تعظيم قدر الصلاة - 2
شعب الايمان
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
قال أبو عبد الله: فقد دل ذلك من عقل على أن الإسلام كثير، لأن البنيان أكثر من الأصل، إنما هو بياض، والبنيان يكون الحيطان والبيوت والعلالي والغرف والأبواب والجذوع والصفائح، وغير ذلك، وقد حفظ في بعض هذه الأحاديث من شرائع الإسلام ما لم يحفظ في بعض، فيمكن أن يكون الذين قصروا عن حفظها كلها تعلموا الإسلام قبل أن يفرض من شرائعه ما حفظ غيرهم، ويمكن أن يكونوا حفظوه فأبدوا أساسه وعمده ومعالمه وسكتوا عما يتبع ذلك، غير أن ذلك كله وغير ذلك من شرائع الإسلام التي حفظها غيرهم من الإسلام ليس لأحد أن يقول: ليس الإسلام إلا ما في حديث فلان دون غيره من الأحاديث، حتى تقر بها كلها، وكذلك الإيمان لم يأت مفسرا بكماله في آية ولا آيتين، ولا حديث ولا حديثين، وكذلك الصلاة والزكاة والحج والصوم، لم يأت شيء من ذلك بكماله في آية ولا آيتين، ولا حديث ولا حديثين، ألا ترى إلى ما يكتب الناس من الأحاديث في سنن كشريعة منها ووجوهها، فكذلك الأحاديث التي تروى في الإيمان والإسلام، كلها من الإيمان والإسلام، لا يجوز جحود شيء منها، ولا دفعه، لأن الذي يجحد منها ويدفعه إنما هو عن الذي يقبل منه ويأتمنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي فرض الله عليك طاعته، وأمرك باتباعه، فالإسلام من الإيمان، والإيمان من الإسلام، ويسمى الإسلام إيمانا، والإيمان إسلاما، ودينا وملة، وبرا وتقوى، وإحسانا وطاعة، كل هذه الأسامي لازم له.
أحاديث بنى الاسلام على خمس
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن عكرمة بن خالد، أن رجلا، قال لابن عمر: ألا نغزو؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان " [رواه البخارى ومسلم فى صحيحيهما].
وصف النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام بما وصف به الإيمان، ووصف الإيمان بما وصف به الإسلام
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
قال أبو عبد الله: قالوا: فقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام بما وصف به الإيمان، ووصف الإيمان بما وصف به الإسلام، من القول والعمل جميعا، ألا تراه وصفه بالإقرار، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، والجهاد في سبيل الله، والأمر والنهي، والنصح لكل مسلم، وأخبر أن الإسلام بني من ذلك وغيره على خمس.
أحاديث وفد عبدالقيس
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن خالد بن معدان، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن للإسلام صوى ومنارا كمنار الطريق، من ذلك أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وأن تقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وتسليمك على بني آدم إذا لقيتهم، فإن ردوا عليك ردت عليك وعليهم الملائكة، وإن لم يردوا عليك ردت عليك الملائكة، ولعنتهم أو سكتت عنهم، وتسليمك على أهل بيتك إذا دخلت عليهم، فمن انتقص منهن شيئا فهو سهم من الإسلام تركه، ومن تركهن فقد نبذ الإسلام وراء ظهره». [رجاله ثقات واسناده صحيح].
أحاديث وفد عبدالقيس
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن مالك، عن عمه أبي سهيل بن مالك، عن أبيه، أنه سمع طلحة بن عبيد الله، يقول: " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أهل نجد، ثائر الرأس، يسمع دوي صوته، ولا يفقه ما يقول، حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خمس صلوات في اليوم والليلة» فقال: فهل علي غيرهن؟ قال: «لا، إلا أن تطوع» قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وصيام رمضان» قال: فهل علي غيره؟ قال: «لا، إلا أن تطوع» وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة، فقال: هل علي غيرها؟ قال: «، لا إلا أن تطوع» فأدبر الرجل وهو يقول: لا أزيد على هذا ولا أنقص منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفلح إن صدق» [رواه البخاري ومسلم فى صحيحيهما].
أحاديث وفد عبدالقيس
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن مجاهد، قال: قال لي ابن عباس: " يا مجاهد، أحب في الله، وأبغض في الله، ووال في الله، وعاد في الله، فإنما تنال ما عند الله بذلك، ولن يجد عبد حلاوة الإيمان وإن كثر صلاته وصيامه حتى يكون كذلك، وقد صارت مؤاخاة الناس اليوم أو عامتهم في الدنيا، وذلك لا يجزئ عن أهله شيئا، ثم قرأ {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين} [الزخرف: 67] وقرأ {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله} [المجادلة: 22] ".
أحاديث وفد عبدالقيس
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
قال أبو عبد الله: قالوا: فجعل صلى الله عليه وسلم الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد من الإيمان، وجعل أوثق عرى الإيمان الحب في الله، والبغض في الله، وذلك أن الله أمر بهما، ووكدهما في كتابه فقال في الحب فيه: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض} [التوبة: 71] وقال: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا} [المائدة: 55] وقال في البغض لله: {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله} [المجادلة: 22] وقال: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة} [الممتحنة: 1]، وقال: {يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور} [الممتحنة: 13]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «والله لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا» [حديث صحيح].
أحاديث وفد عبدالقيس
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
قال أبو عبد الله: قالوا: فهذا رسول رب العالمين الذي جاء بالإيمان ودعا إليه، سأله الوفد عن أمر يدخلهم الجنة، وينجيهم من النار، فأمرهم بالإيمان بالله، ثم قال لهم مخافة أن يحملوا ذلك على غير وجهه: «أتدرون ما الإيمان بالله؟» ثم فسره لهم، فجعله توحيده، والإقرار برسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وإيتاء الخمس من الغنائم، فهذا مما يبين لك أن الإيمان بالله إنما هو توحيده وعبادته.
