قوله تعالى: { إن هذا القرآن هذا يهدي للتي هي أقوم }
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله:
(ومن هدي القرآن للتي هي أقوم هديه إلى أن التقدم لا ينافي التمسك بالدين، فما خيله أعداء الدين لضعاف العقول ممن ينتمي إلى الإسلام من أن التقدم لا يمكن
إلا بالانسلاخ من دين الإسلام باطل لا أساس له، والقرآن الكريم يدعو إلى التقدم
في جميع الميادين التي لها أهميه في دنيا أو دين، ولكن ذلك التقدم في حدود الدين، والتحلي بآدابه الكريمة، قال تعالى: [وأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ]، وقال:
[وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الحَدِيدَ أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا] فقول [أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ] يدل على الاستعداد لمكافحة العدو، وقول: [وَاعْمَلُوا صَالِحًا] يدل على أن الاستعداد في حدود الدين الحنيف، وانظر قوله: [وأَعِدُّوا لَهُم]، فهو أمر جازم بمسايرة التطور في الأمور الدنيوية، وعدم الجمود على الحالات الأولى إذا طرأ تطور جديد، ولكن كل ذلك مع التمسك بالدين ؛ فإن النسبة بين التمسك بالدين والتقدم كالنسبة بين الملزم ولازمه، بمعنى أنه يلزم عليه التقدم كما صرحت به الآيات المذكورة)اهـ.
المصدر: تفسير أضواء البيان للشنقيطي ج 3 /ص 396
مختارات