المناهى اللفظيه للشيخ العثيمين 3
78- سئل فضيلة الشيخ: عن عبارة (كل عام وانتم بخير)؟.
فأجاب بقوله: (كل عام وأنتم بخير) جائز إذا قصد به الدعاء بالخير.
79- سئل فضيلة الشيخ: عن حكم لعن الشيطان؟.
فأجاب بقوله: الإنسان لم يؤمر بلعن الشيطان، وإنما أمر بالاستعانة منه كما قال الله – تعالى -:) وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله أنه سميع عليم (1).
فاجاب بقوله: الإنسان لم يؤمن بلعن الشيطان، وإنما أمر الاستعاذة منه كما قال الله – تعالى -:) وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم (1).
80- وسئل فضيلة الشيخ: عن قول الإنسان متسخطا: (لو إني فعلت كذا لكان كذا)، أو يقول (لعنه الله على المرض الذي أعاقني)؟.
فأجاب بقوله: إذا قال: (لو فعلت كذا لكان كذا) ندما وسخطا على القدر، فإن هذا محرم ولا يجوز للإنسان أن يقوله، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز، فإن أصابك شئ فلا تقل لو أني فعلت لكان كذا وكذا، فإن لو تفتح عمل الشيطان، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل). وهذا هو الواجب على الإنسان أن يفعل المأمور وأن يستسلم للمقدور، فإنه ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.
وأما من يلعن المرض وما أصابه من فعل الله – عز وجل – فهذا من أعظم القبائح – والعياذ بالله – لأن لعنه للمرض الذي هو من تقدير الله – تعالى – بمنزلة سب الله – سبحانه وتعالى – فعلى من قال مثل هذه الكلمة أن يتوب إلى الله، وان يرجع إلى دينه، وأن يعلم أن المرض بتقدير الله، وأن ما أصابه من مصيبة فهو بما كسبت يده، وما ظلمه الله، ولكن كان هو الظالم لنفسه.
81- وسئل: عن قول (لك الله)؟.
فأجاب بقوله: لفظ (لك الله) الظاهر أنه من جنس (لله درك) وإذا كان من جنس هذا فإن هذا اللفظ جائز، ومستعمل عند أهل العلم وغيرهم، والأصل في هذا وشبهه الحل إلا ما قام الدليل على تحريمه، والواجب التحرز عن التحريم فيما الأصل فيه الحل.
82- سئل فضيلة الشيخ: عن عبارة لم تسمح لي الظروف؟ أو لم يسمح لي الوقت؟.
فأجاب قائلا: إن كان القصد انه لم يحصل وقت يتمكن فيه من المقصود فلا بأس به، وإن كان القصد أن للوقت تأثيرا فلا يجوز.
83- سئل فضيلة الشيخ: عن حكم استعمال لو؟.
فأجاب بقوله: استعمال (لو) فيه تفصيل على الوجوه التالية:
الوجه الأول: أن يكون المراد بها مجرد الخبر فهذه لا بأس بها مثل أن يقول الإنسان لشخص لو زرتني لأكرمتك، أو لو علمت بك لجئت إليك.
الوجه الثاني: أن يقصد بها التمني فهذه على حسب ما تمناه إن تمنى بها خيرا فهو مأجور بنيته، وإن تمنى بها سوى ذلك فهو بحسبه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم، في الرجل الذي له مال ينفقه في سبيل الله وفي وجوه الخير ورجل آخر ليس عنده مال، قال لو أن لي مثل مال فلان لعملت فيه مثل عمل فلان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هما في الآجر سواء " والثاني رجل ذو مال لكنه ينفقه في غير وجوه الخير فقال رجل آخر: لو أن لي مثل مال فلان لعملت فيه مثل عمل فلان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هما في الوزر سواء " فهي إذا جاءت للتمني تكون بحسب ما تمناه العبد إن تمنى خيرا فهي خير، وإن تمنى سوى ذلك فله ما تمنى.
