اسم الله السلام 1
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
من أسماء الله الحسنى : (السلام) :
أيها الأخوة الكرام ، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى ، والاسم اليوم " السلام " .
ورود اسم السلام في القرآن مرة واحدة و الإكثار من هذا الاسم في السنة الشريفة :
وكان عليه الصلاة والسلام يكثر من ذكر اسم " السلام " وفي صحيح الجامع الصغير : " إن اسم السلام من أسماء الله تعالى فأفشوه بينكم " [الطبراني] لذلك تحية المؤمنين فيما بينهم السلام عليكم .
الجنة دار السلام لأنها مبرأة من كل هذه العيوب :
والله عز وجل يدعو إلى سبل السلام ، والله عز وجل يدلك على طريق تسلم فيه من كل متاعب الدنيا .
منهج الله عز وجل يفضي بالإنسان إلى السلامة :
أنت إذا طبقت منهج الله أنت في سلام مع نفسك ، لأن الإنسان إذا خالف فطرته يعذب عذاباً شديداً من قبل ذاته ، يعيش حالة احتقار الذات ، يعيش حالة عقدة الذنب ، يعيش حالة الانهيار الداخلي ، أنت إذا بنيت مجدك على أنقاض الناس ، أنت إذا بنيت غناك على إفقارهم ، أنت إذا بنيت أمنك على خوفهم ، إنك إن بنيت وجودك على موتهم ، إنك إن بنيت عزك على ذلهم ، تشعر بانهيار داخلي ، ولو كنت في أعلى مقام ، تشعر بحالة اسمها احتقار الذات ، اختلال التوازن ، لكنك إذا طبقت منهج الله عز وجل هذا المنهج يفضي بك إلى سلام مع نفسك ، وإلى سلام مع ربك ، وإلى سلام مع من حولك ، منهج الله عز وجل ينتهي بك إلى " السلام " ، " السلام " السلامة ، ما في قهر ، ما في احتقار للذات ، ما في عقدة الذنب ، ما في شعور بالانحطاط .
الله عز وجل يهدي كل إنسان إلى سبل السلام ليرضى عنه و يحبه :
أيها الأخوة الكرام ، لولا أن فطرة الإنسان سليمة لما شقي إنسان ، لماذا يشقى ؟ لأن الله فطره فطرة سليمة ، فإذا خرج عن مبادئ فطرته ، إذا أساء إلى خلق الله عز وجل ذاته تعذبه ، نفسه تعذبه .
الله عز وجل يهديك إلى سبل " السلام " لو طبقت منهج الله في علاقتك بزوجتك تعيش في سلام معها ، لو طبقت منهج الله في كسب مالك ، أنت في حرز حريز من إتلاف المال ، إذا طبقت منهج الله في تربية أولادك ، هذا المنهج يفضي بك إلى سلام مع أولادك .
فمنهج الله عز وجل بتفاصيله يفضي بك إلى " السلام " وإذا أردنا أن نوضح أركان " السلام " أنت في سلام مع الله .
هل من مرتبة أعلى من أن تكون في سلام مع الله ؟ هل من مرتبة أعلى من أن تشعر أن خالق السماوات والأرض يحبك ؟ هو وليك ، يدافع عنك ، يفوقك ، ينصرك يحفظك ، إنك إن طبقت منهج الله عز وجل أنت في سلام مع نفسك ، حالة المؤمن أنه طاهر ، أنه ما بنى مجده على أنقاض أحد ، أنه ما سبب آلاماً للناس ، كان معطاءً ، كان مصدر أمنٍ لهم ، كان مصدر سعادة لهم ، أنت إذا طبقت منهج الله في سلام مع نفسك ، تنام قرير العين ، تنام مرتاح البال ، تنام وأنت تشعر أن الله يحبك ، لأنك أحسنت إلى خلقه .
من طبق منهج الله عز وجل فهو في سلام مع نفسه و ربه و مع من حوله :
الله عز وجل " السلام " لأنك إن طبقت منهجه أخذك إلى " السلام " في سلام مع نفسك ، في سلام مع ربك ، في سلام مع من حولك، هذا المنهج الإلهي التفصيلي في كسب مالك، في إنفاق مالك ، في زواجك ، في حلك ، في ترحالك ، في إقامتك ، في سفرك ، في أفراحك ، في أتراحك ، أنت إذا طبقت منهج الله عز وجل في سلام مع من حولك ، علاقات المؤمن كلها ناجحة ، علاقات طيبة، علاقات مودة مع الآخرين ، لأنه محسن إليهم ، لأنه يلتزم منهج الله ، لأنه يعرف ما له وما ليس له ، أنت إذا طبقت منهج الله عز وجل حققت وجودك .