أحاديث وفد عبدالقيس
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن أبي جمرة، قال: كنت قاعدا مع ابن عباس على سريره فقال: " إن وفد عبد القيس أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأمرهم بأربع، ونهاهم عن أربع، أمرهم بالإيمان بالله وحده، ثم قال: «هل تدرون ما الإيمان بالله وحده؟» قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وأن تعطوا من الغنائم الخمس». [رواه البخاري ومسلم فى صحيحيهما].
تفسير حديث جبريل في الايمان
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن قتادة، " {يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به} [البقرة: 121] هؤلاء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، آمنوا بكتاب الله، وصدقوا به، أحلوا حلاله، وحرموا حرامه، وعملوا بما فيه " ذكر لنا أن ابن مسعود كان يقول: والله إن حق تلاوته أن تحل حلاله، وتحرم حرامه، وأن تقرأ كما أنزله الله، ولا تحرف عن مواضعه.
تفسير حديث جبريل في الايمان
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
قال أبو عبد الله: اختلف الناس في تفسير حديث جبريل عليه السلام هذا، فقال طائفة من أصحابنا: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «الإيمان أن تؤمن بالله» وما ذكر معه كلام جامع مختصر له غور، وقد أوهمت المرجئة في تفسيره فتأولوه على غير تأويله، قلة معرفة منهم بلسان العرب، وغور كلام النبي صلى الله عليه وسلم، الذي قد أعطي جوامع الكلم وفواتحه، واختصر له الحديث اختصارا صلى الله عليه وسلم. أما قوله: «الإيمان أن تؤمن بالله» أن توحده وتصدق به بالقلب واللسان، وتخضع له ولأمره، بإعطاء العزم للأداء لما أمر، مجانبا للاستنكاب والاستكبار والمعاندة، فإذا فعلت ذلك لزمت محابه، واجتنبت مساخطه، وأما قوله: «وملائكته» فأن تؤمن بمن سمى الله لك منهم في كتابه، وتؤمن بأن لله ملائكة سواهم لا يعرف أساميهم وعددهم إلا الذي خلقهم. وأما قوله: «وكتبه» فأن تؤمن بما سمى الله من كتبه في كتابه، من التوراة، والإنجيل، والزبور خاصة، وتؤمن بأن لله سوى ذلك كتبا أنزلها على أنبيائه، لا يعرف أسماءها وعددها إلا الذي أنزلها، وتؤمن بالفرقان، وإيمانك به غير إيمانك بسائر الكتب، إيمانك بغيره من الكتب إقرارك به بالقلب واللسان، وإيمانك بالفرقان إقرارك به، واتباعك بما فيه. وأما قوله: «ورسله» فأن تؤمن بمن سمى الله في كتابه من رسله، وتؤمن بأن لله سواهم رسلا وأنبياء، لا يعلم أسماءهم إلا الذي أرسلهم، وتؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، وإيمانك به غير إيمانك بسائر الرسل، إيمانك بسائر الرسل إقرارك بهم، وإيمانك بمحمد صلى الله عليه وسلم إقرارك به وتصديقك إياه، واتباعك ما جاء به، فإذا اتبعت ما جاء به أديت الفرائض، وأحللت الحلال، وحرمت الحرام، ووقفت عند الشبهات، وسارعت في الخيرات. وأما قوله: «واليوم الآخر» فأن تؤمن بالبعث بعد الموت، والحساب والميزان، والثواب والعقاب، والجنة والنار، وبكل ما وصف الله به يوم القيامة. وأما قوله: «وتؤمن بالقدر كله خيره وشره» فأن تؤمن بأن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولا تقل: لولا كذا وكذا لكان كذا وكذا، ولو كان كذا وكذا لم يكن كذا وكذا، قال: فهذا هو الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر، واستدلوا على أن الإيمان هو ما ذكروه بالآيات التي تلوناها عند ذكر تسمية الله الصلاة وسائر الطاعات إيمانا وإسلاما ودينا، واستدلوا أيضا بما قص الله جل وعز من نبأ إبليس حين عصى ربه في سجدة أمر أن يسجدها لآدم فأباها، ثم قال: {أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين} [الأعراف: 12]، قال الله تبارك وتعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين} [البقرة: 34] فهل جحد إبليس ربه وهو يقول: {رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين} [الحجر: 39]، ويقول: {رب فأنظرني إلى يوم يبعثون} [الحجر: 36] إيمانا منه بالبعث، وإيمانا بنفاذ قدرته في إنظاره إياه إلى يوم البعث.
