فوائد من كتاب الزهد الجزء الرابع
عن سري بن المغلس قال: سمعت الفضيل يقول من خاف الله لم يضره أحد ومن خاف غير الله لم ينفعه أحد.
عن الفضيل قال: ترك العمل من أجل الناس رياء والعمل من أجل الناس شرك والإخلاص أن يعافيك الله عنهما.
عن الفضيل قال: لو حلفت أني مراء كان أحب الي من أن أحلف أن ليست بمراء ولو رأيت رجلا اجتمع لناس حوله لقلت هذا مجنون من الذي اجتمع الناس حوله لا يحب أن يجود كلامه لهم.
عن الفضيل بن عياض قال: إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار فاعلم أنك محروم مكبل كبلتك خطيئتك.
عن الفضيل قال: بلغني أن العلماء فيما مضى كانوا إذا تعلموا عملوا وإذا عملوا شغلوا وإذا شغلوا فقدوا وإذا فقدوا طلبوا فإذا طلبوا هربوا.
عن الفضيل بن عياض قال: يا مسكين أنت مسيء وترى أنك محسن وأنت جاهل وترى أنك عالم وتبخل وترى أنك كريم وأحمق وترى أنك عاقل أجلك قصير وأملك طويل.
عن ابن المبارك قال: أهل الدنيا خرجوا من الدنيا قبل أن يتطعموا أطيب ما فيهما، قيل له: وما أطيب ما فيها؟ قال: المعرفة بالله عز وجل.
عن ابن المبارك قال: من بخل بالعلم ابتلى بثلاث، إما موت فيذهب علمه، وإما ينسى، وإما يصحب فيذهب علمه.
عن عبد الله بن المبارك قال: لو أن رجلاً اتقى مائة شيء ولم يتورع عن شيء واحد لم يكن ورعاً، ومن كان فيه خلة من الجهل كان من الجاهلين، أما سمعت الله تعالى قال لنوح عليه السلام: (وَنَادَى نُوحٌ رّبّهُ فَقَالَ إِنّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي) [هود:45]. فقال الله: (إِنّيَ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ) هود: 46]
عن شقيق البلخي قال: قيل لابن المبارك: إذا صليت معنا لم لا تجلس معنا: قال: أذهب مع الصحابة والتابعين، قلنا له: ومن أين الصحابة والتابعون؟ قال: أذهب أنظر في علمي فأدرك آثارهم وأعماللهم فما أصنع معكم؟ أنتم تغتابون الناس، فإذا كان سنة ثمانين فالبعد من كثير من الناس أقرب إلى الله، وفر من الناس كفرارك من الأسد، وتمسك بدينك يسلم الله لك مجهودك.
عن علي بن الحسن بن شقيق قال سألت ابن المبارك كيف ينبغي لنا أن نعرف ربنا قال على السماء السابعة على عرشه ولا نقول كما تقول الجهمية إنه ها هنا في الأرض.
عن الفضيل بن عياض قال: قال ابن المبارك: أكثركم علماً ينبغي أن يكون أشدكم خوفاً، وقال لي ابن المبارك: استعد للموت ولما بعد الموت، قال الفضيل: فشهق علي شهقة فلم يزل مغشياً عليه عامة الليل.
عن نعيم بن حماد قال: كان ابن المبارك إذا قرأ كتاب الرقاق يصير كأنه ثور منحور أو بقرة منحورة من البكاء لايجترئ أحد منا أن يسأله عن شيء إلا دفعه.
عن علي بن الفضيل قال: سمعت أبي يقول لابن المبارك أنت تأمرنا بالزهد والتقلل والبلغة ونراك تأتي بالبضائع كيف ذا قال يا أبا علي إنما أفعل ذا لأصون وجهي وأكرم عرضي وأستعين به على طاعة ربي قال يا ابن المبارك ما أحسن ذا إن تم ذا.
