" احـذر "
" احـذر "
شرف عظيم ونعمة عظمى من الله عز وجل أن جعلك تخدم الإسلام واحمد الله أن يسر لك هذا الأمر.
ومما يبطئ العمل وقد يوفقه أمور لا تخفى على فطن مثلك ومنها:
احذر الكسل والفتور: فإنه يقعد عن العمل ويضيع الأوقات والفرص والمناسبات، وربما تحول إلى داء يستمر معك ولا يتركك.
احذر الرياء والسمعة: فإنه يقتل العمل وقد يحبطه.
تجنب حظوظ النفس: التي من أبرزها الأنانية ونسبة الأعمال إليك وتقليل عمل من كان معك.
تجنب التذمر والتشكي: فإن ذلك من أنواع المنة والعياذ بالله، بل كن صامتا محتسبا.
إياك والانقطاع عن العمل: كثير يأخذه الحماس ليوم أو يومين لكنه بعد ذلك يتوقف، والعمل المستمر حتى وإن كان قليلا فإنه أدعى للاستمرار يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل ".
تجنب الحقد والحسد والكبر، وطهر القلب:
قال الغزالي: والقلب بيت هو منزل الملائكة ومهبط أثرهم، ومحل استقرارهم، والصفات الرديئة مثل: الغضب والشهوة والحقد، والحسد والكبر والعجب وأخواتها، كلاب نابحة، فأنى تدخله الملائكة وهو مشحون بالكلاب.
ابتعد عن الاندفاع والعجلة: من عمل في المجال الدعوي يرى أن الساحة تحتاج إلى أضعاف الجهود المبذولة وقد يدفع هذا بالبعض إلى التسرع والعجلة رغبة في تحصيل الخير وسد الثغرات، والعمل الدعوي يحتاج إلى الأناة وعدم العجلة والتريث وإعطاء الأولويات حقها.
ولذا كان التوقف هو داء الأدواء وأخطر الأمراض، وحديث النبي صلى الله عليه وسلم " خير العمل أدومه وإن قل " نبراس لمن أراد العمل.
وليكن الرفق حاديك ولصيقك فإنه أدعى للقبول، وقد كان الأنبياء عليهم السلام ديدنهم الرفق بأممهم والمجادلة بالتي هي أحسن استجابة لأمر الله تعالى وسعيا نحو فتح القلوب وقد أمر الله موسى وهارون عليهما السلام بالرفق بفرعون: " اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى " وفي الحديث: " إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله " [متفق عليه].
احذر حب الرياسة والتصدر: فإنها مهلكة للنفس الضعيفة جالبة للرياء والسمعة، قال الفضيل بن عياض: " ما أحب أحد الرياسة إلا أحب ذكر الناس بالنقائص والعيوب ليتميز هو بالكمال، ويكره أن يذكر الناس أحدًا عنده بخير، ومن عشق الرياسة فقد تودع من صلاحه ".
ابتعد عن مواقف التهم:
أنت في عين المجهر وتحت الأنظار، الحركة تحسب عليك والزلة تحط من قدرك، ومن يتصيد الأخطاء كثر من الكفار والمنافقين ومن في قلوبهم مرض؛ بل وبعض الأخيار بحسن نية أو بجهل، روى البخاري في صحيحه أن أم المؤمنين صفية رضي الله عنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة، ثم قامت تنقلب، فقام النبي صلى الله عليه وسلم يقلبها أي يردها إلى منزلها، حتى إذا بلغت باب المسدد مر رجلان من الأنصار، فسلما على النبي صلى الله عليه وسلم فقال لهما: " على رسلكما، إنما هي صفية بنت حيى " فقالا: سبحان الله يا رسول الله، وكبر عليهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الشيطان يبلغ من ابن آدم مبلغ الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا ".
قال ابن حجر: وفيه التحرز من التعرض لسوء الظن والاحتفاظ من كيد الشيطان.
وقال ابن دقيق العيد: وهذا متأكد في حق العلماء، ومن يقتدى به، فلا يجوز لهم أن يفعلوا فعلا يوجب سوء الظن بهم، وإن كان لهم فيه مخلص؛ لأن ذلك سبب إلى إبطال الانتفاع بعلمهم.
احذر اليأس وعليك بالتفاؤل وحسن الظن بالله عز وجل: فإن هذا باب لانشراح الصدر وزيادة العمل؛ في غزوة الأحزاب وقد بلغت القلوب الحناجر وزلازل المؤمنون زلزالاً شديدًا في وسط هذا الجو المظلم والموضع الحرج يبشر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة بسواري كسرى، حتى قال البعض: يذكر لنا سواري كسرى وأحدنا لا يستطيع أن يذهب ليقضي حاجته.
إنه بعث الأمل وإشاعة التفاؤل في المجتمع وبين الناس وأثره واضح جلي.
مختارات