لا يشكو أحد من الرياء إلا وهو قليل العبادة في الخفاء.

السرائر ميزان الظواهر، فمن صلحت سريرته صلح عمله، ومن فسدت سريرتُه لا يظهر خيره إلا نفاقاً.

إذا أعجبك عملك في العلانية، فطهّره بعمله في السر، فإن عمله في السر تزكية له.

الفارق بين عبادة الإنسان السرية والعلنية كثرةً وقلّة وخشوعاً وطولاً هو مقدار النفاق في قلبه غالباً.

كلما ارتفع الإنسان شأنا احتاج إلى ما يثبته من عبادة الخفاء، فأكثر الأعمدة سقوطا من طوله لا يناسب رسوخه في الأرض، فتهوي به أضعف الأهواء.

عبادة السر والخفاء من أعظم المثبتات على الدين، وجل المنتكسين عن طريق الحق أصحاب ظواهر وقد سأل رجلٌ حذيفة: هل أنا من المنافقين؟ قال: أتصلي إذا خلوت وتستغفر إذا أذنبت؟ قال: نعم. قال:اذهب فما جعلك الله منافقا ومن يشكو من الرياء فغالبا أن عبادته في السر قليلة أومعدومة.

عبادة السر والخلوة هي السياج الذي يضعه الإنسان حول قلبه من الانتكاسات ! لا يشكو أحد ضعفا إلا وخلوته بربه نادرة لذا كان زاد النبي صلى الله عليه وسلم خلوة الليل.

عبادة السر من المثبتات عند المصائب والفتن، وحبل متينٌ بين العبد وبين ربه، قال النبي صلى الله عليه وسلم (من استطاع منكم أن يكون له خبيء من عمل صالح فليفعل).

كلما زاد خفاء الطاعات زاد ثباتك، كالوتد المنصوب يثبت ظاهره بقدر خفاء أسفله في الأرض فيقتلع الوتد العظيم ويعجز عن قلع الصغير والسر فيما خفي.

عبادة الخفاء أفضل من عبادة العلانية، لهذا كانت صلاة الوتر وهي ركعة، أفضل النوافل، لأنها آخر صلاة الليل وأخفاها، وكلما تأخرت في الليل فهو أفضل.

كلما خلا الإنسان بنفسه كان لله أقرب { ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً } الأعراف 55، يحب الله أن يُسأل سرا لكمال غناه ويحب الإنسان أن يُسأل علانية لحاجته إلى المنّة.

أصدق العمل أخفاه، ومن شك في صدقه في عمل العلانية فليعمل مثله في السر، فإن عبادة السر تطهر عمل العلانية من الرياء.

دمعةٌ للهِ في خلوة خيرٌ من سكبِ العبراتِ لهُ في الجلوة.. فمن السبعة الذين يُظلهم الله في ظله (رَجُلٌ ذَكر الله خاليًا فَفَاضَت عَينَاه).

يرفع اللهُ الإنسان بعبادة السر ولو كانت قليلة، أكثر من عبادة العلانية ولو كانت كثيرة.

علامة الصادق مع ربه أن يفرح بالخلوات للطاعات، كما يفرح العاصي بالخلوات للشهوات.

أعظم القربات التذلل بين يدي الله في الخلوات.

اخف عملك يظهره الله، وإن أخفاه فلرحمته بك أن تتكل عليه فتُحرم بركته.

أعلى مراتب الإخلاص الحرص على إخفاء الطاعة كالحرص على إخفاء المعصية.

لا يسعد الإنسان في الحياة سعادة تدوم إلا بالطاعات {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} النحل 97.

السعادة في العبادة، وأما غيرها فلذَّات وتزول.

كل الطاعات يحتقرها الإنسان عند الله ليس لأنه قصر بل لأن الله أعظم ففي الأثر (لو خر رجل على وجهه يوم ولد إلى موته طاعة لله لحقره يوم القيامة).

الهجرة إلى النبي كانت شاقة فهاجر أولوا العزم، وبعض الصحابة تأخروا وندموا بعد الفتح وبين يديك ما ندم عليه الصحابة (العبادة في الهرج كهجرة إلي).

قول الحق يوفّق للعمل الصالح ويُعين عليه ومن أسباب غفران الذنوب {وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} الأحزاب 70، 71.