حديث عمر فى الاسلام والايمان والاحسان
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن ابن بريدة، عن يحيى بن يعمر، قال: حججنا أو اعتمرنا، ثم قدمنا المدينة فأتينا ابن عمر، فسألناه فقلنا: يا أبا عبد الرحمن، إنا نغزو هذه الأرض فنلقى أقواما يقولون: لا قدر؟ فأعرض بوجهه عنا ثم قال: " إذا لقيت أولئك فأعلمهم أن ابن عمر بريء منهم، وأنهم منه براء، ثم قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل رجل حسن الوجه، وحسن الشارة، وطيب الريح، فتعجبنا لحسن وجهه وشارته وطيب ريحه، فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قام فقال: أدنو يا رسول الله؟ قال: «نعم» فدنا ثم قام، فتعجبنا لتوقيره رسول الله، ثم قال: أدنو يا رسول الله؟ قال: «نعم» فدنا حتى وضع فخذه على فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: يا رسول الله، ما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والبعث بعد الموت، والحساب، والقدر خيره وشره، حلوه ومره " قال: صدقت، فتعجبنا لقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدقت، ثم قال: ما الإسلام؟ قال: «أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت، وتغتسل من الجنابة» قال: صدقت، قال: فتعجبنا من تصديقه رسول الله، ثم قال: يا رسول الله، فما الإحسان؟ قال: «تخشى الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك» قال: صدقت، فتعجبنا من تصديقه رسول الله، ثم قال: يا رسول الله، فمتى الساعة؟ قال: «ما المسئول عنها بأعلم بها من السائل» قال: صدقت، فتعجبنا لتصديقه رسول الله، ثم انكفى راجعا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «علي بالرجل» فطلبناه فلم نجده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا جبريل جاء يعلمكم أمر دينكم، وما أتاني قط في صورة إلا عرفته إلا في صورته هذه». [رواه الامام احمد فى المسند وصحح اسناده العلامة احمد شاكر واخرجه مسلم فى صحيحه].
حديث عمر فى الاسلام والايمان والاحسان
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن يحيى بن يعمر، قال: كان أول من قال بالبصرة في القدر معبد الجهني، فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري حاجين فقلنا: لو لقينا بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه عما يقول هؤلاء القوم في القدر، فوافقنا عبد الله بن عمر وهو يدخل المسجد فاكتنفناه أنا وصاحبي، أحدنا عن يمينه، والآخر عن شماله، وظننت أن صاحبي سيكل الكلام إلي فقلنا: يا أبا عبد الرحمن، إنه قد ظهر قبلنا ناس يقرءون القرآن ويتقفرون العلم، وإنهم يزعمون أنه لا قدر، إنما الأمر أنف، قال: إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم، وأنهم براء مني، فوالذي يحلف به عبد الله بن عمر لو كان لأحدهم مثل أحد ذهبا فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر، ثم قال: أخبرني عمر بن الخطاب قال: " بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوضع ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، ثم قال: يا محمد، أخبرني عن الإسلام، ما الإسلام؟ قال: «أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم شهر رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا» قال: صدقت، فعجبنا له، يسأله ويصدقه، ثم قال: أخبرني عن الإيمان، قال: «الإيمان أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر كله خيره وشره» قال: صدقت، قال فأخبرني عن الإحسان، ما الإحسان؟ قال: «أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك» قال: فأخبرني عن الساعة، قال: «ما المسئول عنها بأعلم بها من السائل» قال: فأخبرني عن أمارتها، قال: «أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان» ثم انطلق، قال عمر: فلبثت ثلاثا ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا عمر، أتدري من السائل؟» قلت: الله ورسوله أعلم، قال: «فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم» [رواه مسلم فى صحيحه].
آيات دالة على أن كمال الأيمان بالصلاة وسائر الطاعات
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
قال أبو عبد الله: وقال الله عز وجل: {ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان} [الحجرات: 7] قال أبو عبد الله: لما كانت المعاصي بعضها كفرا وبعضها ليس بكفر، فرق بينهما فجعلها ثلاثة أنواع، نوع منها كفر، ونوع فسق وليس بكفر، ونوع عصيان وليس بكفر ولا فسوق، وأخبر أنه كرهها كلها إلى المؤمنين، ولما كانت الطاعات كلها داخلة في الإيمان، وليس شيء منها خارجا منه، لم يفرق بينهما فيقول: حبب الإيمان والفرائض وسائر الطاعات، بل أجمل ذلك فقال: {حبب إليكم الإيمان} [الحجرات: 7] فدخل في ذلك جميع الطاعات.
آيات دالة على أن كمال الأيمان بالصلاة وسائر الطاعات
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
قال أبو عبد الله: وقال الله عز وجل: {ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان} [الحجرات: 7] قال أبو عبد الله: لما كانت المعاصي بعضها كفرا وبعضها ليس بكفر، فرق بينهما فجعلها ثلاثة أنواع، نوع منها كفر، ونوع فسق وليس بكفر، ونوع عصيان وليس بكفر ولا فسوق، وأخبر أنه كرهها كلها إلى المؤمنين، ولما كانت الطاعات كلها داخلة في الإيمان، وليس شيء منها خارجا منه، لم يفرق بينهما فيقول: حبب الإيمان والفرائض وسائر الطاعات، بل أجمل ذلك فقال: {حبب إليكم الإيمان} [الحجرات: 7] فدخل في ذلك جميع الطاعات.
آيات دالة على أن كمال الأيمان بالصلاة وسائر الطاعات
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
قال أبو عبد الله: ووصف الله عز وجل المؤمنين بالأعمال ثم ألزمهم حقيقة الإيمان، ووصفهم بها بعد قيامهم بالأعمال، من الصلاة والزكاة وغيرهما فقال: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون} [الأنفال: 3] ثم قال: {أولئك هم المؤمنون حقا} [الأنفال: 4] فوصفهم بحقيقة الإيمان بعد قيامهم بالأعمال التي ذكرها، فليس لأحد أن يعارض خبر الله بالرد، ويقلب وصفه ويبدله فيقول: إن المؤمنين الذين إذا ذكر الله لم تجل قلوبهم، وإذا تليت عليهم آياته لم تزدهم إيمانا، ولا يتكلون على ربهم، ولا يقيمون الصلاة، ولا يؤتون الزكاة، أولئك هم المؤمنون حقا، فيبدل وصف الله، ويقلب حكمه، فثبتت أول الآية وثبتت آخرها بالحقيقة لمن آمن بالله، ويلقي ما بين أولها وآخرها من العمل فيسمي المؤمن مؤمنا حقا بإلغاء ما بين أول الآية وآخرها من العمل، فيكون قد عارض حكم الله بالرد، ولو كان كل مؤمن مؤمنا حقا لما كان لقول الله {أولئك هم المؤمنون حقا} [الأنفال: 4] بعد الأعمال التي وصفهم بها معنى ذ كان من عمل تلك الأعمال ومن لم يعملها مؤمنا حقا، ألا ترى أنه لا يجوز أن يقال: هذا إنسان حقا لأنه لا يكون إنسان باطلا، ويجوز أن يقال: هذا إنسان حقا، ليميز بينه وبين الإنسان الباطل الذي ليس بإنسان حقا.
