دواء الاختلاط بين الجنسين
● غض البصر:
فلا يطلع أي منهما إلى عورة الآخر، ولا ينظر إليه بشهوة، ولا يطيل النظر في غير حاجة، وهي ثلاثة ضوابط حاكمة للعلاقة بين الجنسين. قال تعالى للرجال: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور من الآية:30]
وكرَّر الأمر لأهميته للنساء: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور من الآية:31].
المؤمنون والمؤمنات فقط هم المُخاطبون والمخاطبات، فالأمر لهم، ولن ينتفع به غيرهم، بل وأزيد فأقول: ولن يُصغي إليه غيرهم، فهلا أصغيت لهذا الأمر الإلهي؟!
وماذا بعد الإصغاء؟!
هل الخضوع والإذعان؟!
أم التجاهل والعصيان؟!
وبتحديد امتثالك لهذا الأمر وأمثاله..
أو تراخيك في التنفيذ..
أو تجاهلك له بالكلية..
تستطيع قياس منسوب الإيمان في قلبك مبكِّرًا، قبل أن ينكشف على رؤوس الأشهاد غدًا.
●غض البصر 2:
من أطال نظره لغير حاجة، فالله أدرى به، وهو وحده يعلم خائنة الأعين ومكنونات القلوب، ولذا رأينا الفضل بن العباس وكان شابًا حسن المظهر، يركب خلف النبي صلى الله عليه وسلم على الجمل، وتمر به امرأة وضيئة سفعاء الخدين (حمراء) تستفتي الرسول صلى الله عليه وسلم، فيطيل الفضل النظر إليها، فيحوِّل النبي صلى الله عليه وسلم وجه الفضل عنها ثلاث مرات!
وفي الحديث الصحيح: «كُلُّ عَيْنٍ زَانِيَةٌ» (صحيح الترمذي [2786]).
وفيه إشارة إلى أن أكثر عيون الناس تنظر بشهوة، فاحذَر الانجراف مع التيار السائد، ولتعاكِس الموجة العاتية للشهوة العارمة، وما ذلك إلا بأن تغضَّ بصرك لتنفي عن عينك تهمة (العين الزانية).
قال المناوي: " أكثر العيون لا تنفك من نظر مستحسن، وإلى غيرِ مَحْرَم، وذلك زناها، أي فليحذر من النظر، ولا يدَّعِ أحدٌ العصمة من هذا الخطر، فقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه مع جلالته: «يا علي! لا تُتبِع النظرة النظرة» (صحيح الجامع [7953]) ".
● التزمي حجابك الشرعي
وله ثلاث شروط رئيسة:
أن لا يكشف أي يغطي البدن كله ما عدا الوجه والكفين (وهذه على خلاف)..
ولا يشِف لرِقَّته..
ولا يصِف لضيقه..
● مراعاة أدب التعامل مع الرجال
أ- في الكلام، بحـيث يكـون بعيدًا عن الإغراء والإثارة بالخضوع بالقول والرقة فيه، وقد قال تعالى:{فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا} [الأحزاب من الآية:32].
ب- وفي المشي، كما قال تعالى: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ} [النور من الآية:31].
جـ- في الحـركة، فلا تتكسر ولا تتمايل، كأولئك اللائي وصفهن الحديث بـأنهن «مائلات مميلات»، ولا يـصدر عنهـا ما يُلحِقُها بصنف المتبرجات تبرج الجاهلية الأولى أو الأخيرة.
● التعطر لا تُقبَل معه صلاة
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه لقيته امرأة وجد منها ريح الطّيب ينفح ولذيلها إعصار، فقال: " يا أمة الجبّار، جئت من المسجد؟ قالت: نعم، قال: وله تطيَّبتِ؟ قالت: نعم. قال: إني سمعت حبّي أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تُقبَل صلاة لامرأة تطيَّبَتْ لهذا المسجد حتى ترجع فتغتسل غسلها من الجنابة» " (صحيح أبي داود [4174]).
وعجبًا لامرأة تدفع أموالاً طائلة على عطور غالية لتفسِد بها صلاتها! وقد يكون الرجل غير منتبه لمرورها، فيشم عطرها، فيلوي عنقه نحوها، فيجنيان الأوزار ويدنيان معا من النار!
● لا خلوة ولو بقريب:
نهت الأحاديث الصحيحة عن ذلك، وقالت: «إن ثالثهما الشيطان» (السلسلة الصحيحة [430]) إذ لا يجوز أن يُخَلَّي بين النار والحطب وإلا اشتعل..
وخاصة لو كانت الخلوة مع أحد أقارب الزوج، وفي الحديث: «إياكم والدخول على النساء»، قالوا: " يا رسول الله، أرأيت الحَمْو؟! " قال: «الحمو الموت»! (صحيح البخاري [5232]) أي هو سبب الهلاك، لأنه قد يجلس ويطيل الجلوس، وفي هذا الخطر الشديد.
● اجتنبوا الأسواق:
فالأسواق موطن الاختلاط وقبلة التبرج، وعلى العبد اجتناب مواطن الشبهات، فلا يعقدوا الاجتماعات في كافيه مثلا، فبالرغم من عدم وجود خلوة إلا أنه موضع شبهة، وقد يتكلم عنهم أحد بسوء، ولذا قال سَلْمَان رضي الله عنه عن السوق: «فإنَّها معركة الشيْطان، وبِها ينصِبُ رايته» (صحيح مسلم [2451]).