الوجه الثالث: أن يراد بها التحسر على ما مضى فهذه منهي عنها، لأنها لا تفيد شيئا وإنما تفتح الأحزان والندم وفي هذه يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير أحرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز، وإن أصابك شئ فلا تقل لو أني فعلت لكان كذا فإن لو تفتح عمل الشيطان ". وحقيقة أنه لا فائدة منها في هذا المقام لأن الإنسان عمل ما هو مأمور به من السعي لما ينفعه ولكن القضاء والقدر كان بخلاف ما يريد فكلمة (لو) في هذا المقام إنما تفتح باب الندم والحزن، ولهذا نهي عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن الإسلام لا يريد من الإنسان أن يكون محزوناً ومهموما بل يريد منه أن يكون منشرح للصدر وأن يكون مسرورا طليق الوجه،وبه الله المؤمنين النقطة بقوله:) إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله (1). وكذلك في الأحلام المكروهة التي يراها النائم في منامه فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشد المرء إلى أن يلتفت عن يساره ثلاث مرات، وأن يستعيذ بالله من شرها ومن شر الشيطان، وأن ينقلب إلى الجنب الآخر، وإلا يحدث بها أحداً لأجل أن ينساها ولا تطرأ على باله قال: " فإن ذلك لا يضره ". والمهم أن الشرع يحب من المرء أن يكون دائما في السرور، ودائما في الفرح ليكون متقبلا لما يأتيه من أوامر الشرع، لأن الرجل إذا كان في ندم ووهم وفي غم وحزن لا شك انه يضيف ذرعا بما يلقي عليه من أمور الشرع وغيرها، ولهذا يقول الله – تعالى – لرسوله دائما:) وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (1) لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (2) وهذه النقطة بالذات تجد بعض الغيورين على دينهم إذا رأوا من الناس ما يكرهون تجدهم يأثر ذلك عليهم، حتى على عبادتهم الخاصة ولكن الذي ينبغي أن يتلقوا ذلك بحزم وقوة ونشاط فيقوموا بما أوجب الله عليهم من الدعوة إلى الله على بصيرة، ثم أنه لا يضرهم من خلافه.
84- سئل فضيلة الشيخ: عن العبارة (لو لا الله وفلان)؟.
فأجاب قائلا: قرن غير الله بالله في الأمور القدرية بما يفيد الاشتراك وعدم الفرق أمر لا يجوز، ففي المشيئة مثلا لا يجوز، ففي المشيئة مثلا لا يجوز أن تقول (ما شاء الله وشئت) لأن هذا قرن لمشيئة المخلوق بحرف يقتضي التسوية وهو نوع من الشرك، لكن لابد أن تأتي بـ (ثم) فتقول (ما شاء الله ثم شئت) كذلك أيضا إضافة الشيء إلى سببه مقرونا بالله بحرف يقتضي التسوية ممنوع فلا تقول (لو لا الله وفلان أنقذني لغرقت) فهذا حرام ولا يجوز لأنك جعلت السبب المخلوق مساويا للخالق السبب، وهذا نوع من الشرك، ولكن لا يجوز أن تضيف الشيء إلى سببه بدون قرن مع الله فتقول (لو لا فلان لغرقت) إذا كان السبب صحيحا وواقعا ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام في أبي طالب حين أخبر أن عليه نعلين يقلي منهما دماغه قال: (ولو لا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار) فلم يقل لو لا الله ثم أنا مع أنه ما كان في هذه الحال من العذاب إلا بمشيئة الله، فإضافة الشيء إلى سببه المعلوم شرعا أو حسا جائز وإن لم يذكر معه الله – عز وعلا -، وإضافته إلى الله وإلى سببه المعلوم شرعا أو حسا بحرف يقتضي التسوية ك (ثم) وإضافته إلى الله وإلى سببه المعلوم شرعا أو حسا بحرف يقتضي التسوية ك (الواو) حرام ونوع من الشرك، وإضافة الشيء إلى سبب موهوم غير معلوم حرام ولا يجوز وهو نوع من الشرك مثل العقد والتمائم وما أشبهها بإضافة الشيء إليها خطأ محض، ونوع من الشرك لأن إثبات سبب من الأسباب لم يجعله الله نوعا من الإشراك به، فكأنك أنت جعلت هذا الشيء سببا والله – تعالى – لم يجعله فلذلك صار نوعا من الشرك بهذا الاعتبار.
85- وسئل فضيلة الشيخ: عن قولهم (المادة لا تفني ولا تزول ولم تخلق من عدم)؟.
