ما جاء في حماية المصطفى جناب التوحيد وسده كل طريق يوصل إلى الشرك
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
قول الله تعالى: ﴿ لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ﴾.التوبة (28)
----------------
المعنى الإجمالي: قال ابن كثير: ” يقول الله تعالى ممتناً على المؤمنين بما أرسل إليهم رسولاً من أنفسهم، أي من جنسهم وعلى لغتهم، كما قال إبراهيم: ﴿ ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم ﴾. ﴿ لقد جاءكم رسول من أنفسكم ﴾ أي منكم. ﴿ عزيز عليه ما عنتم ﴾ أي يعز عليه الشيء الذي يعنت أمته، ويشق عليها، ولهذا جاء في الحديث المروي من طرق عنه أنه قال: (بُعثت بالحنفية السمحة) وفي الصحيح: (إن هذا الدين يسر) وشريعته كلها سمحة سهلة كاملة، يسيرة على من يسرها الله عليه. ﴿ حريص عليكم ﴾ أي على هدايتكم ووصول النفع الدنيوي والأخروي إليكم. ﴿ بالمؤمنين ﴾ لا بغيرهم. ﴿ رؤوف ﴾ أي بليغ الشفقة، قال أبو عبيدة: ” الرأفة أرق من الرحمة “. ﴿ رحيم ﴾ أي بليغ الرحمة، كما هو اللائق بشريف منصبه وعظيم خلقه.
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: (لا تجعلوا بيوتكم قبوراً، ولا تجعلوا قبري عيداً، وصلّوا عليّ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم). رواه أبو داود (2042)
----------------
(لا تجعلوا بيوتكم قبوراً) وفي الصحيحين عن ابن عمر مرفوعاً: (اجعلوا من صــلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبوراً). قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله (المجموع الثمين 2/116): ” اختلف في المعنى المراد من قوله: (لا تجعلوا بيوتكم قبوراً) على قولين: القول الأول: أن المعنى لا تدفنوا فيها موتاكم، وهذا ظاهر اللفظ ولكنه أُورد على ذلك دفن النبي في بيته، وأجيب بأنه من خصائصه. القول الثاني: أنه لا تجعلوا البيوت مثل المقابر لا تصلون فيها، لأن من المتقرر عندهم أن المقابر لا يصلى فيها. وكلا المعنيين صحيــح “. أ. ﻫ ويؤيد الثاني الحديث السابق: (اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم...). قال شيخ الإسلام: ” أي لا تعطلوها من الصلاة فيها والدعاء والقراءة، فتكون بمنزلة القبور، فأمر بتحري العبادة في البيوت، ونهى عن تحرِّيها عند القبور، عكس ما يفعله المشركون من النصارى ومن تشبه بهم من هذه الأمة “ (ولا تجعلوا قبري عيداً) قال شيخ الإسلام: ” العيد اسم لما يعود من الاجتماع العام على وجه معتاد، عائداً إما بعود السنة، أو بعود الأسبوع، أو الشهر، أو نحو ذلك “. ومعنى الحديث: النهي عن زيارة قبره على وجه مخصوص، في زمان مخصوص، وذلك يدل على المنع في جميع القبور، لأن قبر رسول الله أفضل قبر على وجه الأرض، وقد نهى عن اتخاذه عيداً، فقبر غيره أولى بالنهي كائناً من كان.
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
وعن علي بن الحسين: (أنه رأى رجلاً يجيء إلى فرجةٍ كانت عند قبر النبي فيدخل فيها فيدعو، فنهاه وقال: ألا أحثكم حديثاً سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله قال: لا تتخذوا قبري عيداً، ولا بيوتكم قبوراً، فإن تسليمكم يبلغني أين كنتم). رواه الضياء في المختارة (428) وأبو يعلى (469)
----------------
(عن علي بن الحسين) أي ابن علي بن أبي طالب، المعروف بزين العابدين، وهو أفضل التابعين من أهل بيته وأعلمهم، مات سنة 93 ﻫ على الصحيح. (يجيء إلى فرجة) بضم الفاء وسكون الراء، واحدة الفُرج وهي الكوة في الجدار والخوخة ونحوهما. (فيدخل فيها فيدعو...) وهذا يدل على النهي عن قصد القبور والمشاهد لأجل الدعاء والصلاة عندها، لأن ذلك من اتخاذها عيداً، كما فهمه علي بن الحسين من الحديث، فنهى ذلك الرجل عن المجيء إلى قبر النبي للدعاء عنده، فكيف بقبر غيره؟