النسمة الثامنة - لهذا أحب ربي - (5)
8. العصمة من الذنب: ولأنه يحبك فكم من ذنوب عصمك منها ووقاك، وأبعدك عنها وهداك، وليس ذنب كالكفر، ولذا كان حكيم بن حزام يذكر نعمة الله عليه -إذ هداه للإسلام قبل موته- فكان عامة قسمه: " لا والذي نجاني من القتل يوم بدر ".
وليست العصمة من الذنب فقط من علامات حب الله، بل كذلك المداومة على ذلك حتى الممات، كحال أبى سفيان رضي الله عنه رأس الكفر في بدر الذي نجاه الله وهداه إلى الإسلام، واسمع لقوله لأهله عند احتضاره: " لا تبكوا علي فإني لم أتلطخ بخطيئة منذ أسلمت "، وكان بين إسلامه وموته 12 سنة!!.
ومع المداومة على الاستقامة تكون الإعانة على الطاعة، وتذكيرك بفضلها إذا وسوست لك نفسك بتركها، كما حدث مع سهل التستري.. حكي عن سهل بن عبد الله التستري أنه كان يواظب على الصيام، فمر يوما بتمار وبين يديه رطب حسن، فاشتهت نفسه فرد شهوتها، فقالت نفسه: كل بلية ذقتها منك من سهر الليالي وظمأ الهواجر، فأعطني هذه الشهوة واستعملني في طاعة الله حيث شئت، فاشترى سهل الرطب والخبز ودخل موضعا ليأكل، فإذا رجلان يتخاصمان فقال أحدهما: إني محق وأنت مبطل، أتريد أن أحلف لك أني محق؟! فقال: نعم، فحلف وقال: ورب الصائمين إني محق في دعواي، فقال: هذا مبعوث الله إلي، ثم أخذ بلحيته وقال: يا سهل بلغ من شرفك وشرف صومك حتى يحلف العباد به ثم تفطر على قليل رطب!!.
9. عدم الإهلاك بالذنب: قال سبحانه وتعالى: {ولو يؤاخذ الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة} [فاطر: 45].
والله لو آخذنا الله بما جنت أيدينا لعذبنا وما كان لنا ظالما، ولأفنى مظاهر الحياة من على وجه الأرض، ولذا كان بعض الصالحين يتذكر ذلك كلما شرب شربة ماء عذبة فيقول: الحمد لله الذي جعله عذبا فراتا ولم يجعله ملحا أجاجا بذنوبنا.
هل عرفت الآن إلى أي حد يحبك؟!
كم نطلب الله في ضر يحل بنا *** فإن تولت بلايانا نسيناه
ندعوه في البحر أن ينجي سفينتنا *** فإن رجعنا إلى الشاطئ نسيناه
ونركب الجو في أمن وفي دعة *** وما سقطنا لأن الحافظ الله
ننساه بعد نجاح في امتحان غد *** وإن رسبنا وأكملنا دعوناه
هل بدأت بواعث الحب تسري في جسدك أم لازات بعد بعيداً.
كلام يحيى أحيا: قال يحى بن معاذ: عفوه يستغرق الذنوب فكيف رضوانه؟! ورضوانه يستغرق الآمال فكيف حبه؟! وحبه يدهش العقول فكيف لطفه؟! ووده ينسي ما دونه فكيف لطفه؟!.
10. يسر الطاعات مع عظمة الثواب: انظر إلى هذه المكافآت:
«ما من رجل يصلى على مائة إلا غفر الله له» (صحيح كما في ص ج ص رقم 5716).
«من علم أني ذو قدرة على مغفرة الذنوب غفرت له ولا أبالي، ما لم يشرك بى شيئا» (حسن كما في ص ج ص رقم 4330).
«من توضأ هكذا غفر له ما تقدم من ذنبه، وكانت صلاته ومشيه إلى المسجد نافلة» (صحيح كما في ص ج ص رقم 6178).
«من مشى إلى صلاة مكتوبة في الجماعة فهى كحجة، ومن مشى إلى صلاة تطوع فهي كعمرة نافلة» (حسن كما في ص ج ص رقم 6556).
«ما جلس قوم يذكرون الله، إلا ناداهم مناد من السماء؛ قوموا مغفورا لكم» (صحيح كما في ص ج ص رقم 5609).
«من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر» (صحيح كما في ص ج ص رقم 6431).
«مر رجل بغصن شجرة على ظهر طريق فقال: والله لأنحين هذا عن المسلمين لا يؤذيهم، فأدخل الجنة»(صحيح كما في ص ج ص رقم 5863).
«من غسل يوم الجمعة واغتسل، ثم بكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام، واستمع وأنصت ولم يلغ، كان له بكل خطوة يخطوها من بيته إلى المسجد عمل سنة أجر صيامها وقيامها» (صحيح كما في ص ج ص رقم 6405).
مختارات