فأجاب قائلا: القول بأن المادة لا تفني وأنها لم تخلق من عدم كفر ولا يمكن أن يقوله مؤمن، فكل شئ في السموات والأرض سوى الله فهو مخلوق من عدم كما قال – تعالى -:) الله خالق كل شئ (1). وليس هناك شئ أذلي أبدي سوى الله.
وأما كونها لا تفني فإن عنى بذلك أن كل شئ لا يفني بذاته فهذا أيضا خطأ وليس بثواب ؛ لأن كل شئ موجود فهو قابل للفناء، وإن أراد به أن من مخلوقات ما لا يفني بإرادة الله فهذا حق، فالجنة لا تفني وما فيها من نعيم لا يفني، وأهل الجنة لا يفنون، وأهل النار لا يفنون. لكن هذه الكلمة المطلقة (ليس المادة لها أصل في الوجود وليس لها أصل في البقاء) هذه على إطلاقها الكلمة إلحادية فتقول المادة مخلوقة من عدم، وكل شئ سوى الله فالأصل فيه العدم.
أما مسألة الفناء تقدم للتفصيل فيها. والله الموفق.
86- سئل فضيلة الشيخ: ما حكم قول (شاءت قدرة الله)، وإذا كان الجواب بعدمه فلماذا؟ مع أن الصفة تتبع موصوفها، والصفة لا تنفعك عن ذات الله؟.
فأجاب قائلا: لا يصح أن نقول (شاءت قدرة الله) ؛ لأن المشيئة إرادة والقدرة معنى، والمعنى لا إرادة له وإنما الإرادة للمريد، والمشيئة للشائي ولكننا نقول: اقتضت حكمة الله كذا وكذا، أو نقول عن الشيء إذا وقع هذه قدرة الله كما نقول هذا خلق الله، وأما إضافة أمر يقتضي الفعل الاختياري إلى القدرة فإن هذا لا يجوز.
وأما قول السائل (إن الصفة تتبع الموصوف) فنقول: نعم، وكونها تابعة للموصوف تدل على أنه لا يمكن أن نسند إليها شئ يستقل به الموصوف، فهي دارجة على لسان كثير من الناس، يقول شاءت قدرة الله كذا وكذا، شاء القدر كذا وكذا، وهذا لا يجوز ؛ لأن القدر والقدرة أمران معنويان ولا مشيئة لمن هو قادر ولمن هو مقدر.
87- سئل فضيلة الشيخ: عن هذه العبارة: (ما صدقت على الله أن يكون كذا وكذا)؟.
فأجاب قائلا: يقول النص: (ما صدقت على الله أن يكون كذا وكذا)، ويعنون ما توقعت وما ظننت أن يكون هكذا، وليس المعنى ما صدقت أن الله يفعل لعجزه عنه مثلا، فالمعنى أنه ما كان يقع في ذهنه هذا الأمر، هذا هو المراد بهذا التعبير، فالمعنى أذن صحيح لكن اللفظ فيها إيهام، وعلى هذا يكون تنجب هذا اللفظ أحسن لأنه موهم، ولكن التحريم صعب أن نقول حرام مع وضوح المعنى أنه لا يقصد به إلا ذلك.
88- سئل فضيلة الشيخ: عن قول الآنيان إذا شاهد جنازة: (من المتوفي) بالياء؟.
فأجاب بقوله: الأحسن أ ن يقال من المتوفى وإذا قال من المتوفي؟ فلها معنى في اللغة العربية، لأن هذا الرجل توفى حياته وأنهاها.
89- سئل فضيلة الشيخ: عن قول (إن فلان له المثل الأعلى)؟.
فأجاب بقوله: هذا لا يجوز على سبيل الإطلاق، إلا لله – سبحانه وتعالى -، فهو الذي له المثل الأعلى، وإما إذا قال: (فلان كان المثل الأعلى في كذا وكذا) وقيده فهذا لا بأس به.
90- سئل فضيلة الشيخ: ما حكم قوله (دفن في مثواه الأخير)؟.