أريد أن أؤكد لكم أيها الأخوة ، أنك إذا طبقت منهج الله في سلام مع جهات ثلاث الأولى أنت في سلام مع الله ، والثانية أنت في سلام مع نفسك ، والثالثة أنت في سلام مع من حولك ، لماذا وضع الله لنا دستوراً تفصيلياً نسير عليه ؟ من أجل " السلام " والكلمة الآن المحببة في العالم " السلام " لأن الأرض ، تمتلئ ظلماً ، وجوراً ، وقهراً ، وقتلاً ، واستغلالاً وطمعاً ، وقمعاً ، لأن البشر الآن ابتعدوا عن منهج الله .
من اتقَ الله عز وجل أدخله جنات أُعدت له :
أيها الأخوة ، الله سبحانه وتعالى يدعو إلى إلقاء " السلام " والله عز وجل يدعو إلى سبل " السلام " من اتق الله في اختيار زوجته ، هو في سلام مع زوجته ، من اتقَ الله في كسب ماله ، هو في سلام مع هذا المال ، لم يتلف ، لم يدمر ، لن يخسره فجأة ، ثم في النهاية " وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ " .
إلى الجنة :
وفي الحديث ملمح لطيف " أعْدَدْتُ لعباديَ الصالحين ما لا عين رأتْ "
هناك دائرة المرئيات ، لكن دائرة المسموعات أوسع بكثير من دائرة المرئيات " ولا أذن سمعتْ " .
أنت شاهدت بضع مدن في العالم ، مئة مدينة ، لكنك تستمع في الأخبار إلى آلاف المدن " أعْدَدْتُ لعباديَ الصالحين ما لا عين رأتْ ولا أذن سمعتْ " .
أما الدائرة الثالثة " ولا خطَر على قلبِ بَشَرْ " .
السلام من سلمت أفعاله من شر :
أيها الأخوة ، اسم " السلام " اسم يجعلك في سلام ، اسم " السلام " يهديك إلى سبل " السلام " اسم " السلام " اسم ينقلك إلى دار " السلام " الذي يعانيه البشر اليوم مما لا يوصف من القهر ، والاستغلال ، والقتل ، والتشريد ، والإفقار ، والإذلال ، الأرض الآن تضج في الشكوى إلى الله عز وجل ، والله هو " السلام " .
أيها الأخوة " السلام " هو الذي سلمت أفعاله من كل شر، ليس في الكون شر مطلق ، هناك شر نسبي ، يعني إنسان قد يمرض لكن نتائج هذا المرض قد تكون في صالح إيمانه ، أحياناً تلتهب الزائدة ، وأنا أسميها الذائدة ، ولـ35 عاماً أنا أؤكد أنه من باب اليقين الإيماني لا يمكن أن يكون في خلق الله شيء زائد .
من أيام جاءتني رسالة من بلاد بعيدة تؤكد أنه بخلاف ما كان الأطباء يتوهمون هذه الزائدة الدودية بحسب تسميتهم لها وظيفة خطيرة ، اكتشفت في وقت متأخر جداً ، وليس صحيحاً أن استئصالها ليس له مضاعفات إطلاقاً ، لذلك ينبغي أن نسميها الذائدة الدودية وليست الزائدة ، وفرق كبير بين الذائدة ، أي المدافعة ، وبين كلمة الزائدة التي توهم أن لا وظيفة لها .
الشر المطلق لا وجود له في الكون لأنه يتناقض مع وجود الله :
أيها الأخوة ، الشر النسبي موظف للخير المطلق ، الشر المطلق لا وجود له في الكون ، لأن الشر المطلق يتناقض مع وجود الله ، ما معنى يتناقض مع وجود الله ؟ تقول أبيض وأسود ، هذان لونان متعاكسان ، وقد يجتمعان ، لكن الضوء والظلام متناقضان ، لأن وجود الآخر ينقض وجود الثاني ، لك أن تزين بيتك بخطوط عرضية ، سوداء وبيضاء ، كما تحتفل به الشام من فلكلور ، أبيض وأسود ، الأبيض والأسود يجتمعان ، لكن الضياء والظلام لا يجتمعان ، وجود أحدهما ينقض الآخر ، فالشر المطلق ، يعني الشر للشر ، لا وجود له في الكون .
