" أنموذج من الصالحات "
" أنموذج من الصالحات "
التقى الشعبي - رحمه الله - مع شريح القاضي -رحمه الله- ذات مرة، فسأل الشعبي شريحًا، عن حاله في بيته، فقال له شريح: من عشرين عامًا لم أر ما يغضبني من أهلي !! فقال له الشعبي: وكيف ذلك؟ فقال شريح: من أول ليلة دخلت على امرأتي، رأيت فيها حسنًا وجمالاً نادرًا، فقلت في نفسي: فلأطهر وأصلي ركعتين شكرًا لله !! فلما سلمت من صلاتي، وجدت زوجتي تصلي بصلاتي، تسلم بسلامي.
فلما خلا البيت من الأصحاب والأصدقاء، قمت إليها، اقتربت منها، لأصيب منها ما يصيب الرجل من زوجته، فقالت لي: على رسلك يا أبا أمية !! كما أنت !!
ثم قالت: الحمد لله، أحمده وأستعينه، وأصلي على محمد وآله، إني امرأة غريبة عنك !! لا علم لي بأخلاقك !! فبين لي ما تحب أن آتيه فآتيه، وما تكره فأتركه !! ثم قالت: إنه كان في قومك من تتزوجه من نسائكم وفي قومي من الرجال من هو كفء لي !! ولكن إذا قضى الله أمرًا كان مفعولاً !! قد ملكت فاصنع ما أمرك الله به: إمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان !! أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولك !!
قال شريح: فأحوجتني -والله يا شعبي- إلى الخطبة في ذلك الموضع، فقلت: الحمد لله، أحمده وأستعينه، وأصلي على النبي وآله وأسلم، وبعد: فإنك قلت كلامًا إن ثبت عليه يكن ذلك حظك !! (أي يكن خيرًا كثيرًا لك) وإن تدعيه يكن حجة عليك !!
ثم قال: وإني أحب كذا وكذا، وكذا وكذا، وأكره كذا وكذا، وما رأيت من حسنة فانشريها !! وما رأيت من سيئة فاستريها !!
فقالت لي: كيف محبتك لزيارة أهلي؟ فقلت: ما أحب أن يملني أصهاري !! (لا أحب أن يكثروا من الزيارة باستمرار فأمل منهم).
فقالت: فمن تحب من جيرانك، أن يدخل دارك فآذن له؟ ومن تكره فأكره؟
فقلت: بنو فلان قوم صالحون، وبنو فلان قوم صالحون، فأذني لهم !! وأما بنو فلان وبنو فلان فقوم سوء، فلا تأذني لهم !!
قال شريح: فبت معها تلك الليلة بأنعم ليلة !! وعشت معها عامًا كاملاً، لا أرى منها إلا ما أحب وأتمنى.
فلما كان رأس السنة الجديدة، رجعت من مجلس القضاء إلى بيتي، فإذا بفلانة في بيتي!! فقلت: من هذه المرأة؟ فقالوا: ختنك - أي أم زوجتك - !! فالتفتت إلي وسألتني: كيف رأيت زوجتك يا أبا أمية؟ فقلت: خير زوجة !!
فقالت: يا أبا أمية، إن المرأة لا تكون أسوأ حالاً منها في حالين:
إذا ولدت غلامًا، أو حظيت عند زوجها !! (أي شعرت بحبه وتعلقه بها) فوالله، ما حاز الرجال في بيوتهم شرًا من المرأة المدللة!! فأدب ما شئت أن تؤدب!! وهذب ما شئت أن تهذب !!
قال شريح: فمكثت معي تلك المرأة عشرين عامًا، لم أعقب عليها في شيء إلا مرة واحدة، وكنت فيها مخطئًا !! ثم ماتت - رحمها الله -.
وقفة
قيل لأبي عثمان النيسابوري: ما أرجى عمل عندك؟ قال: كنت في صبوتي يجتهد أهلي أن أتزوج فآبى، فجاءتني امرأة فقالت: يا أبا عثمان ! أسألك بالله أن تتزوجني، فأحضرت - أباها - وكان فقيرًا فزوجني منها، وفرح بذلك، فلما دخلت إلي رأيتها عوراء عرجاء مشوهة !! قال: وكانت لمحبتها لي تمنعني من الخروج، فأقعد حفظًا لقلبها، ولا أظهر لها من البغض شيئًا، وإني على جمر الغضى من بغضها، قال: فبقيت هكذا خمس عشرة سنة حتى ماتت، فما من عملي شيء هو أرجى عندي من حفظي لقلبها ( Normal 0 false false false MicrosoftInternetExplorer4 /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name: " جدول عادي " ; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent: " " ; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family: " Times New Roman " ; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} صيد الخاطر).
همسة
أخي الشاب:
لابد من توفر شروط الاستقامة في شخصك حتى تفوز بيد الزوجة الصالحة، فهي تبحث عن رجل صالح خلقه القرآن، يمتثل لأمر الله عز وجل وأمر رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.. وأني للاهٍ ساهٍ أن يخطب الحسناء.. ومن يخطب الحسناء لم يغلها المهر.. ومن أول ثمار تفكيرك بالزواج من امرأة صالحة أنك تفكر في إصلاح نفسك.. وهذه نعمة عظيمة وبداية للخير سديدة.
جمع الله بينكما على خير، ورزقكما الذرية الصالحة في دوحة هنية سعيدة.
أخي الحبيب:
لن تندم أبدًا وأنت تطيع أمر الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: «عليك بذات الدين تربت يداك» فقر عينًا، وأكثر من الدعاء بصلاح الذرية !.
مختارات