طرد الفراغ والحزن
نظرتُ مرةً بل مرات فرأيتُ أن كثيراً من الأفعال التي أندم عليها تلك التي أصنعها في وقت الفراغ، وفتور النفس، وتشوش المزاج، وذلك أن الشيطان يقوى وينتهز لحظات الضعف الإنساني، وإذا اجتمع مع الفراغ الهم والغم فذاك أقرب ما يكون للزلل، لأنه النفس تشتد في طلب المؤنسات واللذائذ الطاردة للأحزان والآلام، وتضعف قواها عن الممانعة، كيف والسبل قصيرة، ومبهجات العين والأذن الممنوعة أقرب من شراك النعل!؟
ثم وجدتُ أن الحزم والحكمة في أن يعتني المرء بأوقات فراغه وراحته كما يعتني بأوقات عمله وانشغاله بل أكثر، فكثيراً ما تكون الأعمال من قبيل الروتين الإجباري لطلب العيش أو التعلم، ولكن الفراغ وقت “الإرادة الحرّة”، فهو الذي يمثل الرغبات والميول الحقيقية.
وإذا تفكر الإنسان أدرك أنه قد مُنح نعمة العيش أياماً قلائل، وأخبر بالنعيم أو العذاب الأبدي، فهو يدافع الخطايا ما استطاع، ويجدد التوبة في غالب أحواله، ومرور الزمن وهو في حفظ وعصمة من الذنوب منّة إلهية، فلينظر في حاله، وليقفل مداخل الشيطان، وأعظمها فراغه من الاشتغال. والله الهادي.
مختارات