" الحسـاب "
" الحسـاب "
يبدأ الحساب فيتفاوت مقام العباد في ذلك، فمنهم من يؤمرون فينطلقون إلى الجنة بغير حساب، وهم فئة قليلة لا يجاوزون السبعين ألف، وهم الصفوة من الأمة والقمم الشامخة في الإيمان والتقى والصبر والجهاد.
ومنهم من يحاسب حسابًا يسيرًا من غير نقاش ولا تدقيق، وإنما تعرض عليهم أعمالهم عرضًا ثم يتجاوز عنهم حتى يقول له الرب جل وعلا: «سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم».
ومنهم من يوبخ ويعاتب.
وبعض الناس يطول حسابهم ويعسر بسبب كثرة الذنوب وعظمها وإصرارهم عليها ومجاهرتهم بها، ومن نوقش الحساب واستقصى عليه فقد أُفضي إلى العذاب كما في الصحيحين عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك» فقلت: يا رسول الله أليس قد قال الله تعالى: " فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا " [الانشقاق: 7، 8]؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما ذلك العرض، وليس أحد يناقش الحساب يوم القيامة إلا هلك».
ومن ذلك مناقشة المرائين بالأعمال الصالحة.
وأول ما يحاسب عليه العباد الصلاة، فإن صلحت أفلح ونجح، وإن فسدت خاب وخسر.
وفي ختام مشهد الحساب يُعطى كل عبد كتابه المشتمل على سجل كامل لأعماله التي عملها في الحياة الدنيا ويقال لهم: " هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ " [الجاثية: 29] وتختلف الطريقة التي يؤتى بها العباد كتبهم، فأما المؤمن فإنه يؤتى كتابه بيمينه من أمامه بعد محاسبته الحساب اليسير، وينقلب إلى أهله مسرورًا.
وأما أهل المعاصي والنفاق فإنهم يأتون كتبهم بشمالهم من وراء ظهورهم، وعند ذلك يدعون بالويل والثبور.
مختارات