الزواجر عن اقتراف الكبائر - 9
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
قال العلماء رضي الله عنهم: ويدخل في هذا الباب المكاس والخائن والسارق والبطاط وآكل الربا وموكله وآكل مال اليتيم وشاهد الزور، ومن استعار شيئا فجحده، وآكل الرشوة، ومنتقص الكيل والوزن، ومن باع شيئا فيه عيب فغطاه، والمقامر والساحر والمنجم والمصور والزانية والنائحة والدلال إذا أخذ أجرته بغير إذن البائع، ومخبر المشتري بالزائد، ومن باع حرا فأكل ثمنه.
الْكَبِيرَةُ السَّابِعَةُ وَالثَّمَانُونَ
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
أكل المال بالبيوعات الفاسدة وسائر وجوه الأكساب المحرمة) قال الله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } واختلفوا في المراد به، فقيل الربا والقمار والغصب والسرقة والخيانة وشهادة الزور وأخذ المال باليمين الكاذبة.
الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةُ وَالثَّمَانُونَ
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
الحيل في الربا وغيره عند من قال بتحريمها) قال بعضهم: ورد أن أكلة الربا يحشرون في صورة الكلاب والخنازير من أجل حيلهم على أكل الربا كما مسخ أصحاب السبت حين تحيلوا على اصطياد الحيتان التي نهاهم الله عن اصطيادها يوم السبت، فحفروا لها حياضا تقع فيها يوم السبت حتى يأخذوها يوم الأحد فلما فعلوا ذلك مسخهم الله قردة وخنازير، وهكذا الذين يتحيلون على الربا بأنواع الحيل فإن الله تعالى لا يخفى عليه حيل المحتالين.
الْكَبِيرَةُ التَّاسِعَةُ وَالسَّبْعُونَ وَالثَّمَانُونَ وَالْحَادِيَةُ وَالثَّمَانُونَ , وَالثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ وَالثَّمَانُونَ
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
الربا لغة الزيادة وشرعا عقد على عوض مخصوص غير معلوم التماثل في معيار الشرع حالة العقد أو مع تأخير في البدلين أو أحدهما وهو ثلاثة أنواع: ربا الفضل: وهو البيع مع زيادة أحد العوضين المتفقي الجنس على الآخر. وربا اليد: وهو البيع مع تأخير قبضهما أو قبض أحدهما عن التفرق من المجلس أو التخاير فيه بشرط اتحادهما علة بأن يكون كل منهما مطعوما أو كل منهما نقدا وإن اختلف الجنس. وربا النساء: وهو البيع للمطعومين أو للنقدين المتفقي الجنس أو المختلفية لأجل ولو لحظة وإن استويا وتقابضا في المجلس. فالأول: كبيع صاع بر بدون صاع بر أو بأكثر أو درهم فضة بدون درهم فضة أو بأكثر سواء أتقابضا أم لا، وسواء أجلا أم لا. والثاني: كبيع صاع بر بصاع بر، أو درهم ذهب بدرهم ذهب، أو صاع بر بصاع شعير أو أكثر، أو درهم ذهب بدرهم فضة أو أكثر، لكن تأخر قبض أحدهما عن المجلس أو التخاير. الثالث: كبيع صاع بر بصاع بر أو درهم فضة بدرهم فضة، لكن مع تأجيل أحدهما ولو إلى لحظة وإن تساويا وتقابضا في المجلس.
الْكَبِيرَةُ التَّاسِعَةُ وَالسَّبْعُونَ وَالثَّمَانُونَ وَالْحَادِيَةُ وَالثَّمَانُونَ , وَالثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ وَالثَّمَانُونَ
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
أكل الربا وإطعامه وكتابته وشهادته والسعي فيه والإعانة عليه) قال الله تعالى: { الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم }.
الْكَبِيرَةُ الثَّامِنَةُ وَالسَّبْعُونَ
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
بيع الحر أخرج البخاري وابن ماجه وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { قال الله تعالى: ثلاث أنا خصمهم يوم القيامة، ومن كنت خصمه خصمته: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا ثم أكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره }.
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
الحيوان إما يضر ولا ينفع كحية وعقرب وفأرة وحدأة وكلب عقور وغراب غير زاغ وذئب وأسد ونمر وسائر السباع ودب ونسر وعقاب وبرغوث ونمل صغير ووزغ وسام أبرص وبق وزنبور، فهذه كلها ونحوها يسن قتلها ولو لمحرم في الحرم. وأما ما ينفع ويضر كفهد وصقر وباز فلا يسن قتله لنفعه ولا يكره لضره. وأما ما لا ينفع ولا يضر كخنفساء وجعل وسرطان ورخمة فيكره قتله.
