فقه التقوى (٣)
قد أوجب الله على كل عبد واجبين:
واجب بينه وبين الله.
وواجب بينه وبين الخلق.
فأما الواجب بينه وبين الله سبحانه فهو الإيمان به، وعبادته وحده، وإيثار طاعته، وتجنب معصيته، وكمال تقواه.
وأما الواجب بينه وبين الخلق فهو أن تكون مخالطته لهم تعاوناً على البر والتقوى علماً وعملاً، لا تعاوناً على الإثم والعدوان كما قال سبحانه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٢)} [المائدة: ٢].
والبر: كلمة جامعة لجميع أنواع الخير.
والإثم: كلمة جامعة لجميع أنواع الشر التي تهلك الإنسان.
وكل عمل لا يكون طاعة وقربة حتى يكون مصدره عن الإيمان، فيكون الباعث عليه هو الإيمان المحض، لا العادة ولا الهوى، ولا طلب المحمدة والجاه، بل لا بد أن يكون مبدؤه محض الإيمان، وغايته ثواب الله تعالى وابتغاء مرضاته وهو الاحتساب.
والإثم والعدوان في جانب النهي نظير البر والتقوى في جانب الأمر.
والفرق بين الإثم والعدوان:
أن الإثم ما كان محرم الجنس كالزنى والسرقة والكذب ونحو ذلك.
والعدوان ما كان محرم القدر والزيادة، بأن يتعدى ما أبيح له منه إلى القدر المحرم، كما إذا أُتلف عليه شيئاً أَتلف أضعافه، أو كأن يتزوج خامسة، أو يطأ امرأته في حيضها أو نفاسها أو دبرها، أو اعتدى في الدعاء، أو زاد ركعة في الصلاة، أو أخذ أكثر من حقه ونحو ذلك.
والتقوى باعتبار ما يتقيه الإنسان ثلاثة أقسام:
فتارة تضاف إلى الله؛ لأنه أعظم من يتقى ويُخاف ويُرجى كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٢)} [آل عمران: ١٠٢].
وتارة تضاف إلى مكان عقوبة الله كالنار كما قال سبحانه: {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (١٣١)} [آل عمران: ١٣١].
وتارة تضاف إلى زمان عقاب الله كيوم القيامة كما قال سبحانه: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٢٨١)} [البقرة: ٢٨١].
ومعية الله ونصرته تكون معنا في الأحوال الآتية:
الأولى: حين تأتي فينا الصفات التي يحبها الله من الإيمان، والتقوى، والإحسان ونحوها كما قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (١٢٨)} [النحل: ١٢٨].
الثانية: حين نمتثل أوامر الله ونطيعه كما قال سبحانه: {وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (١٢)} [المائدة: ١٢].
الثالثة: حين نقوم بالدعوة إلى الله، ونضحي بما نملك من أجل إعلاء كلمة الله، ونشر دينه كما قال الله لموسى وهارون حين ذهبا لدعوة فرعون إلى الله: {قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (٤٦)} [طه: ٤٦].
والله سبحانه أنزل للبشر لباسين:
لباساً ظاهراً يواري العورة ويسترها.
ولباساً باطناً من التقوى يجمل العبد ويستره، فإذا زال عنه هذا اللباس انكشفت عورته الباطنة كما تنكشف عورته الظاهرة بنزع ما يسترها.
واللباس وستر العورة زينة للإنسان، وستر لعوراته الجسدية، كما أن التقوى لباس، وستر لعوراته النفسية كما قال سبحانه: {يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (٢٦)} [الأعراف: ٢٦].
والفطرة السليمة تنفر من انكشاف سوآتها الجسدية والنفسية، وتحرص على سترها ومواراتها.
والذين يحاولون تعرية الجسم من اللباس، وتعرية النفس من التقوى، ومن الحياء من الله، ومن الناس، والذين يطلقون ألسنتهم وأقلامهم لتأصيل هذه المحاولة، هم الذين يريدون سلب الإنسان خصائص فطرته.
ونزع زينته الداخلية والخارجية.
والتي صار بها إنساناً.
وهم الذين يريدون إسلام الإنسان لعدوه الشيطان.
ليتولى كشف سوأته.
إن العري فطرة حيوانية، ولا يميل الإنسان إليه إلا وهو يرتكس إلى مرتبة أدنى من رتبة الإنسان، وإن رؤية العري جمالاً هو كرؤية الكفر فلاحاً، وذلك انتكاس في الذوق، والعقل البشري قطعاً، والعري النفسي من الحياء والتقوى، وهو ما تجتهد فيه أقلام وأفلام أهل الباطل هو النكسة والردة إلى الجاهلية.