عن ابن المبارك: قال إذا غلبت محاسن الرجل على مساوئه لم تذكر المساوئ وإذا غلبت المساوئ عن المحاسن لم تذكر المحاسن.
عن حبيب الجلاب قال: سألت ابن المبارك ما خير ما أعطي الإنسان؟ قال غريزة عقل، قلت فإن لم يكن؟ قال حسن أدب، قلت فإن لم يكن؟ قال أخ شفيق يستشيره، قلت فإن لم يكن؟ قال صمت طويل قلت فإن لم يكن؟ قال موت عاجل. غريزة عقل: أي يكون عنده عقل
عن ابن المبارك قال إن البصراء لا يأمنون من أربع: ذنب قد مضى لا يدري ما يصنع فيه الرب عز وجل وعمر قد بقي لا يدري ما فيه من الهلكة وفضل قد أعطي العبد لعله مكر واستدراج وضلالة قد زينت يراها هدى وزيغ قلب ساعة فقد يسلب المرء دينه ولا يشعر.
عن أبو وهب المروزي قال: سألت ابن المبارك ما الكبر قال أن تزدري الناس فسألته عن العجب قال أن ترى أن عندك شيئا ليس عند غيرك لا أعلم في المصلين شيئا شرا من العجب.
عن أبي أمية الأسود قال سمعت ابن المبارك يقول أحب الصالحين ولست منهم وأبغض الطالحين وأنا شر منهم
عن نوفل قال رأيت ابن المبارك في النوم فقلت ما فعل الله بك قال غفر لي برحلتي في الحديث عليك بالقرآن عليك بالقرآن.
عن إبراهيم بن أدهم: الزهد ثلاثة أصناف، فزهد فرض، وزهد فضل، وزهد سلامة، فالفرض الزهد في الحرام، والفضل الزهد في الحلال، والسلامة الزهد في الشبهات.
عن إبراهيم بن بشار، قال: سمعت إبراهيم بن أدهم يقول: الهوى يردى وخوف الله يشفي، واعلم أن ما يزيل عن قلبك هواك إذا خفت من تعلم أنه يراك.
عن إبراهيم بن بشار، قال: سمعت إبراهيم بن أدهم يقول: أشد الجهاد جهاد الهوى، من منع نفسه هواها فقد استراح من الدنيا وبلائها، وكان محفوظا ومعافى من أذاها.
عن إبراهيم بن بشار قال: اجتمعنا ذات يوم في مسجد فما منا أحد إلا تكلم، إلا إبراهيم بن أدهم فإنه ساكت، فقلت: لم لا تتكلم؟ فقال: الكلام يظهر حمق الأحمق، وعقل العاقل، فقلت: لا نتكلم إذا كان هكذا الكلام، فقال: إذا اغتممت بالسكوت فتذكر سلامتك من زلل اللسان.
عن إبراهيم بن أدهم، قال: مَنَّ الله عليكم بالإسلام فأخرجكم من الشقاء إلى السعادة، ومن الشدة إلى الرخاء، ومن الظلمات إلى الضياء، فشبتم نعمه عليكم بالكفران، وَمَررْتُم بالخطأ حلاوة الإيمان، وزهدتم بالذنوب عرى الإيمان، وهدمتم الطاعة بالعصيان، وإنما تمرون بمراصد الآفات، وتمضون على جسور الهلكات، وتبنون على قناطر الزلات، وتحصنون بمحاصن الشبهات، فبالله تغترون، وعليه تجترئون، ولأنفسكم تخدعون، و لله لا تراقبون، فإنا لله وأنا إليه راجعون.
عن إبراهيم بن أدهم: إنما زهد الزاهدون في الدنيا اتقاء أن يشاركوا الحمقى والجهال في جهلهم.
عن إبراهيم بن أدهم، قال: أن الله تعالى بالمسافر لرحيم، وأن الله تعالى لينظر إلى المسافر كل يوم نظرات، وأقرب ما يكون المسافر من ربه إذا فارق أهله.