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
ذكر أصحابنا أنه يحرم أكل طاهر مضر بالبدن كالطين والسم كالأفيون إلا القليل من ذلك لحاجة التداوي مع غلبة السلامة أو بالعقل كنبات مسكر غير مطرب، وله التداوي به وإن أسكر إن تعين بأن قال له طبيبان عدلان لا ينفع علتك غيره، ولو شك في نبات هل هو سم أم غيره أو في نحو لبن هل هو مأكول أو غيره حرم عليه تناوله، ولو وقع نحو ذباب في نحو طبيخ وتهرئ فيه حل أكله أو نحو طائر أو جزء آدمي لم يحل وإن تهرئ، ولو وجد نجاسة في طعام طرأ عليه الجمود وشك هل وقعت فيه مائعا أو جامدا حل تناوله لأن الأصل طهارته مع أنه يحتمل أن وقوعها فيه جامدا فينزعها وما حولها فقط، وإن غلب على ظنه أنها وقعت فيه مائعا.
الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةُ وَالسَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ وَالسَّبْعُونَ
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
تناول النجس والمستقذر والمضر وعد هذه الثلاثة هو ما صرح به بعض المتأخرين ويستدل في الأولى بأن ما ذكر فيها هو قياس ما مر في الميتة لأنها لم تحرم لضررها بل لنجاستها كما صرحوا به، وإذا حرمت لنجاستها وقد سماها الله تعالى فسقا فيلحق بها في ذلك كل نجاسة غير معفو عنها
الْكَبِيرَةُ الرَّابِعَةُ وَالسَّبْعُونَ
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
إحراق الحيوان بالنار للحديث الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال: { إني كنت أمرتكم أن تحرقوا فلانا وفلانا بالنار وإن النار لا يعذب بها إلا الله، فإن وجدتموهما فاقتلوهما }. قال ابن مسعود رضي الله عنه: { رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قرية نمل - أي مكانه - قد حرقناها، فقال: من حرق هذه؟ قلنا: نحن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا ربها }.
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
معنى قوله تعالى: { وأن تستقسموا بالأزلام } النهي عما كان تفعله الجاهلية من أن من أراد منهم حاجة أي حاجة كانت جاء إلى سادن الكعبة، وكان عنده سبعة أقداح مستوية من شوحط وسميت بالأزلام لأنها زلمت: أي سويت، وكان مكتوبا على واحد منها نعم وآخر لا وآخر منكم وآخر من غيركم: أي التزوج، وآخر ملصق أي النسب وآخر عقل: أي دية وآخر لا شيء عليه، فإذا أرادوا أمرا أو اختلفوا في نسب أو تحمل دية جاءوا إلى هبل أعظم أصنامهم بمائة درهم، وجزور لصاحب القداح حتى يجيلها لهم، ويقولون يا آلهتنا إنا أردنا كذا وكذا، فما خرج فعلوا بقضيته، فنهى الله عن ذلك وحرمه، وقال { ذلكم فسق }
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
(وما ذبح على النصب): قيل هي الحجارة كانوا يذبحون عليها فعلى حينئذ واضحة، وقيل هي الأصنام، تنصب لتعبد فعلى بمعنى اللام أي لأجلها، والتقدير وما ذبح على اعتقاد تعظيمها. قال مجاهد وقتادة وابن جريج: { كان حول الكعبة ثلاثمائة وستون حجرا منصوبة يعبدها أهل الجاهلية ويعظمونها ويذبحون لها وليست بأصنام إنما الأصنام هي الصورة المنقوشة وكانوا يلطخونها بتلك الأدمية ويضعون اللحم عليها، فقال المسلمون يا رسول الله كان أهل الجاهلية يعظمون البيت بالدم فنحن أحق أن نعظمه، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل قوله تعالى: { لن ينال الله لحومها ولا دماؤها }.
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
(والنطيحة): التي نطحتها أخرى فهي ميتة لفقد سيلان الدم ودخلت الهاء في هذه الكلمات لأنها أوصاف للشاة وخص بالذكر لأنها من أعم ما يؤكل، والكلام قد يخرج على الأعم الأغلب والمراد به الكل. نعم كان من حق النطيحة أن لا تدخلها هاء لأن فعيلا يستوي فيه المذكر والمؤنث إلا أنها لما جرت مجرى الأسماء خرجت عن قياس فعيل.