الطاعات كلها دين
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن السدي، " {اليوم يئس الذين كفروا من دينكم} [المائدة: 3] قال: يئسوا أن ترجعوا إليهم، {فلا تخشوهم} [البقرة: 150] لا تخشوا أن أردكم إليهم، قال الله: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي} [المائدة: 3] قال: نزلت بعرفات يوم عرفة، ولم ينزل بعدها حلال ولا حرام، ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمات صلوات الله عليه ".
الطاعات كلها دين
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن ابن عباس، {ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم} [الفتح: 4] قال: بعث الله نبيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بشهادة أن لا إله إلا الله، فلما صدق بها المؤمنون زادهم الصلاة، فلما صدقوا بها زادهم الصيام، فلما صدقوا به زادهم الزكاة، فلما صدقوا بها زادهم الحج، فلما صدقوا به زادهم الجهاد، ثم أكمل الله لهم دينهم فقال: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي} [المائدة: 3] ".
الطاعات كلها دين
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، قال: " قال يهودي لعمر: لو علينا معشر يهود نزلت لاتخذناه عيدا {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} [المائدة: 3] فقال عمر: قد علمت اليوم الذي نزلت فيه، نزلت يوم الجمعة، ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفات ".
الطاعات كلها دين
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
قال أبو عبد الله: فلما قال الله تبارك وتعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين} [البينة: 5] كانت الطاعات كلها اللاتي يتقرب بها إلى الله داخلة في عبادته، ثم خص الصلاة والزكاة من بينها فأعاد ذكرهما تأكيدا لأمرهما، وتعظيما لشأنهما، كما قال: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} [البقرة: 238] والوسطى داخلة في الصلوات، إلا أنه أعاد ذكرها فخصها بالأمر بالمحافظة عليها خاصا تأكيدا لأمرها، وقال الله عز وجل: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} [المائدة: 3] فأخبر الله تبارك وتعالى أنه أكمل للمؤمنين دينهم في ذلك اليوم، ولو كان قبل ذلك اليوم مكملا تاما لم يكن لإكمال ما أكمل، وتم معنى ويروى أنها نزلت في حجة النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة والنبي صلى الله عليه وسلم واقف بعرفات.
الطاعات كلها دين
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
أبان الله عز وجل أن الطاعات كلها دين لقوله {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة} [البينة: 5] ومعقول في اللغة وعند العلماء أن عبادة الله هي التقرب إليه بطاعته، والاجتهاد في ذلك، ألا ترى إلى ما روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن لله ملائكة سجودا إلى أن تقوم الساعة، فإذا رفعوا رءوسهم قالوا: ربنا ما عبدناك حق عبادتك، وقال الله: {ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون} [الأنبياء: 20].
الهدايا فى الجنة بمقادير الصلاة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
قال أبو عبد الله: وقد روي في بعض الحديث: إن الله تبارك وتعالى قد خص أهل جواره بخاصة اللطف في جنته من الهدايا ثوابا لهم على صلاتهم من بين سائر الأعمال، فجعل هداياه إلى أوليائه في جنته بمقادير صلواتهم في الأوقات التي كانوا يصلونها، وكذلك جعل تسليم ملائكته عليهم بمقادير أوقات صلواتهم من بين جميع الطاعات وأوقاتها، فكفى بالصلاة فضلا وحسن عاقبة في الآخرة. قال بعض أهل العلم: إن كان متواضعا في الدنيا في صلاته، خاشعا، يأخذ بيده اليسرى باليمنى، حشر على إخباته في صلاته، ثوابا لخشوعه في صلاته، علامة له من بين الخلائق، أنه هكذا كان لله في الدنيا، متذللا إذا قام بين يديه يناجيه.
مصلى المؤمن يبكى عليه بعد موته
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن سعيد بن جبير، قال: سئل ابن عباس: أتبكي السماء والأرض على أحد؟ قال: «نعم، إنه ليس من الخلائق أحد إلا له باب من السماء أو باب في السماء، يصعد فيه عمله وينزل فيه رزقه، فإذا مات المؤمن بكت عليه معادنه من الأرض التي كان يذكر الله فيها ويصلي فيها، وبكى عليه بابه الذي كان يصعد فيه عمله، وأما قوم فرعون فلم يكن لهم في الأرض آثار صالحة، ولم يكن يصعد إلى الله منهم خير، فلم تبك عليهم السماء والأرض» قال أبو عبد الله: يريد قوله: {فما بكت عليهم السماء والأرض} [الدخان: 29].
