صفة الجنة - الجزء الاول
صفة الجنة
قال الله تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (25)}... [البقرة: 25].
وقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا (122)} [النساء: 122].
الله تبارك وتعالى جعل الدنيا دار الإيمان والعمل والابتلاء، وجعل الآخرة دار الثواب لمن أطاعه، ودار العقاب لمن عصاه.
وجعل الجنة دار أوليائه، وجعل النار دار أعدائه.
فالجنة طيبة طاب نعيمها، فهو باق لا يبيد، وهو صاف عن كل شوب، لا يمازجه كدر، ولا يعرض له عطب ولا عفن.
ومن أجل أن الجنة طيبة، كانت دار الطيبين، فلا يدخلها إلا من صلح وطاب من الخَلْق كما قال سبحانه: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (32)} [النحل: 32].
وقال سبحانه: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73)}... [الزمر: 73].
* أسماء الجنة:
الجنة واحدة في الذات، متعددة الصفات، وهي اسم لدار النعيم المطلق الكامل، وهذه أشهر أسمائها:
1 - دار السلام: لأن أهلها سالمون من كل مكروه، لا يمسهم فيها نَصَب ولا وَصَب، ولا هم ولا حزن، فهي دار السلام من كل بلية وآفة ومكروه كما قال سبحانه: {لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (127)} [الأنعام: 127].
وهو سبحانه السلام الذي سلَّمها من الآفات والنقص، وسلَّم أهلها من كل آفة ونقص، السلام الذي يسلِّم على أهلها كما قال سبحانه: {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58)} [يس: 58].
وتسلم عليهم الملائكة كما قال سبحانه: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)} [الرعد: 23، 24].
وتحية أهلها السلام كما قال سبحانه: {تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ (23)} [إبراهيم: 23].
وكلام أهلها كله سلام، لا لغو فيها، ولا فحش، ولا باطل: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (25) إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا (26)} [الواقعة: 25، 26].
2 - جنة المأوى: التي يأوي إليها الأبرار من عباد الله كما قال سبحانه: {أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (19)} [السجدة: 19].
3 - دار الخلد: لأن أهلها خالدون فيها أبداً، لا يظعنون عنها أبداً كما قال سبحانه: {قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا (15)} [الفرقان: 15].
4 - دار المقامة: التي يقيم فيها أهلها أبداً، لا يموتون ولا يتحولون منها أبداً كما قال سبحانه حكاية عن أهلها: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (35)} [فاطر: 34، 35].
فأهلها يرغبون في الإقامة فيها لكثرة خيراتها، ودوام مسراتها، وكمال نعيمها: {خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا (108)}... [الكهف: 108].
5 - جنة عدن: فأهلها باقون فيها مقيمون كما قال سبحانه: {هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ (49) جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ (50)} [ص: 49، 50].
6 - دار الحيوان: فهي دار الحياة التي لا موت فيها أبداً، وهي دار الحياة الدائمة التي لا تفنى ولا تنقطع ولا تبيد كما قال سبحانه: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64)} [العنكبوت: 64].
ففي الجنة الحياة الكاملة التي من لوازمها أن تكون أبدان أهلها في غاية القوة، وقُوَاهم في غاية الشدة؛ لأنها أبدان خلقت للحياة الدائمة، وأن يكون فيها كل ما تكمل به الحياة، وتتم به اللذات من مفرحات القلوب، وشهوات الأبدان من المآكل والمشارب، والملابس والمناكح، والمراكب والمساكن، وغير ذلك مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
7 - جنة الفردوس: وهو أعلى الجنة وأفضلها، والفردوس هو البساتين التي تجمع كل ما في البساتين من الأشجار.
قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا (108)}... [الكهف: 107، 108].
8 - جنات النعيم: التي فيها كل نعيم ظاهر وباطن كما قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (8)}... [لقمان: 8].
9 - المقام الأمين: الذي يأمن فيه الإنسان من كل سوء وآفة ومكروه، الذي جمع صفات الأمن كلها، فهو آمن من الزوال والخراب، وأنواع النقص، وأهله آمنون من الخروج والنغص والنكد.
قد جمع الله فيه أمن المكان بقوله: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ (51)} [الدخان: 51].
وأمن الطعام بقوله: {يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ (55)} [الدخان: 55].
فلا يخافون انقطاع الفاكهة، ولا سوء عاقبتها ومضرتها، ولا يخافون الخروج من الجنة، ولا يخافون الموت فهم خالدون في النعيم أبداً.
* مكان الجنة:
أما مكان الجنة فهو في السماء كما قال سبحانه: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15)} [النجم: 13 - 15].
وسدرة المنتهى فوق السماء، ينتهي إليها ما ينزل من عند الله فيُقبض منها، وينتهى إليها ما يُعرج به من الأرض فيُقبض منها.
