7. فوائد من كتاب بهجة المجالس
حكمــــــة
عن ابن عباس أنه قال:أحبب في الله،وأبغض في الله،وعاد في الله،فإنه لا تنال موالاة الله إلا بذلك،ولن يجد عبدٌ طعم الإيمان ولو كثرت صلاته وصومه حتى يكون كذلك. قال:ولقد صارت عامة مؤاخاه الناس على أمر الدنيا،وذلك لا يجدي علىأهله،ثم قرأ ابن عباس: " الأخلاّء يومئذ بعضهم لبعض عدوٌ إلا المتقين "،وقرأ: " لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حادٌ الله ورسوله " ألآية.
حكمــــــة
قال مطرّف بن مازن،قاضي اليمن: قال لي الرشيد يوماً: من عبد الرزاق ابن همام الصنعاني؟ فقلت: رجل من أهل الحديث، سليم الحديث ثقة. فقال: إن صاحب خبرنا في اليمن كتب يذكر أنه كتب ثقلاء اليمن، فقلت: صدق يا أمير المؤمنين فكتبني فيهم. قال: ولم كتبك فيهم؟ إنك لحسن الحديث خفيف المجلس، فما أستثقل منك؟ قلت: عظم قلنسوتي، وطول عنقي بغلتي. فضحك هارون، فما خرجت من عنده حتى أمر لي بكسوة وحملان.
حكمــــــة
قيل لمحمد بن كعب القرظي: إن عمر بن عبد العزيز سئل عن ابتداء أهل الذمة بالسلام فقال ترد عليهم ولا تبدؤهم. فقال محمد بن كعب: أما أنا فلا أرى بأساً أن تبدأهم بالسلام، قيل له: لم؟ فقال: لقوله عز وجل: " فاصفح عنهم وقل سلام ". ومن حجة من ذهب إلى هذا قوله عز وجل: " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ". وذهب جماعة من العلماء إلى مثل ما ذهب إليه عمر بن عبد العزيز في ذلك.
حكمــــــة
سأل معاوية بن أبي سفيان الأحنف بن قيس عن الولد،فقال: يا أميرالمؤمنين أولادنا ثمار قلوبنا، وعماد ظهورنا، ونحن لهم أرض ذليلة، وسماء ظليلة، وبهم نصول عند كل جليلة، فإن طلبوا فأعطهم، وإن غضبوا فأرضهم، يمنحوك ودهم، ويحبّوك جهدهم، ولا تكن عليهم قفلا فيتمنّوا موتك ويكرهوا قربك ويملوا حياتك. فقال له معاوية: لله أنت !لقد دخلت علىّ وإني لمملوء غيظا على يزيد ولقد أصلحت من قلبي له ما كان فسد. فلما خرج الأحنف من عند معاوية بعث معاوية إلى يزيد بمائتي ألف درهم، فبعث يزيد إلى الأحنف بنصفها.
حكمــــــة
عن نفطويه، قال: تضيّف صديقٌ لي من أهل الأدب إلى إمرأة من أهل البصرة، فتعرض لها، فقالت: أيها الرجل مالك حظ في غيرة الرجال على الحرم، فيكون ذلك زاجراً لك عن التعرض لحرم غيرك، إن لم يكن لك ناه من دين؟ أما علمت أن الأمور إلى أواخرها تؤول إلى أوائلها، وإن من عوّد نفسه الرفث والخنا كان كمن اتخذ المزابل مجلساً، وقلما مجن رجل إلا هلك.
حكمــــــة
وجد في صحيفةٍ لبعض أهل الهند: العشق ارتياحٌ جعل في الروح، وهو معنى تنتجه النجوم بمطارح شعاعها، وتتولد الطوالع بوصلة أشكالها، وتقبله النفوس بلطيف خواطرها، وهو بعد جلاء للقلوب، وصقيل للأذهان ما لم يفرط، فإن أفرط عاد سقما قاتلا، ومرضا منهكا، لا تنفد فيه الآراء، ولا تنجع فيه الحيل، العلاج منه زيادة فيه.
حكمــــــة
حضر عند المأمون يوماً يحيى بن أكثم، وثمامة بن أشرس، فقال المأمون ليحيى: خبرني عن حد العشق فقال: يا أمير المؤمنين سوانح تسنح للعاشق يؤثرها ويهيم بها تسمى عشقا. فقال ثمامة: اسكت يا يحيى، فإنما عليك أن تجيب في مسألة من الفقه، وهذه صناعتنا. فقال المأمون: أجب يا ثمامة. فقال: يا أمير المؤمنين إذا تقادحت جواهر النفوس المتقاطعة بوصل المشاكلة أثقبت لمحنورٍ ساطع تستضيء به بواطن العقل فتهتز لإشراقه طبائع الحياة، ويتصور من ذلك اللمح نور حاضر بالنفس متصل بجوهرها فيسمى عشقا.