لأن إيتاء الملك خير أحياناً ، وأن نزع الملك خير ، وأن الإعزاز خير ، أن الإذلال خير ، من هنا يرى علماء العقيدة أنه لا ينبغي أن تقول الله ضار ، هو ضار والضار من أسماء الله ، ينبغي أن تجمع الاسمين معاً ، هو ضار نافع ، خافض رافع ، مذل معز ، أي أنه يضر لينفع ، ويأخذ ليعطي ، ويبتلي ليجزي ، ويخفض ليرفع ، ويذل ليعز .
" إن هذه الدنيا دار التواء ، لا دار استواء ، ومنزل ترح لا منزل فرح ، فمن عرفها لم يفرح لرخاء ولم يحزن لشقاء ، قد جعلها الله دار بلوى ، وجعل الآخرة دار عقبى ، فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سببا ، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضا ، فيأخذ ليعطي ، ويبتلي ليجزي " .
أي مصيبة يسوقها الله لعباده في الدنيا خير بالنسبة إلى مستقبلهم :
أيها الأخوة ، الشر النسبي موظف للخير المطلق .
أوضح مثل : لو أن إنساناً قاد أحدث مركبة صنعت حتى الآن ، قادها وهو مخمور ، فسقط في الوادي ، وتحطم ، هل هذا التحطم له صانع ؟ هل هناك معمل جعلها هكذا ؟ مستحيل ! هذا التحطم نتيجة أن إنساناً خالف المنهج القويم في قيادتها ، كان مخموراً فقادها فنزل بها في الوادي فتحطمت ، نقول هذا الشر ليس من المعمل الصانع ، هذا الشر من سوء استخدامها ، بل إن فلسفة الشر أنه سوء استخدام ، أليس الملح حاجة ثمينة ؟ أليس السكر مادة ثمينة ؟ أليس مسحوق التنظيف مادة ثمينة ؟ تدفع ثمنها غالياً ، ضع مسحوق التنظيف في الطبخ ، لا تأكله ، هل نقول هذه المواد التي خلقها الله لنا هي شر ؟ لا ، هي خير ، ولكن سوء الاستخدام جعلتها شراً ، هل يوضع الملح في الحلويات ؟ لا تأكلها ، فهو الشر أحياناً يأتي من سوء الاستخدام ، والنبي عليه الصلاة والسلام حسم هذا الموضوع فقال : " والشَّرُّ لَيسَ إليكَ " الله عز وجل " السلام " أي : أيها الأخوة ، السيارة لماذا صنعت ؟ بتعبير فلسفي ما علة صنعها ؟ صنعت من أجل أن تسير ، لماذا وضعت فيها مكابح ؟ مع أن فلسفة المكبح أنه يتناقض مع علة صنعها هي صنعت للسير ، والمكبح يوقفها ، المكبح في فلسفته يتناقض مع علة صنعها ، لكنه أكمل ضمان لسلامتها ، فإذا فهمت المصيبة على أنها مكبح لهذه المركبة أي من أجل السلامة ، كم من إنسان انحرف فجاء التأديب الإلهي ، وهو بالنسبة إليه شر نسبي ، لكن هذا الشر النسبي وظف للخير المطلق .
1 ـ يهديك إلى سبل السلام :
والله أيها الأخوة ، هذا يقيني وإيماني ، أن الله سبحانه وتعالى حينما يكشف لعبده يوم القيامة عن حكمة ما ساقه له من شدائد ، ينبغي أن يذوب كما تذوب الشمعة محبة لله .
أيها الأخوة ، هذا هو المعنى الأول ، الله " السلام " يهديك إلى سبل السلام يدعوك إلى جنة عرضها السماوات والأرض ، يدعوك " إِلَى دَارِ السَّلَامِ " .