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
(والمتردية): من تردى أي سقط من علو فإذا سقطت من علو كجبل أو شجرة على أرض أو في بئر فماتت حرمت، وإن أصابها سهم لأنها في الأول لم تزل حياتها بمحدد يجرح ويسيل بسببه دمها، وفي الثاني شارك المحدد غيره فآثر غيره الحرمة لأن شرط الحل كما مر إزالة الحياة بمحض محدد يجرح.
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
(والمنخنقة): وهي التي تموت خنقا بأن يحبس نفسها بفعل آدمي أو غيره إلى أن تموت وكانت الجاهلية يخنقون الحيوان فإذا مات أكلوه. (والموقوذة): من وقذه النعاس أي غلبه وكأن المادة دالة على سكون واسترخاء ; فالموقوذة هي التي وقذت أي ضربت حتى استرخت وماتت، ومنها المقتولة بالبندق فهي في معنى الميتة. والمنخنقة لأنها ماتت ولم يسل دمها.
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
قال العلماء لو ذبح مسلم ذبيحة وقصد بذبحها التقرب بها إلى غير الله تعالى صار مرتدا وذبيحته ذبيحة مرتد، نعم ذبائح أهل الكتاب تحل لقوله تعالى: { وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم } نعم إن ذبحوها باسم المسيح لم تحل عند الأئمة الأربعة وغيرهم. وقال جمع تحل مطلقا. ورد بأن { وما أهل لغير الله به } خاص فيقدم على عموم { وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم } ونقل ابن عطية عن بعضهم أنه استفتى في امرأة مترفة نحرت جزورا للعبها فأفتى بأنه لا يحل أكلها لأنها ذبحت لصنم.
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
{ وما أهل لغير الله به }: أي ذبح على اسم الصنم، إذ الإهلال رفع الصوت ومنه فلان أهل بالحج إذا لبى واستهل الصبي إذا صرخ حين ولادته، والهلال لأنه يصرخ عند رؤيته وكانوا يقولون عند الذبح باسم اللات والعزى فحرم عليهم. فمعنى { وما أهل لغير الله به } وما ذبح للطواغيت والأصنام قاله جمع، وقال آخرون: يعني ما ذكر عليه غير اسم الله. قال الفخر الرازي وهذا القول أولى لأنه أشد مطابقة للفظ الآية.
الْكَبِيرَةُ الْحَادِيَةُ وَالثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَالسَّبْعُونَ
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
المسفوح أو لحم الخنزير أو الميتة وما ألحق بها في غير مخمصة) قال تعالى: { حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق } وقال جل ذكره: { قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس }
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
الحشيشة قد تذاب وتشرب وإنما لم يذكرها السلف لأنها لم تكن في زمنهم، وقد قيل فيها: فآكلها وزاعمها حلالا فتلك على الشقي مصيبتان فوالله ما فرح إبليس بمثل فرحه بالحشيشة لأنه زينها للأنفس الخسيسة فاستحلوها واسترخصوها وقالوا فيها: قل لمن يأكل الحشيشة عشت في أكلها بأقبح عيشه قيمة العقل بدرة فلماذا يا أخا الجهل بعته بحشيشه هذا كلام الذهبي، وما ذكره من النجاسة والحد ضعيف كما مر.
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: { يا رسول الله أفتنا في شرابين كنا نصنعهما باليمن البتع وهو من الذرة والشعير ينبذ حتى يشتد والمزر وهو الذرة والشعير ينبذ حتى يشتد قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أعطي جوامع الكلم بخواتيمه، فقال صلى الله عليه وسلم كل مسكر حرام }. { قال صلى الله عليه وسلم: ما أسكر كثيره فقليله حرام }.
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
توقف بعض العلماء المتأخرين على الحد في الحشيشة ورأى أن فيها التعزير لأنها تغير العقل من غير طرب كالبنج وأنه لم يجد للعلماء المتقدمين فيها كلاما وليس كذلك، بل آكلوها يحصل لهم نشوة واشتهاء كشرب الخمر وأكثر حتى إنهم لا يصبرون عنها وتصدهم عن ذكر الله وعن الصلاة، ولكونها جامدة مطعومة تنازع العلماء في نجاستها على ثلاثة أقوال في مذهب أحمد وغيره. فقيل: هي نجسة كالخمر المشروبة وهذا هو الاعتبار الصحيح، وقيل: لا لجمودها، وقيل: يفرق بين جامدها ومائعها، وبكل حال فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله من الخمر المسكر لفظا ومعنى