي خير العباد (3:574)
مختارات
-
اسم الله الحليم 2
-
شرح دعاء" اللهم اغفر لي، واهدني، وارزقني، وعافني، أعوذ بالله من ضيق المقام يوم القيامة"
-
خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم التشريعية
-
" فقد كسر عُجب نفسه ! "
-
أمور تنبغي لمن عزَم على السفر للحج والعُمرة
-
﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾
-
فتاوى العلماء حول صيام ست من شوال
-
دواء الجرح
-
" معالم على طريق التوفيق : أولًا : القرآن الكريم "
-
في ذي الحجة: أسماء الأيام من الثامن حتى الثالث عشر