الحدث الأكبر في تاريخ البشرية
إنه الحدث الأكبر في تاريخ البشرية..نزل الروح الأمين من الملأ الأعلى، يحمل كلام رب العالمين الذي خلق فسوى وقدر فهدى، فتلقى أطهر القلوب صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ذلك النور، وبلغه قلوب أصحابه، يبعث هامد الأرواح من أجداث الغفلة الموحشة بحيرتها وضلالها وسعيرها المتلهب بالقلق=إلى فلق الهدايا يطل على القلوب ويتهادى أمامها ينهج لها سبيل الفلاح ساميًا مضيئًا ألِقًا، =وتتحدر من آفاقه سُرُج الهداية بيقينها المطمئن وصراطِها المفعم بالسكينة.
فاهتدى واللهِ ونَعِمَ بالسكينة من أقبل على القرآن يغسل في نوره نفسَه المعتمة!
فما لَهُ الإنسان! يُعْرِضُ عن كلام ربه، ثم يجلس يشكو ضِيقًا وقَلَقًا وحَيْرَةً وثِقَلًا للطاعة، وتعثرًا في المعصية؟!
ومتى ينهض ابن التراب وهو بعيدٌ عن أنوار الوحي؟!
وهل ينضر هذا الترابي إلا بهذا النور الإلهي؟!
وهل يعي هذا الترابي معنى أن يُشَرِّفَهُ ربه بأن يُطيقَ لسانُه النُّطْقَ بالكلام الذي تكلم به ربُّ العالمين؟!
وهل يعي هذا الترابي معنى أن يشهد قلبُه هذا النورَ ويعاينَ معانيَه، فلا يبقى فيه موضعُ مرضٍ إلا وبسطتْ عليه العافية رداءها؟!
هل تدري كيف صار إليك هذا المحفوظُ بين يديك؟!
وهل علمت كم تَعِبَ وحَزِنَ وجاهد وصابر ورابط النبي صلى الله عليه وسلم؛ ليؤدي أمانة الوحي الذي تلقاه الكثيرون الآن بالهجر والإعراض؟!
وهل أدركت الآن لماذا ثقُلَ على الكثيرين هجرُ الذنب ولو كان صغيرًا، وامتثال الأمر ولو كان يسيرا؟!
وهل أدركت سرَ تهاوي الأخلاق في أخاديد الفرقة والنزاع؟!
إن محنتنا كلها إنما هي من هَجِيرِ هَجْرِه!
وفلاحنا كله في تلقيه تلقيَ الظامئِ المحبِّ الذي يوقن اليقين كُلَّه أنه بدونه ميت، وبغيره هالك= فلا يزال يرتوي، ويتضلع منه، فيُنَقَّى ويُرَقَّى، إلى أن يسمَعَها من ربه في جنات الخلد: اقرأ وارقَ كما كنت تقرأ في الدنيا!
اللهم قلبًا تحبه وترضى عنه!
مختارات