تبديد اليأس
إن الواقع الصعب الذي نحياه قد أصابنا بالإحباط.. لذا فنحن بحاجة إلى جرعة أمل كي نتداوى بها، حتى لا يخذِّلنا الشيطان ولا تثبطنا أنفسنا وليكون عندنا روح التحدي لنسير في الطريق..
لِما أنت مقصِر في بعض أبواب الطاعات التي تتمنى أن تفعلها؟.. لِما لا تستطيع أن تترك هذه المعصية حتى الآن؟
إن من أخطر أسباب وقوعك في المعاصي إحساسك إنه لا توجد فائدة.. ولكن الله سبحانه وتعالى أعطانا الأمل في النجاة.. ومن ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه..
فيــــا من يأست من تغير أحوالك، خذ هذه الجرعة من الأمل حتى تبدد إحساس اليأس والإحباط بداخلك وابدأ بالتحرك..
لو كانت الحياة كلها كرب وضنك وعسر سيأتي الفرج واليسر بإذن الله {فَإِنَّ مَعَ العسرِ يسرًا، إِنَّ مَعَ العسرِ يسرًا} [الشرح:5،6]
إيـــاك واليــأس، فإنه من أكبر الكبائر.. سئِلَ النبي صلى الله عليه وسلم عن أكبر الكبائر، فقال " الشرك بالله والإياس من روح الله والقنوط من رحمة الله " [رواه البزار وحسنه الألباني].. فأعظم من ارتكابك للذنب أن تيأس من رحمة الله وتظن إنه لن يغفر لك إن أنت تبت إليه،،
1) عليك بالإيمان بقضاء الله وقدره.. قال تعالى {مَا أَصَابَ مِن مّصِيبَةٍ فِي الأَرضِ وَلا فِي أَنفسِكم إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبلِ أَن نَّبرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ، لِكَيلا تَأسَوا عَلَى مَا فَاتَكم وَلا تَفرَحوا بِمَا آتَاكم} [الحديد: 23،22].. فالله سبحانه وتعالى لم يظلمك وإنما أنت من آثرت طريق المعصية على الهداية.. ولو اعترفت بذنبك ولم تتحجج بالمبررات الواهية وبدأت تشعر بأخطاءك والمشاكل التي بداخلك، فسيخلصك الله عز وجل من ذنوبك.. قال الرسول صلى الله عليه وسلم " إن العبد إذا اعترف ثم تاب تاب الله عليه " [متفق عليه]..
فلابد أن تبدأ بخطوة في الطريق والله سيعينك واعلم إنه لن يخذلك أو يضيعك أبدًا.
2) احذر من ذرة التسخط التي تقف بينك وبين ربك..
هناك الكثير من الأمور التي تَخفَى الحكمة منها عنك.. لِما تعيش في هذا البيت؟ ولِما التحقت بهذه الكلية دون الأخرى؟ لِما حالك هكذا؟.. اعلم إنك إن لم تستطع فهم الحكمة من هذه الأمور الآن، فإن الله لايريد بك إلا الخير وقدر الله لا يأتي إلا بخير.
3) اعلم أن سنن الله سبحانه وتعالى لا تتبدل ولا تتغير..
قال تعالى {..إِنَّ اللَّهَ لَا يغَيِّر مَا بِقَومٍ حَتَّى يغَيِّروا مَا بِأَنفسِهِم..}[الرعد: 11] .. فالواقع المرّ الذي نحياه كأمة وكمجتمع والذي تحياه أنت في أسرتك، لن يتغير إلا إذا سعينا في تغيير أنفسنا تغيير حقيقي وليس تغيير شكلي فقط.. وكلاهما وجهان لعملة واحدة، فالتغيير الظاهري لابد أن يؤثر في الباطن والعكس صحيح.. لأن هذا إتباع وسنة واقتداء بهدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهذا لابد أن يكون له تأثير في القلب.. إذا فعلت عمل صالح لابد أن يكون له ثمرة في قلبك.
