" جار السوء "
" جار السوء "
بدأت تخطو بخطوات سريعة نحو مراحل الشباب وزهرة العمر.
فها هى قد شارفت العشرين، وبدأت عيون وقلوب الأقارب والمعارف تتبعها وتكسب ودها.
شابة في مقتبل العمر جمع الله لها بين الأدب والخُلق والجمال وزانها بمهارة في الحديث وتودد في اللقاء وطيب معشر مع الجميع.
ومع بداية دخولها للجامعة تقاطر عليها الخُطاب من كل مكان، وأصر والدها أنها لا تزال صغيرة.
ثارت ثائرة الأم وغضبت يوماً وهى تردد: لقد تقدم لها ابن أختي، وهى ليست بصغيرة، وفلان تقدم لها وفلان.. أخبرني: هل تريد أن تصبح هذه البنت عانساً؟
وأفرغت ذلك الغضب وتلك المعلومات في مجلس عجائز الحي ضحى كل يوم أحد، فلعلهم يروحون عن قلبها ويخففون من همها، وكان لسان أم البنت لا يقف من تعداد الخُطاب الذين تقدموا لابنتها، ومواصفات ابنتها وحسن أدبها.
وانتقل الخبر إلى أحد جيرانهم من الشباب فاستزاد من والدته عن صفات البنت وجمالها وأخلاقها؛ فتعلق قلبه بالفتاة من كثرة حديث والدته عنها، وبدأ يلحظها وهى خارجة صباح كل يوم، ويستطلع أخبارها.
وبعد مرور أشهر من التدقيق والسؤال تعلق قلبه أكثر وعندها أسرَّ إلى والدته أن تخبرهم برغبته في الزواج منها.
أجابته: يا بُني ! تقدم لهم من هو خير منك وأعادوه، فكيف بك؟!
ولكنه أصر على والدته أن تحادث والدة الفتاة، فأتاه الجواب بعد أسبوع بالرفض !!
تنازعته رغبة التملك وأن يحظى بهذه الفتاة، مع سواد قلبه وقلة في دينه؛ فقرر في نفسه: لن تتزوج إذاً ولن يطأ عتبة بابهم خاطب بعد اليوم !!
وسقط ابن الإسلام في الظُلم وهو يعلم أنه ظلم نفسه بهذا الفعل وأضر بالمسكينة عن عمد دون ذنب جنته !!
وأخذ يردد بين الحين والآخر في زهو وفخر وهو يُسمع والدته: هذه الفتاة لن تتزوج وستصبح عانساً وسترين !!
وأسر في نفسه: آه، عمل بسيط يريح خاطرك وتكون رجلاً تستطيع أن تفعل كل شيء؟! اذهب إلى من يسحرها ويمنع الخُطاب عنها ! آه والله لأرينهم من أنا، وسقط في أحد السبع الموبقات، وأمامه غداً الأهوال والصعاب وظُلمة القبر ودقة الصراط وموقف الحساب بين يدي الله العزيز الجبار.
* قال بلال بن مسعود: رُبَّ مسرور مغبون، يأكل ويشرب ويضحك، وقد حُقَّ له في كتاب الله عز وجل أنه من وقود النار.
* كان الحسن يقول: رحم الله رجلاً لم يغره كثرة ما يرى من الناس.. ابن آدم إنك تموت وحدك، وتدخل القبر وحدك، وتبعث وحدك وتحاسب وحدك.
مختارات