" الله حيي يحب الحياء "
" الله حيي يحب الحياء "
عن سلمان رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن الله حيي كريم، يستحي أن يرفع الرجل إليه يديه، يردهما صفراً خائبتين " (رواه أبو داود).
وعن يعلى بن أمية رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن الله تعالى حيِّيٌ سِتِّيِرٌ يحب الحياء والستر، فإذا اغتسل أحدكم فليستتِر " (رواه ابو داود).
قال ابن القيم: (وأما حياء الرب تعالى من عبده، فذاك نوعٌ آخر، لا تدركه الأفهام، ولا تكيفه العقول: فإنه حياء كرم وبر وجود وجلال، فإنه تبارك وتعالى، حييٌّ كريم يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفراً،ويستحي أن يعذّب ذا شيبة شابت في الإسلام) (مدارج السالكين).
قال المباركفوري: (قوله " إن الله حييٌ " فعيلٌ من الحياء، أي كثير الحياء، ووصفه تعالى بالحياء يُحْمَلُ على ما يليق له، كسائر صفاته، نؤمن بها ولا نُكَيِّفها) (تحفة الأحوذي).
فالله عز وجل مع كمال غِناه عن الخلق كلهم، من كرمه يستحيي من هتك العاصي، وفضيحته، وإحلال العقوبة به، فيستره بما يقيض له من أسباب الستر، ويعفو عنه، ويغفر له، ويتحبب إليه بالنعم، ويستحيي ممن يمد يديه إليه سائلاً متذللاً أن يردهما خاليتين خائبتين.
قال المُناوي في (فيض القدير): (قال التوربشتي: وإنما كان الله يحب الحياء والستر ؛ لأنهما خصلتان تفضيان به ـ أي بالعبد ـ إلى التخلق بأخلاق الله تعالى).
قال ابن قيم الجوزية: (من وافق الله في صفة من صفاته، قادته تلك الصفة إليه بزمامها، وأدخلته على ربه، وأدْنَتْهُ وقرَّبته من رحمته، وصيرته محبوباً له ؛ فإنه سبحانه رحيم يحب الرحماء، كريم يحب الكرماء، عليم يحب العلماء، قوي يحب المؤمن القوي، وهو أحب إليه من المؤمن الضعيف، حييٌ يحب أهل الحياء، جميلٌ يحب أهل الجمال، وِترٌ يحب أهل الوتر).
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (لا يجد عبد صريح الإيمان حتى يعلم بأن الله تعالى يراه، فلا يعمل سرَّا يفتضح به يوم القيامة).
قال الجُنَيد: (الحياء رؤية الآلاء ورؤية التقصير، فيتولد بينهما حالة تسمى الحياء، وحقيقته: خُلُقٌ يبعث على ترك القبائح، ويمنع من التفريط في حق صاحب الحق).
مختارات