فأجاب قائلا: قول القائل (دفن في مثواه الأخير) حرام ولا يجوز لأنك إذا قلت في مثواه الأخير فمقتضاه أن القبر آخر شئ له، وهذا يتضمن إنكار البعث ومن المعلوم لعامة المسلمين أن القبر ليس آخر شئ، إلا عند الذين لا يؤمنون باليوم الآخر، فالقبر آخر شئ عندهم، أما المسلم فليس آخر شئ عنده القبر قد سمع إعرابي رجلا يقرأ قوله – تعالى::)أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُر حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ) (1). وقال: " والله ما الزائر بمقيم " لأن الذي يزور يمشي فلابد من بعث وهذا صحيح:
لهذا يجب تجنب هذه العبارة ولا يقال عن القبر أنه المثوى الأخير، لأن المثوى الأخير إما الجنة وإما النار يوم القيامة.
91- وسئل عن قول: (مسيجيد، مصحيف)؟.
فأجاب قائلا: الأولى أن يقال المسجد والمصحف بلفظ التكبير لا التصغير، لأنه قد يوهم الاستهانة به.
92- سئل فضيلة الشيخ: عن إطلاق المسيحية على النصرانية؟ والمسيحي على النصراني؟.
فأجاب بقوله: لا شك أن انتساب النصارى إلى المسيح بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، فإن إيمانهم بمحمد صلى الله عليه وسلم إيمان بالمسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام،لأن الله – تعالى – قال:) وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرائيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (1)، لم يبشرهم المسيح عيسى ابن مريم بمحمد صلى الله عليه وسلم، إلا من أجل أن يقبلوا ما جاء به لأن البشارة بما ينفع لغو من القول لا يمكن أن تأتي من أدنى الناس عقلا، فضلا عن أن تكون صدرت من عند أحد الرسل الكرام أولو العزم عيسى ابن مريم، عليه الصلاة والسلام، وهذا الذي بشر به عيسى ابن مريم بنى إسرائيل هو محمد صلى الله عليه وسلم، وقوله:) فلما جاءهم بالبيانات قالوا هذا سحر مبين (. وهذا يدل على أن الرسول الذي بشر به قد جاء ولكنهم كفرو به وقالوا هذا سحر مبين، فإذا كفرو بمحمد صلى الله عليه وسلم، وحين إذا لا يصح أن ينتسبوا إليه فيقولوا إنهم مسيحيون، إذ لو كانوا حقيقة لآمنوا بما بشر به المسيح ابن مريم لأن عيسى ابن مريم وغيره من الرسل قد أخذ الله عليهم العهد والميثاق أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، كما قال الله – تعالى) وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه (1) قال) أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (2) والذي جاء مصدقا لما معهم هو محمد صلى الله عليه وسلم، لقوله – تعالى:) وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُم(3).
وخلاصة القول أن نسبة النصارى إلى المسيح عيسى ابن مريم نسبة يكذبها الواقع، لأنهم كفروا ببشارة المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام وهو محمد صلى الله عليه وسلم، وكفرهم به كفر بعيسى ابن مريم، عليه الصلاة والسلام.
93- سئل فضيلة الشيخ: عن حكم قول (فلان المغفور له) و (فلان المرحوم)؟.
فأجاب بقوله: بعض الناس ينكر قول القائل (فلان المغفور له، وفلان المرحوم) ويقولون: إننا نعلم هل هذا الميت من المرحومين المغفور لهم أو ليس منهم؟ وهذا الإنكار في محله إذا كان الإنسان يخبر خبرا أن هذا الميت قد رحم أو غفر له،لأنه لا يجوز أن نخبر أن هذا الميت قد رحم،أو غفر له بدون علم قال الله – تعالى-:) ولا تقف ما ليس لك به علم (4) لكن الناس لا يريدون بذلك الأخبار قطعا، فالإنسان الذي يقول المرحوم الوالد، المرحومة الوالدة ونحو ذلك لا يريدون بهذا الحزم أو الأخبار بأنهم مرحومون، وإنما يريدون بذلك الدعاء أن الله – تعالى – قد رحمهم والرجاء، وفرق بين الدعاء والخبر، ولهذا نحن نقول فلان رحمه الله، فلان غفر الله له، فلان عفا الله عنه، ولا فرق من حيث اللغة العربية بين قولنا (فلان المرحوم) و (فلان رحمه الله) لأن جملة (رحمه الله) جملة خبرية، والمرحوم بمعنى الذي رحم فهي أيضا خبرية، فلا فرق بينهما أي بين مدلوليهما في اللغة العربية فمن منع (فلان المرحوم) يجب أن يمنع (فلان رحمه الله).
