استمسك بلذة طاعة رمضان
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
كثير من أهل اﻹيمان - ولعلك أنت منهم - وجد لذة الطاعة في رمضان.
وجد لذة القيام فبكى عند سماع القرآن.
ووجد لذة الدعاء قبيل الغروب فود أن الشمس لا تغيب حتى لا يفقد تلك اللذة.
وجد لذة الصدقة وهو ينفق بانشراح صدر.
وجد لذة اﻹستغفار قبيل الفجر فقال إن كان أهل الجنة في مثل هذا الحال لهم في حال عجيب.
وجد لذة التلاوة فود أن السورة لاتنتهي..
في حياة طيبة ود معها أن السنة كلها رمضان.
ولكن ربما بدأ يفقد مثل هذه اللذائذ مع إقبال العيد، وكثرة التواصل مع الناس، واﻹنشغال بأمور الدنيا التي غدت لازمه.
ومن هنا جاء الحديث عن لزوم - ولو قسطا معينا - من هذه الطاعات، ووجوب السعي الحثيث لتثبيت قربات ليجد الناصح لنفسه من وراءها شيئا من تلك اللذائذ، فأقول - أولا -:
اعلم أن الدنيا سريعة الزوال، وأن أيامها ولياليها عجيبة التفلت - وواقعك خير شاهد -.
فاجعل من سرعتها فرصة لك تربي بها نفسك للزوم الطاعة، ودعوةٌ للنفس بجعل حقيقتها - وأنها أيام قلائل تنتقل بعدها لدار الجزاء - عاملا مهما للزهد فيها أو الركون لها، وسببا أيضا لسهولة الطاعة وأن زمانها يسير.
وبين يديك طاعات أراها سببا لدوام ذلك النور، وإبقاء - ولو جزءا - من تلك اللذائذ، ومن ذلك:
* التقدم للمسجد عند الفرائض، وهذا أمر مهم جدا ﻷن فيه المحافظة على اغتنام قدرا كبيرا من حياتك في الطاعة من صلاة وتلاوة ودعاء ونحوها، مما يؤثر بشكل كبير في القلب، يجد معها المؤمن لذة الإيمان وحلاوته.
* الإهتمام بأداء الصلاة بقلب حاضر - فريضتها وسننها - فهي عامل مهم لوجدان اللذة وإدراك السعادة.
* ربما كانت وصيتي لك بالسنن الرواتب من نافلة القول، لكن لا بأس بالتذكير بها فهي الحارس الكبير للفريضة، فاجعلها كالواجبة عليك.
* تلاوة القرآن بتأمل وتدبر، والرجوع لتفسير المعنى سبب عظيم ﻹبقاء لذة اﻹيمان، ولا يخفى على مثلك أثر القرآن في القلب، فلا تنقطع عن القرآن مهما ضاق عليك الوقت.
* الزم مجالس العلم وكن كثير اﻹطلاع في كتب العلماء، فلذة العلم وتحصيله تمناها الملوك وأبناء الملوك.
* الحرص على الخلوة الجزئية في اليوم والليلة " قبيل الفجر وبعده وأول الليل وآخر ساعة في الجمعة ونحوها " فهي ساعات الصفا ﻷهل اﻹيمان.
* الحرص على الصدقة ولو باليسير فهي من أعظم أسباب انشراح الصدر وإدراك حلاوة اﻹيمان.
* إن كنت من أهل بلاد الحرمين أو ميسور الحال، احرص على أن لاتنقطع عن الحرمين الشريفين ففيهما من اﻷنس ما لا يُعبر عنه.
* الدعاء الدعاء، الزمه في كل ساعة وآن - خصوصا حال سجودك - فالدعاء يجعل القلب متصلا اتصلا عظيما بربه ومولاه.
* كن شديدا الملاحظة لقلبك، فلا يكن فيه لا محبة الخير للناس، سليم الصدر ﻹخوانك، فسليم الصدر قد دخل جنة الدنيا قبل جنة اﻵخرة. وأخيرا
اعلم أن أعظم مفسد للقلوب، وأكبر سبب لفقدان لذة الطاعات، بل وحلاوة الدنيا هو:
الذنوب والمعاصي، فالحذر الحذر منها.
لا تتساهل بها فهي السبيل للحرمان، والطريق الذي متى ما دخله المرء فقد كل خير.
فالله الله بمجاهدة النفس لﻹبتعاد عنها.
والله الله باستعمال العلاج النافع لها وهو:
تجديد التوبة على الدوام، ولزوم عتبة اﻹنكسار بين يدي الملك العلاّم.
أسأل الله لي ولك الهداية والثبات، وجميل الحياة وحسن الختام.
مختارات