ساعات الصلاة افضل من غيرها
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن كعب، قال: " اختار الله البلاد فأحب البلاد إلى الله البلد الحرام، واختار الزمان فأحب الزمان إلى الله الأشهر الحرم، وأحب الأشهر الحرم إلى الله ذو الحجة، وأحب ذو الحجة إلى الله العشر الأول، واختار الله الأيام فأحب الأيام إلى الله يوم الجمعة، واختار الليالي منها فأحب الليالي إلى الله ليلة القدر، واختار الله الساعات فأحب ساعات الليل والنهار إلى الله ساعات الصلوات المكتوبات، واختار الله الكلام فأحب الكلام إلى الله: لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله ".
الصلاة قرة عين النبى صلى الله عليه وسلم
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
قال أبو عبد الله: ولو لم يستدل المؤمن على أن الصلاة أحب الأعمال إلى الله إلا بما ألزم قلب حبيبه المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم من حب الصلاة، وجعل قرة عينه فيها دون سائر الأعمال كلها، وإن كان صلى الله عليه وسلم محبا لجميع الطاعات، ولكنه خص الصلاة فأخبر أن قرة عينه جعل في الصلاة لربه، لكفاه بذلك دليلا.
سجود الشمس
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن يونس بن عبيد، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أتدري أين تذهب هذه الشمس؟» فقالوا: الله ورسوله أعلم، قال: " فإنها تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش، فتخر ساجدة، فلا يزال كذلك حتى يقال لها: ارتفعي ارجعي من حيث جئت طالعة، فترجع فتطلع من مطلعها، ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئا، حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فيقال لها: ارتفعي فاطلعي من مغربك، فتطلع من مغربها " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أتدرون متى ذاكم؟ ذلك حين {لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا} [الأنعام: 158] " [رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما].
كثرة الركوع والسجود أفضل أم طول القيام
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن المستورد بن أحنف، عن صلة بن زفر، قال: قال حذيفة: " صليت ليلة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فافتتح سورة البقرة فقرأ، فقلت: يقرأ مائة آية، ثم يركع فمضى، فقلت: يقرأها في ركعتين فمضى، فقلت: يختمها ثم يركع، فمضى، ثم قرأ سورة النساء، ثم قرأ سورة آل عمران ثم ركع نحوا من قيامه، يقول: «سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم» ثم رفع رأسه فقال: «سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد» فأطال القيام ثم سجد، فأطال السجود وهو يقول «سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى» فأطال السجود، وكان لا يمر بآية فيها تخويف أو تعظيم لله إلا كررها ". [أخرجه مسلم والنسائي وابوداود وقال الترمذى حسن صحيح].
كثرة الركوع والسجود أفضل أم طول القيام
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
قال أبو عبد الله: في الأخبار المروية في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل دليل على اختياره طول القيام وتطويل الركوع والسجود، لا على كثرة الركوع والسجود، وذلك أن أكثر ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى من الليل ثلاث عشرة ركعة بالوتر، وقد صلى إحدى عشرة ركعة، وتسع ركعات وسبعا فطول فيها القراءة والركوع والسجود جميعا، فذلك دليل على تفضيل التطويل على كثرة الركوع والسجود، وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه سئل: أي الصلاة أفضل؟ فقال: «طول القيام».
أحاديث في فضل السجود والركوع
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن الأحنف بن قيس، قال: دخلت مسجد دمشق، فإذا أنا برجل يصلي، يكثر الركوع والسجود، فقلت: لا أنتهي حتى أنظر أيدري على شفع ينصرف أم على وتر، فلما انصرف قلت له: أتدري على شفع تنصرف أم على وتر؟ قال: إن لم أدر فإن الله هو يدري، حدثني خليلي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم، ثم بكى، ثم قال: حدثني خليلي أبو القاسم، ثم بكى، ثم قال: حدثني خليلي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم قال: «ما من عبد يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة، وحط عنه بها سيئة» فتقاصرت إلي نفسي، قال الفريابي: هو أبو ذر. [رجاله ثقات واسناده صحيح].
امتياز المنافقين يوم القيامة من المؤمنين بالسجود
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن قتادة، قال: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: " يؤذن للمؤمنين في السجود يوم القيامة، قال: فيسجد المؤمنون وبين كل مؤمنين منافق، فيقسو ظهره عن السجود، ويجعل سجود المؤمنين على المنافقين توبيخا وصغارا، وذلا وندامة وحسرة، {وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون} [القلم: 43] ".
امتياز المنافقين يوم القيامة من المؤمنين بالسجود
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
قال أبو عبد الله: ومن ذلك أن المنافقين ميزوا يوم القيامة من المؤمنين بالسجود، قال الله: {يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة} [القلم: 43] وذلك أن المؤمنين لما نظروا إلى ربهم خروا له سجدا، ودعي المنافقون إلى السجود فأرادوه فلم يستطيعوا، حيل بينهم وبين ذلك عقوبة لتركهم السجود لله في الدنيا، قال الله: {وقد كانوا يدعون إلى السجود} [القلم: 43] يعني في الدنيا، {وهم سالمون} [القلم: 43] مما حدث في ظهورهم، مما حال بينهم وبين السجود.