عن إبراهيم بن أدهم، قال: أول ما كلم الله تعالى آدم عليه السلام قال: أوصيك بأربع، أن لقيتني بهذه أدخلتك الجنة، ومن لقيني بهذه من ولدك أدخلته الجنة، واحدة لي، وواحدة لك، وواحدة بيني وبينك، وواحدة بيني وبينك وبين الناس. فأما التي لي فتعبدني لا تشرك بي شيئا، وأما التي لك فما عملت من عمل وفيتك إياه، وأما التي بيني وبينك فمنك الدعاء ومني الأجابة، وأما التي بيني وبينك وبين الناس فما كرهت لنفسك فلا تأته إلى غيرك.
عن إبراهيم ابن أدهم، قال: كان يقال ليس شيء أشد على إبليس من العالم الحليم، إن تكلم تكلم بعلم، وإن سكت سكت بحلم.
عن إبراهيم بن أدهم قال: لقيت عابداً من العباد قيل أنه لا ينام الليل، فقلت له: لم لا تنام؟ فقال لي: منعتني عجائب القرآن أن أنام.
عن إبراهيم بن أدهم قال: والله ما الحياة بثقة فيرجى يومها، ولا المنية تغدر فيؤمن غدرها، ففيم التفريط والتقصير والاتكال والتأخير والأبياء؟ وأمر الله جد.
عن إبراهيم بن أدهم قال: على القلب ثلاثة أغطية، الفرح والحزن والسرور، فإذا فرحت بالموجود فأنت حريص، والحريص محروم، وإذا حزنت على المفقود فأنت ساخط، والساخط معذب، وإذا سررت بالمدح فأنت معجب، والعجب يحبط العمل. ودليل ذلك كله قوله تعالى: (لّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَىَ مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ آتَاكُمْ وَاللّهُ لاَ يُحِبّ كُلّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) [الحديد: 23]
عن إبراهيم بن أدهم قال: خالفتم الله فيما أنذر وحذر، وعصيتموه فيما نهى وأمر، وكذبتموه فيما وعد وبشر وكفرتموه فيما أنعم وقدر، وإنما تحصدون ما تزرعون، وتجنون ما تغرسون، وتكافئون بما تفعلون، وتجزون بما تعملون، فاعلموا إن كنتم تعقلون، وانتهوا من وسن رقدتكم لعلكم تفلحون
قال إبراهيم بن أدهم : قلة الحرص والطمع تورث الصدق والورع، وكثرة الحرص والطمع تورث كثرة الغم والجزع.
عن إبراهيم بن أدهم أنه قال ذات يوم: لو أن العباد علموا حب الله عز وجل لقل مطعمهم ومشربهم وملبسهم وحرصهم، وذلك أن ملائكة الله أحبوا الله فاشتغلوا بعبادته عن غيره، حتى أن منهم قائماً وراكعاً وساجداً منذ خلق الله تعالى الدنيا ما التفت إلى من عن يمينه وشماله، اشتغالاً بالله عز وجل وبخدمته.
عن إبراهيم بن أدهم في قوله تعالى: (فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لّنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذُنِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) [فاطر: 32] قال: السابق مضروب بسوط المحبة، مقتول بسيف الشوق، مضطجع على باب الكرامة، والمقتصد مضروب بسوط الندامة، مقتول بسيف الحسرة مضطجع على باب العفو، والظالم لنفسه مضروب بسوط الغفلة، مقتول بسيف الأمل مضطجع على باب العقوبة.
عن إبراهيم بن أدهم قال: من أراد التوبة فليخرج من المظالم وليدع مخالطة الناس وإلا لم ينل ما يريد.
عن مكي بن إبراهيم قال قيل لابن أدهم ما تبلغ من كرامة المؤمن قال أن يقول للجبل تحرك فيتحرك قال فتحرك الجبل.
