" مقـدمة "
" مقـدمة "
لا يزال المرء – ما دام في الحياة – يكابد صعابها.. ويجاهد عناءها.. تدركه الهموم فيها أحيانًا فيقهر.. وتخطئه حينًا فيفرح.. وهكذا يعيش زمانه بين أفراح وأتراح.. وأحزان وانشراح.. وتلك سنة الله في الحياة.
على ذا مضى الناس اجتماع وميت ومولود وبشر وأحزان
وحياة الإنسان في الدنيا لم تخلق عارية عن الأحزان، خالية من البلاء.. سهلة مريئه.. بل خلقت ممزوجة حلاوتها بمرارة البلاء.. ومخلوطة لذتها بشيء من الكبد والشقاء.. ولذلك قال تعالى {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} [البلد: 4].
وها هو الإنسان – أي إنسان – مهما كان شأنه يكابد ليعيش.. يكابد تعبه بالراحة.. وجوعه بالأكل.. وعطشه بالارتواء.. وحرارته بالظل.. وبرده باللباس.. ومرضه بالدواء.. وشيطانه بالذكر.. ودنياه بتذكر خير المعاد.. وهواه بالمجاهدة.. وأحزانه بالصبر.. وظلم الناس بالخلق الحسن.. ولا يزال يدافع أنكاد عيشه.. ومنغصات حياته في رحلته إلى الله.
والسر في أن حياة الإنسان تحتاج منه للتغلب على صعابها هو أن الحياة ذاتها خلقت لأجل امتحانه {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}[الملك: 1 – 2].
فأفراحه بلاء.. يبتلى فيه بالشكر.
وأحزانه بلاء يبتلى فيه بالصبر.
ولا يزال بين البلاءين حتى يلقى الله.
وتطغى الأحزان على من جهل أصل الحياة وحقيقتها.. وذلك حين يستسلم لأنكادها.. ويصنع منها مأساته.. وبأساءه.. جاهلاً دواء الأحزان.. ومنهج مدافعتها في الحياة.. فكيف ذلك؟.
مختارات