على كل حال نقول لا إنكار في هذه الجملة أي في قولنا (فلان المرحوم، وفلان المغفور له) وما أشبه ذلك لأننا لسنا نخبر بذلك خبرا ونقول أن الله قد رحمه، وأن الله قد غفر له، ولكننا نسأل الله نرجوه فهو من باب الرجاء والدعاء وليس من باب الإخبار، وفرق بين هذا وهذا.
94- سئل فضيلة الشيخ:عن هذه العبارة (المكتوب على الجبين لابد تراه العين)؟.
فأجاب بقوله: هذا وردت فيه آثار أنه يكتب على الجبين ما يكون على الإنسان، لكن الآثار هذه ليست إلى ذلك في الصحة، بحيث يعتقد الإنسان مدلولها فالأحاديث الصحيحة أن الإنسان يكتب عليه في بطن أمه أجله، وعمله، ورزقه، وشقي أم سعيد.
95- سئل فضيلة الشيخ:عن قول الإنسان إذا خاطب ملكا (يا مولاي)؟.
فأجاب بقوله: الولاية تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: ولاية مطلقة وهذه لله عز وجل كالسيادة المطلقة، وولاية الله بالمعنى العام شاملة لكل أحد قال الله – تعالى -:)ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق إلا له الحكم وهو أسرع الحاسبين(1) فجعل له سبحانه الولاية على هؤلاء المفترين،وهذه ولاية عامة،وأما بالمعنى الخاص فهي خاصة بالمؤمنين المتقين قال الله – تعالى -:) ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم (2) قال الله – تعالى -:) إلا أن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون (3) وهذه ولاية خاصة.
القسم الثاني: ولاية مقيدة مضافة، فهذه تكون لغير الله ولها في اللغة معاني كثيرة منها الناصر، والمتولي للأمور،والسيد، قال الله – تعالى -) وإن تظاهر عليهم فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين (4) وقال، صلى الله عليه وسلم(من كنت مولاه فعلي مولاه) وقال صلى الله عليه وسلم: (إنما الولاء لمن اعتق).
وعلى هذا فلا بأس أن يقول القائل للملك: مولاي بمعنى سيدي ما لم يخشى من ذلك محذور.
96- وسئل فضيلة الشيخ:يحتج بعض الناس إذا نهي عن أمر مخالف للشريعة أو للآداب الإسلامية (الناس يفعلون كذا)؟.
فأجاب بقوله:هذا ليس بحجة لقوله – تعالى-:) وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله(5)
ولقوله) ما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين (6) والحجة فيما قاله الله ورسوله، صلى الله عليه وسلم أو كان عليه السلف الصالح.
97- وسئل فضيلة الشيخ:عن قول الإنسان لضيفه: (وجه الله إلا أن تأكل)؟.
فأجاب بقوله: لا يجوز لأحد أن يستشفع بالله – عز وجل – إلى أحد من الخلق، فإن الله أعظم وأجل من أن يستشفع إلى خلقه وذلك لأن مرتبة المشفوع إليه أعلى من مرتبة الشافع والمشفوع له، فكيف يصح أن يجعل الله – تعالى- شافعا عند أحد؟ !.
98- سئل الشيخ:عن قولهم (هذا نوء محمود)؟.
فأجاب بقوله: هذا لا يجوز وهو يشبه قول القائل مطرنا بنوء كذا وكذا الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم يرويه عن الله – عز وجل -: (من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فهو كافر بي مؤمن بالكوكب).
والأنواء ما هي إلا أوقات لا تحمد ولا تزم، وما يكون فيها من النعم والرخاء فهو من الله – تعالى – وهو الذي له الحمد أولا وآخراً وله الحمد على كل حال.
99- وسئل فضيلة الشيخ:- حفظه الله -: عن قول (لا حولة الله)؟.
فأجاب قائلا: قول (لا حولة الله)، ما سمعت أحدا يقولها وكأنهم يريدون (لا حول ولا قوة إلا بالله)، فيكون الخطأ فيها في التعبير، والواجب أن تعدل على الوجه الذي يراد بها، فيقال: (لا حول ولا قوة إلا بالله).