وقال الله تعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22)} [الذاريات: 22].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ، أعَدَّهَا الله لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِهِ، كُلُّ دَرَجَتَيْنِ مَا بَيْنَهُمَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ، فَإِذَا سَألْتُمُ الله فَسَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ أوْسَطُ الْجَنَّةِ، وَأعْلَى الْجَنَّةِ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أنْهَارُ الْجَنَّةِ» أخرجه البخاري.
* عدد أبواب الجنة:
عدد أبواب الجنة ثمانية.
قال الله تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73)}... [الزمر: 73].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فِي الْجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أبْوَابٍ، فِيهَا باب يُسَمَّى الرَّيَّانَ، لا يَدْخُلُهُ إِلا الصَّائِمُونَ» متفق عليه
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أحَدٍ يَتَوَضَّأ فَيُبْلِغُ (أوْ فَيُسْبِغُ) الْوَضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ: أشْهَدُ أنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، إِلا فُتِحَتْ لَهُ أبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ، يَدْخُلُ مِنْ أيِّهَا شَاءَ» أخرجه مسلم
* أسماء أبواب الجنة:
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ أنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللهِ، نُودِيَ مِنْ أبْوَابِ الْجَنَّةِ: يَا عَبْدَ اللهِ هَذَا خَيْرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الصَّلاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ».
فَقال أبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه -: بِأبِي أنْتَ وَأمِّي يَا رَسُولَ اللهِ، مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الأبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، فَهَلْ يُدْعَى أحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأبْوَابِ كُلِّهَا؟. قال: «نَعَمْ، وَأرْجُو أنْ تَكُونَ مِنْهُمْ» متفق عليه
* سعة أبواب الجنة:
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ! إِنَّ مَا بَيْنَ الْمِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ لَكَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَهَجَرٍ، أوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى» متفق عليه.
وعن عتبة بن غزوان - رضي الله عنه - قال: ذُكِرَ لَنَا أنَّ مَا بَيْنَ مِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ مَسِيرَةُ أرْبَعِينَ سَنَةً، وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَيْهَا يَوْمٌ وَهُوَ كَظِيظٌ مِنَ الزِّحَامِ» أخرجه مسلم
*الأيام والأوقات التي تفتح فيها أبواب الجنة في الدنيا هي:
يوم الإثنين.. ويوم الخميس.. وإذا دخل رمضان.. وعند الوضوء.
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تُفْتَحُ أبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الإثنَيْن، وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا، إِلا رَجُلاً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا» أخرجه مسلم
وقال - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ» متفق عليه
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أحَدٍ يَتَوَضَّأ فَيُبْلِغُ (أوْ فَيُسْبِغُ) الْوَضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ: أشْهَدُ أنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، إِلا فُتِحَتْ لَهُ أبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ، يَدْخُلُ مِنْ أيِّهَا شَاءَ» أخرجه مسلم
وأهل الجنة إذا دخلوا الجنة، لم تغلق أبوابها عليهم.. بل تبقى مفتحة كما هي كما قال سبحانه: {جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ (50) مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ (51)}... [ص: 50، 51].
فتبقى أبواب الجنة مفتحة؛ لأنها دار أمن لا يحتاجون فيها إلى غلق الأبواب.. ولكي يتبوأ أهل الجنة منها حيث شاؤوا.. ويذهبون ويجيئون متى شاؤوا.. وتدخل عليهم الملائكة منها كل وقت بالتحف والألطاف من ربهم.. ويدخل عليهم منها ما يسرهم كل وقت.
* أول من يدخل الجنة:
وأول من يدخل الجنة سيد الأولين والآخرين محمد - صلى الله عليه وسلم -.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «آتِي باب الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأسْتَفْتِحُ، فَيَقُولُ الْخَازِنُ: مَنْ أنْتَ؟ فَأقُولُ: مُحَمَّدٌ، فَيَقُولُ: بِكَ أمِرْتُ لا أفْتَحُ لأَحَدٍ قَبْلَكَ» أخرجه مسلم
وقال - صلى الله عليه وسلم -: «أنَا أكْثَرُ الأَنْبِيَاءِ تَبَعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأنَا أوَّلُ مَنْ يَقْرَعُ» أخرجه مسلم.
وأول الأمم تدخل الجنة أمته - صلى الله عليه وسلم -:
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «نَحْنُ الآخِرُونَ الأوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَنَحْنُ أوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ» متفق عليه
فهذه الأمة أسبق الأمم خروجاً من الأرض.. وأسبقهم إلى أعلى مكان في الموقف.. وأسبقهم إلى ظل العرش.. وأسبقهم إلى الفصل والقضاء بينهم.. وأسبقهم إلى الجواز على الصراط المستقيم.. وأسبقهم إلى دخول الجنة..
