جوابات القرآن
-كلما عظم شأن الرسالة عظم شأن ناقلها، فأي رسالة أعظم من أن يكون المتكلم بها رب العالمين، ونزل بها من السماء سيد الملائكة، واستقبلها على الأرض قلب سيد البشر: (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ، عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ) [الشعراء:192-194]
ولذلك فإن كل من نقل هذه الرسالة القرآنية وبثها في الناس فقد تشرف بارتباطه بهذه السلسله، ألا ترى النبي في الصحيح يقول (خيركم من تعلم القرآن وعلمه).
-إذا كان الله نهى نبيه عن مقاطعة القرآن بالقرآن، فكيف بمن يقاطع القرآن بأمر الدنيا، (وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ) [طه:114]
-تختلف طرائق الدعاة في تذكير الناس، فبعضهم يستعمل القصص والأمثال، وبعضهم بذكر الأهوال، وبعضهم بالأصوات الزاجرة، وأشرف من ذلك كله إيقاظ القلوب بالقرآن، ألا ترى الله يقول عن نبيه (قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ) [الأنبياء: 45]
-ما قرأت هذه الآية إلا شعرت بالخجل من جنس بني آدم، كيف عبر عن غيرنا بالعموم وعبر عنا بالجزء: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِوَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) [الحج: 18]
-حين يكون مع المبدأ شئ من حظ النفس يُقبِل الكثيرون، وحين يكون مع المبدأ شئ من الكلفة يكثر التعلل والتنصل، ألا ترى الله تعالى يقول (لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاتَّبَعُوكَ وَلَٰكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ) [التوبة:42] وهذا مايفسر للمراقب: لماذا في وقت نفوذ الدعوات ينتسب لها الرسالي والنفعي، وفي فترات الضعف يتساقط النفعيون؟!
-إذا عمر القلب بإرادة وجه الله والدار الآخرة استكثر أدنى تقدير يبديه من حوله تجاهه، فتراه ممتناً لأبسط اهتمام تبذله زوجته له، وخجولاً من أقل توقير يبديه أقرانه تجاهه، ألا ترى الله يقول عن هذا الصنف (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لانُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاشُكُورًا) [الإنسان: 9]
وإذا شحن القلب بحظوظ النفس استقل كل حشمة يحيطه من حوله بها، ويتطلب فيمن حوله أن لاتنقطع إشادتهم وتنويههم بما قام به، لذا تراه دائم التذمر والنقمة ولمز من حوله بجحد فضائله، وينسى أنه يعمل العمل لنفع نفسه أصلاً، ألا ترى الله يقول عن هذا الصنف (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لاتَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ) [الحجرات: 17]
-لو فتشت في خفايا كثير من النفوس لوجدت تصورات مطمورة بأن هذه الأمم الغربية قوة لاتقهر، بل لقد صرح بذلك كثير من " أهل الأهواء الفكرية " فرددوا في كتاباتهم مصطلح " المعجزة الغربية " بما يحمله من إيحاءات الاستسلام وتأبيد الهزيمة.. ولأن العليم الخبير سبحانه يعلم مايتسرب إلى النفوس من هذه التصورات فقد نبه سبحانه لذلك مسبقاً فقال (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ) [النور: 57]
-في سورة النور ذكر الله ثمان آيات متصلة كلها في تعظيم " الانقياد للوحي " (الآيات 47-54)، ثم أعقبها بآية عن " الاستخلاف والتمكين " (55)، فكأن هذا –والله أعلم- إشارة إلى أن التمكين ثمرة الانقياد.
-يكثر في كتابات أهل الأهواء الفكرية أنهم حين يستعرضون أصحاب المكتشفات العلمية أو الأعمال الإنسانية أن يجزموا بأن هذه الشخصيات في الجنة حتى وإن لم يؤمنوا بنبوة محمد، وتراهم يقولون " كيف يكون هؤلاء في النار وقد نفعوا البشرية جمعاء؟! "، فلست أدري كيف يتجرأ هؤلاء على تحدي حكم الله الذي اشترط الإيمان بنبوة محمد (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ)[التوبة:54]
-مروجوا الشهوات لايقتصر ضررهم على أنفسهم كما يتصور البعض، بل يورطون أقوامهم معهم إذا أتاحوا الفرصة لهم، ألا ترى الله يقول (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) [إبراهيم:28]
-مارأيت أحداً من المجادلين في دين الله بلامخزون علمي إلا وأدهشني كيف يلوي عنقه استكباراً إذا واجهته الأدلة التي تحرج جدله، وقد أشار القرآن لهذه العلاقة فقال: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِير، ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) [الحج: 8-9]
-لايحصل العلم بلقاء عابر، وإنما بملازمة ومتابعة العلماء، ألا ترى موسى يقول للخضر (قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا) [الكهف:66]
-أي بشاعة للتقصير في بر الوالدين أكثر من كون الله جعله جريمة " جبروت " فقال عن عيسى (وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا) وقال عن يحي (وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا) [مريم: 32، 14]
والله أعلم،،
مختارات