2 ـ ذو سلامة لعباده :
المعنى الثاني : الله عز وجل " السلام " أي ذو سلامة لعباده ، وخلق الإنسان ، وما حول الإنسان يؤكد هذا الاسم ، الجهاز العظمي ، هذا الجهاز ينمو ، لكن لحكمة بالغة عند حد ما يقف النمو ، وهذا من رحمة الله بنا ، عندنا مرض خطير اسمه العملقة ، يستمر النمو لكن من أعطى لهذه الخلية العظمية أمراً بأن تقف ؟ القابض ، بلغ هذا الشاب طولاً معيناً فتوقف النمو ، هذا من رحمة الله بنا ، لو تابع نموه لوقع في مرض خطير ونادر هو العملقة ولو قلّ نموه لوقع في مرض خطير ونادر هو القزم ، إنسان قزم .
إذاً الله عز وجل يسمح لهذه الخلية بالنمو إلى حد ما ، ويقف النمو ، وتكسر رجل الإنسان أحياناً ، هذه الخلية التي أمرت بالتوقف تستيقظ ، وتعيد التئام طرفي العظم ، قد تنام الخلية العظمية سبعين عاماً ، وفي نهاية المطاف تكسر إحدى أعضاء هذا الإنسان تستيقظ هذه الخلية ، وتسهم في التئام هذا العظم ، يد من ؟ حكمة من ؟ هل يوجد بعالم المادة ، بعالم الميكانيك ، قطعة تنكسر نقول لصاحب هذه المركبة دعها بعد حين تلتحم ؟ انظر إلى تصميم الله عز وجل ، أي عظم يكسر مهمة الطبيب العظمي فقط أن يضع القطعتين بشكل صحيح وبعدها العظم وحده يستيقظ ، وتلتئم هذه العظمة .
لماذا جعل أعصاب حس في الأسنان ؟ من أجل ألا تخسر أسنانك ، عصب الحس في الأسنان جهاز إنذار مبكر ، إذا تلف السن ، ووصل التلف إلى العصب الحسي لا تنام الليل تبادر إلى إصلاح هذا السن ، لولا أعصاب الحس في الأسنان لخسرنا كل أسنانا .
لماذا جعل عصب حس في نقي العظام ؟ لأن هذا العظم إذا كسر ، من شدة الألم من شدة عصب الحس في نقي العظام تبقي هذه القطعة على حالها ، وإبقاؤها على حالها أربعة أخماس العلاج .
التفكر في خلق السماوات والأرض أقصر طريق لمعرفة الله :
إذاً الله ذو السلامة لعباده ، أعطاك جهاز مناعة ، جيش عرمرم ، بكل ما في هذه الكلمة من معنى ، هذا الجيش في فرقة استطلاع ، فرقة تصنيع السلاح ، فرقة مقاتلين ، فرقة خدمات ، فرقة مغاوير ، خمس فرق في هذا الجيش ، من أجل سلامتك ، من أجل مكافحة الأمراض .
من جعل كل كلية فيها عشرة أضعاف حاجة الإنسان ؟ أنت تملك كليتين ، الطاقة التصفوية لهاتين الكليتين عشرون ضعفاً عن حاجتك ، لأن الله ذو السلامة لعباده .
من جعل في القلب مركز تنبيه خاص ؟ القلب لأنه من أنبل أعضاء الإنسان وعلى نبضه تتوقف حياة الإنسان ، جعل الله في القلب مركزاً كهربائياً خاصاً ، تتلقى منه الأمر بالنبض ، ماله علاقة بالشبكة العامة ، القلب يتلقى أمراً بالنبض من مركز كهربائي ذاتي فإذا تعطل هذا المركز هناك مركز احتياطي ، فإذا تعطل الثاني هناك مركز احتياطي ثالث لأن الله ذو السلامة لعباده .
أيها الأخوة ، قضية اسم " السلام " يمكن أن نتلمسها ، من خلق الإنسان ، والتفكر في خلق السماوات والأرض أقصر طريق لمعرفة الله ، وأوسع باب ندخل منه على الله .
لذلك هذا الاسم أيها الأخوة ، يعطينا شعوراً أن الله يحبنا ، وأنه صمم أجسامنا وصمم ما حولنا تصميماً رائعاً بحيث تكون المحصلة هي " السلام " فالله سبحانه وتعالى هو " السلام " ويدعو إلى إلقاء السلام ، ويدعو إلى سبل السلام ، ثم يدعونا إلى دار السلام .