موضع السجود لا تأكله النار
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي هريرة قال: قال الناس: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: «هل تضارون في رؤية الشمس ليس دونها سحاب؟» قالوا: لا يا رسول الله، فقال: «هل تضارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟» فقالوا: لا يا رسول الله، " فإنكم ترونه يوم القيامة كذلك، يجمع الله الناس يوم القيامة فيقول: من كان يعبد شيئا فليتبعه، فيتبع من كان يعبد القمر القمر، ومن كان يعبد الشمس الشمس، ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها، فيأتيهم الله فيقول: أنا ربكم فيعرفونه فيتبعونه، ويضرب جسر على جهنم " قال النبي صلى الله عليه وسلم: " فأكون أول من يجوزه، ودعوى الرسل يومئذ: اللهم سلم سلم، وبها كلاليب كشوك السعدان، هل تعرفون شوك السعدان؟ " قالوا: نعم يا رسول الله، قال: «فإنها مثل شوك السعدان، غير أنها لا يعلم قدر عظمها إلا الله، فتخطف الناس بأعمالهم، فمنهم الموبق بعمله، ومنهم المخردل، ثم يتجلى حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد وأراد أن يخرج من النار من أراد أن يرحم ممن كان شهد أن لا إله إلا الله أمر الملائكة أن يخرجوهم، فيعرفونهم بعلامة آثار السجود، وحرم الله على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود، فيخرجونهم قد امتحشوا، فيصب عليه من ماء يقال له ماء الحياة، فينبتون نبات الحبة في حميل السيل» [رواه البخارى فى صحيحه].
موضع السجود لا تأكله النار
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
قال أبو عبد الله: ومن فضل الصلاة على سائر الأعمال أن من دخل النار من المؤمنين لم يجدوا شيئا من الأعمال التي عملوها بجوارحهم تمنع شيئا من أجسامهم من الاحتراق إلا السجود له في الدنيا، فإن النار لم تصب مواضع السجود من المصلين خاصة، كذلك أخبر النبي صلى الله عليه وسلم.
أحاديث الشفاعة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن محمد بن يزيد بن أبي زياد، عن محمد بن كعب القرظي، عن رجل، من الأنصار، عن أبي هريرة، قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله لما خلق السموات والأرض خلق الصور فأعطاه إسرافيل، فهو واضعه على فيه، شاخص بصره إلى العرش، ينتظر متى يأمره».
أحاديث الشفاعة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن قتادة، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يجمع الله الناس يوم القيامة فيهتمون لذلك ويقولون: لو استشفعنا إلى ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا، فيأتون آدم فيقولون: أنت آدم أبو الخلق، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، اشفع لنا إلى ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا، فيقول: لست هناكم، فيذكر خطيئته التي أصاب فيستحيي ربه منها، ولكن ائتوا نوحا أول رسول بعثه الله، فيأتون نوحا فيقول: لست هناكم، ويذكر خطيئته التي أصاب فيستحيي ربه منها، ولكن ائتوا إبراهيم الذي اتخذه الله خليلا، فيأتون إبراهيم فيقول: لست هناكم، ويذكر خطيئته التي أصاب، فيستحيي ربه منها، ولكن ائتوا موسى الذي كلمه الله، فيأتون موسى فيقول: لست هناكم، ويذكر خطيئته التي أصاب، فيستحيي ربه، ولكن ائتوا عيسى روح الله وكلمته، فيأتون عيسى فيقول: لست هناكم، ولكن ائتوا محمدا عبدا قد غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فيأتوني فأستأذن على ربي فيأذن لي، فإذا أنا رأيته وقعت له ساجدا، فيدعني ما شاء ثم يقال: يا محمد، ارفع رأسك، قل يسمع، وسل تعطه، واشفع تشفع، فيحد لي حدا فأخرجهم من النار فأدخلهم الجنة، ثم أعود فأقع ساجدا فيدعني ما شاء أن يدعني، ثم يقال لي: «ارفع يا محمد رأسك، قل يسمع، وسل تعطه، واشفع تشفع»، فأرفع رأسي فأحمد ربي بتحميد علمنيه، ثم أشفع، فيحد لي حدا فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة، قال: فلا أدري أقال في الثالثة أم الرابعة، فأقول: يا رب، ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن، أي وجب عليه الخلود " [أخرجه البخاري ومسلم فى صحيحيهما].
أحاديث الشفاعة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
النبي صلى الله عليه وسلم يبتهج ويخبر أمته تعظيم نعمة الله عليه، مما يخصه به يوم القيامة بأن يجعله أول مأذون له بالسجود يوم القيامة، وأخبر أنه إذا قصد إلى الله عز وجل ليشفع لأهل التوحيد خر ساجدا بين يدي الله عز وجل، فلا يزال كذلك حتى يؤمر برفع رأسه، ويجاب إلى ما سأل.
جميع أعمال الصلاة توحيد لله وتعظيم له
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
قال أبو عبد الله: فلا عمل بعد توحيد الله أفضل من الصلاة لله، لأنه افتتحها بالتوحيد والتعظيم لله بالتكبير، ثم الثناء على الله، وهي قراءة فاتحة الكتاب، وهي حمد لله وثناء عليه، وتمجيد له ودعاء، وكذلك التسبيح في الركوع والسجود والتكبيرات عند كل خفض ورفع، كل ذلك توحيد لله وتعظيم له، وختمها بالشهادة له بالتوحيد، ولرسوله بالرسالة، وركوعها وسجودها خشوعا له وتواضعا، ورفع اليدين عند الافتتاح والركوع، ورفع الرأس تعظيما لله وإجلالا له، ووضع اليمين على الشمال بالانتصاب لله تذللا له، وإذعانا بالعبودية.
سجود اهل السماء
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن مسروق بن الأجدع، عن عائشة، رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما في السماء الدنيا موضع قدم إلا عليه ملك ساجد أو قائم، وذلك قول الملائكة {وما منا إلا له مقام معلوم وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون} [الصافات: 165] ".
سجود اهل السماء
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن أبي ذر، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطت السماء وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا» [قال الترمذي حسن غريب وقال الحاكم صحيح الاسناد على شرط الشيخين واقره الذهبي].