وأول من يدخل الجنة من هذه الأمة أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -.
وأول زمرة يدخلون الجنة وجوههم على صورة القمر ليلة البدر.
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ أوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً، لا يَبُولُونَ وَلا يَتَغَوَّطُونَ، وَلا يَتْفِلُونَ وَلا يَمْتَخِطُونَ، أمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ، وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ، وَمَجَامِرُهُمُ الأُلُوَّةُ -الألنْجُوجُ، عُودُ الطِّيبِ -وَأزْوَاجُهُمُ الْحُورُ الْعِينُ، عَلَى خَلْقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، عَلَى صُورَةِ أبِيهِمْ آدَمَ، سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي السَّمَاءِ» متفق عليه
وقال - صلى الله عليه وسلم -: «لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ ألْفًا، أوْ سَبْعُ مِائَةِ ألْفٍ (لا يَدْرِي أبُو حَازِمٍ أيَّهُمَا قال) مُتَمَاسِكُونَ، آخِذٌ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، لا يَدْخُلُ أوَّلُهُمْ حَتَّى يَدْخُلَ آخِرُهُمْ، وُجُوهُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ» متفق عليه
ويسبق الفقراء الأغنياء في دخول الجنة.
وتختلف مدة السبق بحسب أحوال الفقراء والأغنياء، فمنهم من يسبق بأربعين سنة، ومنهم من يسبق بخمسمائة سنة، كما يتأخر مكث العصاة في النار بحسب جرائمهم، لكن لا يلزم من سبق الفقراء في الدخول ارتفاع منازلهم على الأغنياء.
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ فُقَرَاءَ المهاجرين يَسْبِقُونَ الأغْنِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى الْجَنَّةِ بِأرْبَعِينَ خَرِيفًا» أخرجه مسلم
وقال - صلى الله عليه وسلم -: «يَدْخُلُ فُقَرَاءُ الْمُسْلِمِينَ الْجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيَائِهِمْ بِنِصْفِ يَوْمٍ وَهُوَ خَمْسُ مِائَةِ عَامٍ». أخرجه أحمد والترمذي.
* صفة وجوه أهل الجنة:
أما صفة وجوه أهل الجنة فهي:
بيضاء.. ناعمة.. ناضرة.. مسفرة.. ضاحكة.. مستبشرة.
قال الله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107)} [آل عمران: 107].
وقال الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ (8) لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ (9) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (10)} [الغاشية: 8 - 10].
وقال الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)} [القيامة: 22، 23].
وقال الله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (23) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24)}... [المطففين: 22 - 24].
وقال الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (39)} [عبس: 38، 39].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَالَّذِينَ عَلَى آثَارِهِمْ كَأحْسَنِ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً، قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، لا تَبَاغُضَ بَيْنَهُمْ وَلا تَحَاسُدَ» متفق عليه.
* درجات الجنة:
وهي من الكثرة والتفاوت بحيث لا يعلم عظمها وتباهيها إلا الله عزَّ وجلَّ، ودرجات الجنة بعضها فوق بعض.
قال الله تعالى: {انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا (21)} [الإسراء: 21].
وقال الله تعالى: {وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى (75) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (76)} [طه: 75، 76].
وقال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4)}... [الأنفال: 2 - 4].
وقال الله تعالى: {هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (163)} [آل عمران: 163].
وأهل الجنة متفاضلون في تلك الدرجات:
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ أهْلَ الْجَنَّةِ يَتَرَاءَوْنَ أهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ، كَمَا يَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الْغَابِرَ فِي الأُفُقِ، مِنَ الْمَشْرِقِ أوِ الْمَغْرِبِ، لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ». قالوا: يَا رَسُولَ اللهِ تِلْكَ مَنَازِلُ الأنْبِيَاءِ لا يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ، قال: «بَلَى، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، رِجَالٌ آمَنُوا بِاللهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ» متفق عليه
وقال - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ، أعَدَّهَا اللهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأرْض، فَإِذَا سَألْتُمُ اللهَ فَاسْألُوهُ الْفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ أوْسَطُ الْجَنَّةِ، وَأعْلَى الْجَنَّةِ -أُرَاهُ-فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أنْهَارُ الْجَنَّةِ» أخرجه البخاري
وقال - صلى الله عليه وسلم -: «يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا دَخَلَ الْجَنَّةَ: اقْرَأْ وَاصْعَدْ، فَيَقْرَأُ وَيَصْعَدُ بِكُلِّ آيَةٍ دَرَجَةً، حَتَّى يَقْرَأَ آخِرَ شَيْءٍ مَعَهُ» أخرجه أبو داود والترمذي
مختارات