عن إبراهيم بن بشار قال: سمعت إبراهيم بن أدهم يقول وأي دين لو كان له رجال من طلب العلم لله كان الخمول أحب إليه من التطاول والله ما الحياة بثقة فيرجى نومها ولا المنية بعذر فيؤمن عذرها ففيم التفريط والتقصير والاتكال والإبطاء قد رضينا من أعمالنا بالمعاني ومن طلب التوبة بالتواني ومن العيش الباقي بالعيش الفاني.
عن إبراهيم بن بشار، قال: سمعت إبراهيم بن أدهم يقول: ذهب السخاء والكرم والجود والمواساة فمن لم يواس الناس بماله وطعامه وشرابه فليواسهم ببسط الوجه والخلق الحسن
عن الشافعي قال: ما كابرني أحد على الحق ودافع إلا سقط من عيني ولا قبله إلا هبته واعتقدت مودته.
عن الشافعي قال: طالب العلم يحتاج إلى ثلاث خصال، إحداها حسن ذات اليد، والثانية طول العمر، والثالثة يكون له ذكاء.
عن الشافعي، قال: كفى بالعلم فضيلة أن يدعيه من ليس فيه، ويفرح إذا نسب إليه، وكفى بالجهل شيئاً أن يتبرأ منه من هو فيه ويغضب إذا نسب إليه.
عن الشافعي أصل العلم التثبيت وثمرته السلامة وأصل الورع القناعة وثمرته الراحة وأصل الصبر الحزم وثمرته الظفر وأصل العمل التوفيق وثمرته النجاح وغاية كل أمر الصدق.
عن الشافعي قال: العالم يسأل عما يعلم وعما لا يعلم فيثبت ما يعلم ويتعلم ما لا يعلم والجاهل يغضب من التعلم ويأنف من التعليم.
عن الشافعي قال: العلم علمان علم الدين وهو الفقه وعلم الدنيا وهو الطب وما سواه من الشعر وغيره فعناء وعبث.
عن يونس بن عبد الأعلى يقول: كان الشافعي يكلمنا بقدر ما نفهم عنه، ولو كلمنا بحسب فهمه ما عقلنا عنه.
عن الشافعي قال: من زعم أنه يرى الجن أبطلنا شهادته: يقول الله عز وجل في كتابه: (إِنّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ) [الأعراف: 27]
عن الشافعي يقول: لأن يبتلى المرء بكل ما نهى الله عنه ما عدا الشرك به، خير من النظر في الكلام، فإني والله اطلعت من أهل الكلام على شيء ما ظننته قط.
عن الربيع قال: قال الشافعي يا ربيع اقبل مني ثلاثة لا تخوضن في أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإن خصمك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غدا ولا تشتغل بالكلام فإني قد اطلعت من أهل الكلام على التعطيل وزاد المزني ولا تشتغل بالنجوم.
عن البويطي قال: سألت الشافعي أصلي خلف الرافضي؟ قال: لا تصل خلف الرافضي ولا القدري ولا المرجئ قلت صفهم لنا؟ قال من قال الإيمان قول فهو مرجئ ومن قال إن أبا بكر وعمر ليسا بإمامين فهو رافضي ومن جعل المشيئة إلى نفسه فهو قدري.
عن الشافعي قال: ما ناظرت أحداً قط إلا أحببت أن يوفق ويسدد ويعان، ويكون عليه رعاية من الله وحفظه. وما ناظرت أحداً إلا ولم أبال بين الله الحق على لساني أو لسانه.
عن المروذي قال قلت لأحمد كيف أصبحت؟ قال كيف أصبح من ربه يطالبه بأداء الفرائض ونبيه يطالبه بأداء السنة والملكان يطالبانه بتصحيح العمل ونفسه تطالبه بهواها وإبليس يطالبه بالفحشاء وملك الموت يراقب قبض روحه وعياله يطالبونه بالنفقة.