سجود اهل السماء
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن حكيم بن حزام، رضي الله عنه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه رضي الله عنهم، إذ قال لهم: «هل تسمعون ما أسمع؟» قالوا: ما نسمع من شيء، قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: «إني لأسمع أطيط السماء وما تلام أن تئط، وما فيها موضع شبر إلا وعليه ملك ساجد أو قائم» [خرجه الالبانى فى الصحيحة وقال: هذا حديث صحيح ورجاله كلهم ثقات].
سجود اهل السماء
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
قال أبو عبد الله رحمه الله: ويروى أن الله تبارك وتعالى إذا نزل إلى السماء الدنيا نادى مناد: ألا نزل الخالق العليم فيسجد أهل السماء، فلا يمر بأهل سماء إلا وهم سجود، وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما منها أربع أصابع إلا عليه ملك ساجد يخبرك أن جميع أهل السموات ليس شيء عندهم أعظم من السجود، إذا علموا أن الله تعالى قد تجلى للسموات اعتصموا بالسجود تعظيما وإجلالا له».
سجدة علي رضي الله عنه عند وجدانه المخدج فى القتلي
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن إبراهيم بن عبد الأعلى، عن طارق بن زياد، قال: خرجنا مع علي إلى الخوارج نقتلهم، ثم قال: اطلبوا، فإن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: «سيخرج قوم يتكلمون بالحق لا يجاوز حلوقهم، سيماهم أن فيهم رجلا أسود مخدج اليد، في يده شعيرات سود، إن كان فيهم فقد قتلتم شر الناس، وإن لم يكن فيهم فقد قتلتم خير الناس» فبكينا، ثم قال: اطلبوا، فطلبنا، فوجدنا المخدج، فخررنا سجودا، وخر علي رضي الله عنه معنا ساجدا ".
سجدة عمر رضي الله عنه عندما بشر بالفتح
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن السري بن يحيى، حدثني الحسن بن أبي الحسن، قال: " قدم على عمر بن الخطاب دهاقين فارس، فخرج على حمار فاستقبلهم، فلما قيل لهم: هذا أمير المؤمنين، نزلوا عن دوابهم وخروا له سجدا، فمضى حتى إذا كان من ورائهم، نزل فخر لله ساجدا ".
سجدة كعب بن مالك عندقبول توبته
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري ثم السلمي، أن أباه عبد الله بن كعب، وكان قائد أبيه كعب حين أصيب بصره، حدثه قال: سمعت أبي كعب بن مالك، يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وحديث صاحبيه قال: " كمل لنا خمسون يوما من حين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا، ثم صليت الصبح صبح خمسين على ظهر بيت من بيوتنا على الحال التي ذكرها الله منا، قد ضاقت علينا الأرض بما رحبت، وضاقت علي نفسي، إذ سمعت صوت صارخ فأوفى على سلع يقول بأعلى صوته: يا كعب بن مالك أبشر، فخررت ساجدا، وعلمت أن قد جاء الفرج، فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت ثوبي فكسوتهما إياه لبشارته، والله ما أملك غيرهما، واستعرت ثوبين فلبستهما " [رواه البخاري ومسلم فى صحيحيهما ورواه الامام احمد].
فزعه صلي الله عليه وسلم عند الشدائد إلي الصلاة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عبد الله بن زيد بن أسلم عن ذلك، فحدثني، عن أبيه زيد بن أسلم أنه حدثه، عن جده أسلم قال: سمعت عمر بن الخطاب، بالمدينة يقول والمسلمون يقاتلون الروم باليرموك، وذكر اهتمامه بحربهم وأمرهم، وقال: " والله إني لأقوم إلى الصلاة لا أدري في أول السورة أنا أم في آخرها، ولأن لا تفتح قرية من الشام أحب إلي من أن يهلك أحد من المسلمين ضيعة، قال أسلم: فبينما أنا ذات يوم مما يلي البنية بالمدينة إذ أشرف منه ركبة من المسلمين، فقام إليهم من يليهم من المسلمين فاستخبروهم فأسمعهم يقولون: أبشروا معشر المسلمين بفتح الله ونصره، قال أسلم: فانطلقت أسعى حتى أتيت عمر بن الخطاب فقلت: أبشر أمير المؤمنين بفتح الله ونصره، فخر عمر ساجدا، قال الوليد: فذاكرت عبد الله بن المبارك سجدة الفتح وحدثته هذا الحديث فقال لي عبد الله: حدثك بهذا عبد الله بن زيد؟ فقلت: نعم، فقال: ما سمعت في سجدة الشكر والفتح بحديث أثبت من هذا، قال الوليد: وأقول: إن أحسن ما سمعت من شكر الإمام بفتح الله ونصره ما كان من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة، وغسله وصلاته في بيت أم هانئ ثمان ركعات، وتواضعه عند دخوله مكة ".
فزعه صلي الله عليه وسلم عند الشدائد إلي الصلاة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن الوليد بن مسلم، قال: سألت مالك بن أنس عن سجدة الإمام، عند قدوم الفتح عليه؟ فلم يعرفها، وسألت أبا عمرو عن ذلك فعرفه، وأخبرني، عن يحيى بن أبي كثير: «أن الله أنعم على رسوله بنعمة فسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم سجدة الشكر».
فزعه صلي الله عليه وسلم عند الشدائد إلي الصلاة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن المغيرة بن شعبة، قال: " لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم فيما يتنفل به من صلاته حتى ترم قدماه، فقيل له: يا رسول الله، لم تجهد نفسك هذا الجهد، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: «أفلا أكون عبدا شكورا» [رواه البخاري].