والتزود في السفر شأن العقلاء، فإن فيه الاستغناء عن المخلوقين، والكف عن سؤالهم أموالهم، وفي الإكثار منه نفعٌ وإعانة للمسافرين، وزيادة قربة لرب العالمين هذا في سفر الدنيا.
وأما الزاد الحقيقي فهو زاد التقوى، الذي هو زاد إلى دار القرار، وهو الموصل لأكمل لذة، وأجلّ نعيم دائم أبداً كما قال سبحانه: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ (١٩٧)} [البقرة: ١٩٧].
وأهل الإيمان والتقوى هم الفائزون بالسعادة في الدنيا والآخرة كما قال سبحانه: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (٦٣) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٦٤)} [يونس: ٦٢ - ٦٤].
وماذا أعد الله للمتقين في الآخرة؟ وماذا ينتظرهم من النعيم المقيم؟ فلنسأل القرآن لنعلم ماذا أعد الله لعباده المتقين: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ (٣٥)} [الرعد: ٣٥].
وقال سبحانه {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (١٥)} [آل عمران: ١٥].
وقال سبحانه: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ (٢٠)} [الزمر: ٢٠].
وقال سبحانه: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (٧٣)} [الزمر: ٧٣].
وقال سبحانه: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (١٥)} [محمد: ١٥].
وقال عزَّ وجلَّ: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٣)} [آل عمران: ١٣٣].
وقال سبحانه: {هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ (٤٩) جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ (٥٠) مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ (٥١) وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ (٥٢) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ (٥٣) إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ (٥٤)} [ص: ٤٩ - ٥٤].
وقال عزَّ وجلَّ: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (٥٤) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (٥٥)} [القمر: ٥٤، ٥٥].
وقال سبحانه: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٥) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (١٦) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (١٧) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (١٨) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (١٩)} [الذاريات: ١٥ - ١٩].
وقال سبحانه: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (٣١) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (٣٢) وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (٣٣) وَكَأْسًا دِهَاقًا (٣٤) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (٣٥) جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا (٣٦)} [النبأ: ٣١ - ٣٦].
فسبحان الله! ماذا أعد الله من النعيم للمتقين؟ وماذا هيأ لهم من الكرامات والبشائر؟ والحبور والسرور؟ وألوان الطعام والشراب وفاخر الدور؟ والغرف والقصور؟
وأما في الدنيا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: ٢، ٣].
وقال سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (٤) ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا (٥)} [الطلاق: ٤، ٥].
وماذا على المسلم إذا علم ما أعد الله لأهل التقوى من جزيل الأجر والثواب؟
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٢)} [آل عمران: ١٠٢].
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا (٦٩) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (٧١)} [الأحزاب: ٦٩ - ٧١].
وقال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٣٥)} [المائدة: ٣٥].
وقال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (١١٩)} [التوبة: ١١٩].
وقال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٨)} [الحشر: ١٨].
وقال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٨)} [الحديد: ٢٨].
والله حكيم عليم خلق كل شيء بحكمة، وخلق كل شيء لمقصد وحكمة، فخلق سبحانه الشمس للإنارة.
وخلق الماء للشرب.
وخلق النبات والحيوان لخدمة الإنسان.
وخلق الإنس والجن للعبادة.
والإنسان صنع السيارة للنقل.
والقلم للكتابة.
وهكذا.
وكل شيء يؤدي وظيفته والمقصد منه، فهو محترم مكرم محبوب، غال عند أهله، فإذا ترك المقصد، أو تعطل عن العمل، ذهبت قيمته، وزهد فيه أهله.
وكذلك الإنسان خلقه الله لعبادته، وأمره بالإيمان والتقوى، فإذا ترك المقصد منه وهو العبادة، صار لا قيمة له في الدنيا والآخرة، وهو محاسب على ترك المقصد الانفرادي وهو العبادة، وترك المقصد الاجتماعي وهو الدعوة إلى الله، وإلى دينه.
وعمل هذه الأمة عمل الأنبياء، ووظيفتها وظيفة الأنبياء، إيمان وتقوى، وعبادة، ودعوة، تعلم وتعليم، وجهاد وصبر: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٣)} [فصلت: ٣٣].
مختارات