4) احذر ثم احذر ثم احذر أن تفتّر عن الدعــــــاء.. {وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضرٌّ دَعَوا رَبَّهم مّنِيبِينَ إِلَيهِ ثمَّ إِذَا أَذَاقَهم مِنه رَحمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنهم بِرَبِّهِم يشرِكونَ}[الروم:31]
فى كل كرب.. فى كل محنة.. فى كل شدة... ارفع يديك والهج بها: يــــــــا رب.. ستجد الله سبحانه وتعالى لك معين ونصير، قال صلى الله عليه وسلم " إن الله حيي كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين " [رواه الترمذي وصححه الألباني]
5) كن ذو همة عالية وطموح.. إن إحساسك المستمر بالعجز والفشل من تثبيط إبليس.. فأنت لا تدري، لعلك لم تهتدي لِما ستتميز به بعد.. من الممكن أن يمنّ الله سبحانه وتعالى عليك ويصطفيك لنصرة دينه.. ومن الممكن أن تتغير حياتك بموقف يسير أو كلمة لا تعطي لها بالاً فتصيب قلبك،،
لِما لا يكون عندك طموح للفردوس الأعلى؟.. تقدر بحول الله وقوته، وبالرغبة الصادقة الخالصة لوجه الله الكريم.. فتأتي يوم القيامة وقد تبدلت ذنوبك الثقيلة إلى حسنات، قال تعالى {إِلَّا مَن تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأولَئِكَ يبَدِّل اللَّه سَيِّئَاتِهِم حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّه غَفورًا رَحِيمًا} [الفرقان: 70]
6) استعن على الإبتلائات والمحن بالصبر والآناة.. يقول الله جلّ وعلا {يَا أَيّهَا الَّذِينَ آَمَنوا استَعِينوا بِالصَّبرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 153] .. ويقول النبى صلى الله عليه وسلم " واعلم أن النصر مع الصبر وان الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا " [صححه الألباني في ظلال الجنة]
اصبر واحتسب فالفجر الصادق آتٍ لا محالة ولكنكم تستعجلون،،
7) فكّر بطريقة ايجابية وليس بطريقة سلبية.. انظر في عواقب اليأس وأحوال اليائسين وخذ منها العبرة، فاليأس والاكتئاب يؤدي إلى الاضطرابات الصحية والنفسية والاجتماعية.. ولكننا نعلم أن لنا رب يكشف عنا الضر ولن يخذلنا أبدًا.. رغم إننا أهل الذنوب والتقصير ولا نستحق ولكنه سبحانه وتعالى هو أهل التقوى وأهل المغفرة.
8) اقتدي بمن صبر على المحن والمشاكل.. لترى كيف صبر أنبياء الله وعباده الصالحين عند الابتلاء، فانقلبت المحن وتحولت إلى منح من الله سبحاته وتعالى.. وانظر إلى صبر أيوب عليه السلام.. ثمانية عشر عامًا من المرض وفقد المال والأهل والولد.. {وَأَيّوبَ إِذ نَادَى رَبَّه أَنِّي مَسَّنِيَ الضّرّ وَأَنتَ أَرحَم الرَّاحِمِينَ، فَاستَجَبنَا لَه فَكَشَفنَا مَا بِهِ مِن ضرٍّ وَآَتَينَاه أَهلَه وَمِثلَهم مَعَهم رَحمَةً مِن عِندِنَا وَذِكرَى لِلعَابِدِينَ} [الأنبياء: 83،84]
9) عليك بالعلم عن الله.. فالذي يعرفه يستحيل أن ييأس، لأن العلم بالله ينشِّط القلب ويجعل المرء مقبل على الله سبحانه وتعالى.
10) عامل الأمور بروح التحدى والمنافسة.. فالدنيا لا تستحق أن تقلق من أجلها.
11) تفــائل.. كان صلى الله عليه وسلم يقول " لا طيرة وخيرها الفأل " قالوا: وما الفأل؟، قال " الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم " [متفق عليه].. إيــاك أن تتشاءم.. فكثرة المحاولات الفاشلة تقسِّي القلب.. لذلك لا تشعِر نفسك بالفشل، بل قل: لم أوفق هذه المرة، وصحح أخطاءك واستدرك الفائت والله سبحانه وتعالى سييسر لك الأمور.
12) تطلع إلى أحاديث البشارة.. استمع إلى الأحاديث التي بشر فيها النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنين بالنصر والتمكين، حتى تجدد بداخلك الأمل.. مثل قوله صلى الله عليه وسلم " إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها " [رواه مسلم]
13) لا تجلس مع المثبطين والمحبطين.. حتى لا تتثبط من أصحاب العزيمة الباردة.
14) عليك أن تغَلِّب الايجابيات على السلبيات.. فدائمًا انظر على الخير والشر الذي بداخلك ولاتظل طوال الوقت تنظر إلى الشر فقط.. واسأل الله أن يعينك على نفسك حتى يصير الجانب المشرق بداخلك أكبر وأعظم.
15) تعرّف على عِظَم مغفرة الله ورحمته بخلقه.. فقد قال الله تعالى في حق من قنط من رحمته سبحانه وتعالى، ولمن أسرف على نفسه بالذنوب والأوزار.. {قل يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسرَفوا عَلَى أَنفسِهِم لَا تَقنَطوا مِن رَّحمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغفِر الذّنوبَ جَمِيعًا إِنَّه هوَ الغَفور الرَّحِيم}[الزمر:53]
جرعة أمل تذوقها وتتداوى بها في هذا الزمن الحالك.. حتى تنشطنا وتجعلنا نبدأ نأخذ القرارات ونتغير ونسير في الطريق إلى الله.. حتى نداوي أنفسنا ونداوي مجتمعاتنا ونتداوى كأمة من أخطر داء يهددها: داء الإحباط واليأس،،
مختارات