فزعه صلي الله عليه وسلم عند الشدائد إلي الصلاة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن مسروق، عن عبد الله، قال: " إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماوات [للسماوات] صلصلة كصلصلة السلسلة على الصفوان، فيخرون سجدا، ثم يرفعون رءوسهم فيقولون: {ماذا قال ربكم} [سبأ: 23]؟ فيقال: قال {الحق وهو العلي الكبير} [سبأ: 23] " [اخرجه البخاري تعليقاً].
فزعه صلي الله عليه وسلم عند الشدائد إلي الصلاة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
قال أبو عبد الله: الصلاة مفزع كل مريد عند الشدائد، وعند حوادث عظيم النعم شكرا لله، فإذا لم تمكن الصلاة فالسجود له عند حوادث النعم، وذلك لما عرفهم من عظم قدر الصلاة عنده، حتى إن الملائكة في السماوات السبع إذا رعبوا فأصابهم هول اعتصموا بالسجود.
عمود الدين الصلاة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
قال أبو عبد الله: ولقد ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى بأهله شدة أو ضيقا أمرهم بالصلاة، وتلا هذه الآية {وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك} [طه: 132] وأمر الله عباده أن يأتموا بمحمد صلى الله عليه وسلم، وأمرهم محمد إذا رأوا الآيات التي يخافون فيها العذاب أن يفزعوا إلى الصلاة فقال: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، فإذا انكسفت فافزعوا إلى الصلاة»، وفزع هو إلى الصلاة، ولا نعلم طاعة يدفع الله بها العذاب مثل الصلاة، فصلى عند الكسوف بزيادة في الركوع، وبكى في سجوده، وتضرع.
عمود الدين الصلاة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، قال: " مر إبراهيم وسارة بجبار من الجبابرة، فأخبر الجبار بهما فأرسل إلى إبراهيم فقال: من هذه معك؟ قال: أختي، قال أبو هريرة: ولم يكذب إبراهيم قط إلا ثلاث كذبات، اثنتين في الله، وواحدة في امرأة، قوله: {إني سقيم} [الصافات: 89] وقوله: {بل فعله كبيرهم هذا} [الأنبياء: 63] وقوله للجبار: هذه أختي، فلما خرج من عند الجبار دخل على سارة فقال لها: إن هذا الجبار سألني عنك فأخبرته أنك أختي، فأرسل إليها، فلما أدخلت عليه دعت الله أن يكفه عنها، فضبث بيده، فأخذ أخذة شديدة، فعاهدها: لئن خلي عنه لا يقربها، فدعت الله فخلى عنه، ثم هم بها الثانية فأخذ أخذة شديدة أشد من الأولى، فعاهدها أيضا: لئن خلي عنه لا يقربها، فدعت الله فخلى عنه، ثم هم بها الثالثة، فأخذ أخذة هي أشد من الأولين، فعاهدها لئن خلي عنه لا يقربها، فدعت الله فخلى عنه، فقال للذي أدخلها عليه: أخرجها عني، فإنك أدخلت علي شيطانا، ولم تدخل علي إنسانا، وأخدمها هاجر، فرجعت إلى إبراهيم وهو يصلي ويدعو الله، فقالت: أبشر، فقد كف الله يد الفاجر، وأخدم هاجر، ثم صارت هاجر لإبراهيم بعد، فولدت له إسماعيل، قال أبو هريرة: فتلك أمكم يا بني ماء السماء، كانت أمة لأم إسحاق ".
عمود الدين الصلاة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن صهيب، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى همس، قال: " أفطنتم لذلك، إني ذكرت نبيا من الأنبياء أعطى جنودا من قومه فقال: من يكافئ هؤلاء، أو من يقاتل هؤلاء، أو كلمة شبهها، فأوحى الله إليه أن اختر لقومك إحدى ثلاث: أن أسلط عليهم عدوهم، أو الجوع، أو الموت، فاستشار قومه في ذلك فقالوا: نكل ذلك إليك، أنت نبي الله، فقام فصلى، وكانوا إذا فزعوا فزعوا إلى الصلاة، فقال: يا رب أما الجوع أو العدو فلا، ولكن الموت، فسلط عليهم الموت ثلاثة أيام فمات منهم سبعون ألفا، فهمسي الذي ترون أني أقول: اللهم بك أقاتل، وبك أصاول، ولا حول ولا قوة إلا بك " [صححه الالبانى على شرط الشيخين].
عمود الدين الصلاة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن عبد الله بن شداد، قال: قيل لسليمان صلى الله عليه: إن آية موتك أن ينبت في بيت المقدس شجرة يقال لها الخروبة، فإذا نبت فهو آية موتك، فبينا هو كذلك إذ خرجت شجرة، فقال لها: ما اسمك؟ قالت: أنا الخروبة، فدخل المحراب فقام على عصاه، فقبض وهو على عصاه، فخرجت دابة من الأرض فأكلت عصاه فخر، فـ {تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين} [سبأ: 14] ".
عمود الدين الصلاة
تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزى
عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: " كان سليمان كلما صلى صلاة رأى شجرة نابتة فيقول: ما أنت يا شجرة؟ فتقول: أنا شجرة كذا وكذا لداء كذا وكذا، فيأمر بها فتقطع، ويكتب: شجرة كذا وكذا، لداء كذا وكذا، فصلى ذات يوم فإذا شجرة نابتة فقال لها: ما أنت يا شجرة؟ قالت: أنا الخروبة، قال: لم يكن الله ليخرب هذا المسجد وأنا حي، فتوضأ ولبس ثيابه، وأخذ عصاه، وقام يصلي، فقبض عليها فلبث على عصاه، فدأبوا سنة وهم يحسبون أنه حي، يعني الجن، فأكلتها الأرضة، فشكرت الجن الأرضة، فلا تجدها في مكان إلا وجدت عندها ندى ".