● تعامل في حدود الضرورة
يكون لقاء الجنسين في حدود ما تفرضه الحاجة، وما يوجبه العمل المشترك دون إسراف أو توسع يُخرِج المرأة عن فطرتها الأنثوية، أو يعرِّضها للقيل والقال، أو يثير الغرائز ووَقْد نار الشهوة في المجتمع.
وقد قيل: " إذا رُفِعَت الكُلفة وقعت الالفة ".
فالتعامل بين الرجل والمرأة لابد أن يكون في حدود الزمالة في العمل أو الدراسة، ويكون التعامل في حالات الضرورة، وفي ما يخص الدراسة أو العمل، ويلزم من ذلك عدم الخوض في تفاصيل الحياة الشخصية.
مثال: إن غابت زميلتك في العمل، وعلمت أنها مريضة، فلا يجوز أن ترسل لها رسالة على الهاتف، ولا أن تكلمها هاتفيًا للاطمئنان عليها، طالما لا يوجد لذلك ضرورة.
التعامل في حدود الضرورة لا يدخل فيه المزاح والمصافحة والخلوة.
التعامل في حدود الضرورة لا يدخل فيه المحادثة بالهاتف للاطمئنان على الصحة والأحوال.
التعامل في حدود الضرورة لا يدخل فيه الكلام الفارغ لملء الفراغ وقضاء الأوقات في أماكن العمل.
مثال آخر: إذا أراد الشاب أن يستفسر عن أمر يخص الدراسة، ولم يجد الإجابة إلا عند زميلته، فله أن يسألها في حدود المطلوب، وبطريقة جادة، وأما إن وجد من زملائه من يستطيع أن يجيبه عن استفساره، فلا ينبغي أن يتركه ويسأل الفتاة، وكذلك الأمر بالنسبة للفتاة.
وهنا يجب تجنب اللقاءات المتكرِّرة والطويلة، والتي ترفع الكلفة فتوقع في المحظور، وخاصة عند غياب الرقيب وضعف وازع الدين.
قال ميمون بن مهران: " ثلاث لا تبلونَّ نفسك بهنّ، ومنها: ولا تدخل على امرأة وإن قلت: أُعلِّمها كتاب الله ".
● كوارث صفحات التواصل:
خاصة مع الانتشار المحموم لاستخدام صفحات التواصل اليوم، لدرجة بروز ما يسمى (ظاهرة إدمان الإنترنت) أو(Internet Addiction Disorder)،والذي بات يُشار له اختصارًا (IAD)، وقد ظهر هذا المصطلح عام 1995.
إن التخاطب عبر صفحات التواصل بين الجنسين عبارة عن خلوة ناقصة؛ تتيح للشاب والفتاة أن يتحدَّثا بعيدًا عن أعين الرقباء، ويتحول اللقاء العابر إلى اتصال دائم يبثان فيه المشاعر الملتهبة؛ وهما أجنبيان ليس بينها رابط شرعي، وبالدوام يأتي الإدمان، وعند التوقف يتولَّد الإحساس بالحِرمان، وهي بوابة الشيطان الأشهر في هذا الزمان.
ولهذا جاءت فتوى دار الإفتاء المصرية صريحة واضحة في حكم المحادثة بين الجنسين كما يلي:
" إذا كانت هذه المحادثة الإلكترونية بين رجل وامرأة؛ كل منهما أجنبي عن الآخر، فإنها تكون ممنوعة ولا تجوز إلا في حدود الضرورة، وذلك لما أثبتته التجارب المتكررة خاصة في عصرنا أن هذا النوع من المحادثات -مع ما فيها من مضيعة للوقت، واستهلاك له بلا طائل ولا فائدة صحيحة- ولهذا تعد بابًا من أبواب العبث والشر، ومدخل من مداخل الشيطان، وذريعة للفتنة والفساد ".
● ضبط خروج المرأة لتقليل الاختلاط:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان» (صحيح الترغيب [346]).
ولاحظ قوله: «فإذا خرجت»، ولم يقل فإذا كشفت عن وجهها أو ساقها، وهذا يعني أن أعظم ستر للمرأة هو عدم الخروج إلا لحاجة.
وقوله «استشرفها الشيطان» أي رفع البصر إليها ليغويها أو يغوي بها، فيوقِع أحدهما أو كليهما في الفتنة، وهو ما يفسِّر ميل الفتيات إلى التبرج إذا خرجن، فيطمع فيهن الرجال.
ومعنى الحديث المتبادر إلى الأذهان أن المرأة ما دامت في بيتها لم يطمع فيها الشيطان ولا أغوى الناس بها، فإذا خرجت طمِع فيها وأطمع.
ولذا جاء الحديث واضحًا: «صلاةُ المرأة في بيتها أفضلُ مِنْ صلاتها في حُجرتها، وصلاتها في مخدعها أفضل مِنْ صلاتها في بيتها» (صحيح أبي داود [570]).
لأنها في بيتها أبعد عن عيون الرجال، ومن هنا قال عبد الله بن مسعود لامرأة سألته عن الصلاة في المسجد يوم الجمعة: " صلاتك في مخدعك أفضل من صَلَاتك فِي بَيْتك، وصلاتك فِي بَيْتك أفضل من صَلَاتك فِي حجرتك، وصلاتك في حجرتك أفضل من صلاتك في مسجد قومك ".
مختارات