100- سئل فضيلة الشيخ:ما رأيكم في هذه العبارة (لا سمح الله)؟.
فأجاب قائلا: أكره أن يقول القائل (لا سمح الله) لأن قوله (لا سمح الله) ربما توهم أن أحدا يجبر الله على شئ فيقول (لا سمح الله) والله – عز وجل – كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا مكره له). قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يقول أحدكم اللهم أغفر إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ولكن ليعزم المسألة، وليعظم الرغبة فإن الله لا مكره له، ولا يتعاظمه شئ أعطاه) والأولى أن يقول: (لا قدر الله) بدلا من قوله: (لا سمح الله) لأنه ابعد عن توهم ما لا يجوز في حق الله – تعالى -.
101- سئل فضيلة الشيخ غفر الله له: ما حكم قول (لا قدر الله)؟.
فأجاب بقوله: (لا قدر الله) معناه الدعاء بأن الله لا يقدر ذلك، والدعاء بأن الله لا يقدر هذا جائز، وقول (لا قدر الله) ليس معناه نفي أن يقدر الله ذلك، إذ أن الحكم لله يقدر ما يشاء، لكنه نفى بمعنى الطلب فهو خبر بمعنى الطلب بلا شك، فكأنه حين يقول (لا قدر الله) أي أسأل الله أن لا يقدره، واستعمال النفي بمعنى الطلب شائع كثير في اللغة العربية وعلى هذا فلا بأس بهذه العبارة.
102- سئل فضيلة الشيخ: عن قول بعض الناس إذا مات شخص) يا أيتها النفس المطمئنة أرجعي إلى ربك راضية مرضية (؟.
فأجاب بقوله: هذا لا يجوز أن يطلق على شخص بعينه، لأن هذه شهادة بأنه من هذا الصنف.
103- سئل فضيلة الشيخ: ما رأيكم في قول بعض الناس (يا هادي، يا دليل؟.
فأجاب بقوله: (يا هادي، يا دليل) لا أعلمهما من أسماء الله، فإن قصد به الإنسان الصفة فلا بأس كما يقول اللهم يا مجري السحاب، يا منزل الكتاب وما أشبه ذلك، فإن الله يهدي من يشاء و(الدليل) هنا بمعنى الهادي.
104- وسئل غفر الله له: عن قول بعض الناس (يعلم الله كذا وكذا)؟.
فأجاب بقوله: قول (يعلم الله) هذه مسألة خطيرة حتى رأيت في كتب الحنفية أن من قال عن شئ يعلم الله والأمر بخلافه صار كافرا خارجا عن الملة، فإن قلت (يعلم أني ما فعلت هذا) وأنت فاعله بمقتضى ذلك أن الله يجهل الأمر، (يعلم الله أني ما زرت فلانا) وأنت زائره صار الله لا يعلم بما يقع، ومعلوم أنا من نفا ع الله العلم فقد كفر، ولهذا قال الشافعي – رحمه الله في القدرية قال: (جادلوهم بالعلم فإن أنكروه كفروا، وإن أقروا خصموا) أ. هـ. والحاصل أن قول القائل (يعلم الله) إذا قالها والأمر على خلاف مع قال فإن ذلك خطير جدا وهو حرام بلا شك. أما إذا كان مصيبا، والأمر على وفق مع قال فلا بأس بذلك، لانه صادق في قوله ولأن الله بكل شئ عليم كما قال الرسل في سورة يس:) قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون (1)
105- وسئل فضيلة الشيخ: عن قول: (على هواك) وقول بعض الناس في مثل مشهور: (العين ما ترى والنفس ما تشتهي)؟.
فأجاب بقوله: هذه الألفاظ ليس فيها بأس إلا أنها تقيد بما يكون غير مخالف للشرع، فليس الإنسان على هواه في كل شئ تراه، المهم أن هذه العبارة حيث هي لا بأس بها لكنها مقيدة بها بما لا يخالف الشرع.
تم بحمد لله – تعالى – وشكره
وصلى الله على نبينا محمد وعلى
آله وصحبه أجمعين ومن
تبعهم بإحسان إلى
يوم الدين
المصدر موقع الشيخ رحمه الله
http://www.binothaimeen.com
مختارات