الباسط والقابض
ومن أسمائه الحسنى عزَّ وجلَّ: القابض والباسط.
قال الله تعالى: {وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٤٥)} [البقرة: ٢٤٥].
وعن أنس - رضي الله عنه - قال: غلا السعر على عهد رسول الله فقالوا: يا رسول الله لو سعرت، فقال: «إِنَّ اللهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّازِقُ وَإِنِّي لأََرْجُو أَنْ أَلْقَى اللهَ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُطَالِبُنِي بِمَظْلَمَةٍ فِي دَمٍ وَلَا مَالٍ» أخرجه أبو داود والترمذي (١).
الله تبارك وتعالى هو القابض الباسط، الذي يوسع على من يشاء، ويقتر على من يشاء، يقبض ويبسط على حسب ما يراه ويعلمه من المصلحة لعباده، يبسطه بجوده، ويقبضه بعدله، وهو الحكيم العليم.
وهو سبحانه القابض، الذي يطوي بره ومعروفه عمن يريد، الباسط الذي ينشر فضله على من يشاء من عباده، يرزق ويوسع، ويجود ويتفضل، يفعل ذلك بعباده بحسب علمه وحكمته: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (٢٧)}... [الشورى: ٢٧].
والقابض والباسط من الأسماء الكريمة المتقابلة، لا يفرد أحدهما عن قرينه، ولا يثنى على الله بواحد منها إلا مقروناً بمقابله، لأن تمام القدرة والكمال المطلق لله عزَّ وجلَّ لا يحصل إلا بمجموعها، ومثلها المقدم والمؤخر، والمعطي والمانع ونحوهما.
والله عزَّ وجلَّ هو القابض الباسط، الذي بيده كل شيء، فينبغي لمن امتن الله عليه ببسطة في المال أو العلم، أو الجسم أو الجاه، أن يتفضل على عباد الله تعالى كما تفضل الله عليه وأحسن، فإن هذا من شكر النعم.
ومن ضيق الله عليه في شيء من ذلك، فليلجأ إلى الله القابض الباسط، الذي يملك كل شيء، ويملك ما يتمنى ويريد، وأن يعلم أن ذلك بعدله سبحانه، وهو لا يظلم أحداً.
وهو سبحانه العليم الحكيم، القابض الباسط، الذي يوسع الرزق على من يشاء، ويقبضه عمن يشاء، والتصرف كله بيده، والأمور كلها راجعة إليه، فالإمساك لا يبسط الرزق، والإنفاق لا يقبضه بل يوفره: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٤٥)} [البقرة: ٢٤٥].
هذا ما تيسر جمعه من أسماء الله الحسنى الواردة في الكتاب والسنة.
اللهم كما يسرت جمعها في هذا الكتاب فارزقنا حفظها، والعمل بها، وحسن الدعاء بها كما قلت سبحانك: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٨٠)}... [الأعراف: ١٨٠].
وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَا أَصَابَ أَحَداً قَطُّ هَمّ، وَلَا حَزَنٌ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي، إِلاَّ أَذْهَبَ اللهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجاً، قَالَ: فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا نَتَعَلَّمُهَا؟ فَقَالَ: بَلَى، يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا» أخرجه أحمد (٢).
(١) صحيح: أخرجه أبو د اود برقم (٣٤٥١)، صحيح سنن أبي داود رقم (٢٩٤٥).
وأخرجه الترمذي برقم (١٣١٤)، صحيح سنن الترمذي رقم (١٠٥٩).
(٢) صحيح: أخرجه أحمد برقم (٣٧١٢)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (١٩٩).
مختارات